تشكيليون: الحداثة شرطها الإقناع

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

جرت العادة أن يلمّ الإنسان حين يشتغل في مجالات غير مهنية، سواء أكان في الموسيقى أو الرياضة أو غير ذلك، بالقواعد الأساسية لهذه الأعمال. غير أن تجربة المشتغلين في التشكيل لا تزال قيد التقييم، وهم يقدمون أعمالاً فنية تحت مسمى الحداثة، متجاوزين أي معرفة بالأساسيات الفنية لهذا الفن، وهو ما حدث منذ ظهور الاتجاه المفاهيمي، والبوب آرت والفيديو آرت وغيرها من اتجاهات. مع العلم أن رواد المدارس الحديثة مثل بيكاسو رائد التكعيبية مرّ بالمرحلة الواقعية التي قادته فيما بعد إلى التكعيبية.

فهل يمكن أن يقدم الفنانون أعمالاً لها علاقة بالحداثة وما بعد الحداثة، دون الاستناد إلى تاريخ فني ومعرفة بالأساسيات الفنية. وهل يمكن أن ينقل الفنانون تجاربهم التقليدية إلى الفنون الحديثة. «البيان» حملت هذه التساؤلات لثلة من الفنانين الذين أكدوا أن الأمر مقبول في حال استطاع هذا الفنان أن يقدم فناً مقنعاً؛ لأن بعض الفنون الحديثة لها القدرة على تجسيد الواقع أكثر من الواقعية نفسها.

توجهات مختلفة

«أنتقل أحياناً إلى تجارب جديدة، خاصة أن التكنولوجيا وفرت أشياء كثيرة ومن الممكن استخدامها».. بهذه العبارة استهل الفنان خليل عبدالواحد مدير إدارة الفنون التشكيلية في «دبي للثقافة» حديثه، موضحاً أن الفن ليس محصوراً بأفق وتوجهاته مختلفة، والتنوع في المحصلة شيء جميل وصحي، على أن يكون بإدراك ومعرفة وقناعة.

وقال عبدالواحد: في الوقت الراهن نرى أن توجهات الأفراد والأطروحات للاتجاه المفاهيمي، والساحة الفنية أعطت الفرصة لفنانين دون اتباعهم مدارس فنية تقليدية، أو معرفة بأساسيات الرسم. وفي مثل هذه الحالات نجد الاختلاف بين فنان وآخر، فهناك من يقدم تجارب بإدراك ومعرفة، خارج التقليد. وأضاف: ولو ناقشنا وجهة النظر وسلبية الأمر، فإن هذا شيء جميل. ولكن في ذات الوقت أشجع على أن يكون الفنان ملمّاً بالأساسيات وأن يتنقل بين المراحل وصولاً للنضج. ومع ذلك، هناك من يقدم أعمالاً مميزة وليس له أي اطلاع على أسس الرسم، وفي ذلك كسر لقواعد «الرسم بالمعرفة».

وختم عبدالواحد حديثه قائلاً: أنا من الذين شجع المتدربين، حين تدريسي للفن، على تعلم الأساسيات وعدم تقييد أنفسهم بشيء.

حداثة وتراث

من جهتها، قالت الفنانة خلود الجابري: أنا مع فكرة الواقعية وأن يبدأ الفنان من الواقعية ويكون لديه حرية بالعمل، وبالتأكيد في كل مرحلة من الفن هناك اشتغال على فكرة، إلى أن يصل البعض إلى تجارب الحداثة. وأضافت: هناك فنانون تعاملوا فوراً مع الفن الحديث، واشتغلوا على الفكرة ليتركوا التنفيذ لشركات لديها معدات خاصة.

وتابعت الجابري: اشتغلت على أعمال على الرغم من أنها حداثية فإن لها علاقة بالواقع والتراث والماضي، إذ استخدمت فيها أخشاباً قديمة من مراكب قديمة أحضرتها من مكان صناعة المراكب وعملت عليها من فكرة كيف نوظف الفن. وأضافت: الفكرة لها علاقة بطفولتي وبعد أن أخذت هذه القطع، حولتها إلى أعمال وربطتها بقطع الحديد، ضمن فلسفة من سيتحدى الزمن. وعرضتُ العمل في دبي. وفي عمل آخر أخذت شكل جذور الأشجار التي تبدو كأنها قطعة مثل النحت، وعرضته في معرض الذي نظمته دائرة الثقافة والسياحة أبوظبي.

وختمت الجابري بأن مثل هذه القطع الحديثة في التنفيذ تخدم المجتمع، أو الإنسان؛ لأن الفنان يريد أن يقول معلومة ويوظف فكرة ترجع للمجتمع بالنفع حين يقدم عملاً فنياً. وقالت: في النهاية أرى أن العمل الفني يكرّس للجمال وليس للبشاعة، وهناك من يقدم أعمالاً تحت مسمى الحداثة مشوهة للإنسان.

مساحة نقاش

يذكر الفنان والقيّم الفني ناصر عبدالله أن الفنان الراحل حسن شريف قال ذات مرة عن أعماله المفاهيمية: «أنا واقعي أكثر ممن يرسمون الواقعية»، هناك فنانون على مستوى العالم بدؤوا من مستويات ومسارات فنية مختلفة.. وهناك آخرون يتدرجون في الفن. وأوضح عبدالله: هناك فنانون بدؤوا من دون معرفة تقليدية، لكنهم امتلكوا الموهبة والفلسفة الذهنية، فالقدرة على مواكبة الفنون الحديثة بنيت على أساس فلسفات وأفكار كبيرة. وأضاف: إن فكرة الواقعية ليست مرتبطة بالرسم وتمثل الواقع، وهناك أكثر من مشهد واقعي لبعض الأشخاص. وهذا الأمر يتأرجح بين الصواب والخطأ، وللإجابة عن سؤال: «هل هو مقبول؟»، يجب أن تكون هناك مساحة من النقاش، أكد عبدالله أن الذي يهمنا في النهاية أن يكون قادراً على إنتاج أعمال جيدة بغضّ النظر على تاريخه الفني.

Email