استخدم في الطب الشعبي وكبديل للحم في تحضير الولائم

الفقع.. هبة الخالق وبشارة الربيع

ت + ت - الحجم الطبيعي

اعتاد أهالي الإمارات منذ القدم، بعد موسم سقوط الأمطار واستقبال فصل الربيع، الاحتفاء بموسم قطف «الفقع» أو ما يعرف محلياً بــــــ«الزبيدية»، حيث كان الصغار قبل الكبار يستقبلون، بلهفة، بشارة الموسم لينطلقوا باحثين تحت حبيبات الرمال وبين ثنايا الجبال على نبات الفقع، الذي يعتبر هدية الله بعد سقوط المطر.

وأوضح مالك الحبسي، نائب رئيس جمعية الحبوس للفنون الشعبية والتراث، أن الفقع يعتبر من النباتات التي يرغبها أهل الإمارات، ويحتفلون بقدومها، ويقول: «الأهالي وخاصة الأطفال منهم كانوا يحتفون بموسم الفقع، فكان الأطفال الصغار ينتشرون في المناطق السهلية وبين الجبال بحثاً عن الفقع، الذي كان يوزع بين الجيران والمعارف، وكان الفقع يعتبر أحد أنواع الخير الذي يسعى من خلاله قاطفيه وجامعيه الحصول على الثواب بعد توزيعه على المحتاجين».

وتابع الحبسي، إن للفقع طعماً لذيذاً ورائحة عطرية زكية، وكانت العائلات في مواسم ظهوره تعد الولائم وتجهزها، ويؤكل الفقع نيئاً ويطبخ ويشوى على الجمر. ومن أشهر أنواع الفقع البني ويكون مثل شكل البطاطس.

بدوره، قال عبيد حسين المطوع: «يحظى الفقع بمكانة كبيرة عند الآباء والأجداد، فكان الجميع صغاراً وكباراً ينتشرون بين السهول والمناطق الصحراوية والجبلية للبحث عنه، ويكثر الفقع في دبي وأبوظبي وأم القيوين وبعض مناطق رأس الخيمة وفي مدينتي الذيد والعين، واشتهرت بعض العائلات بخبرتها الكبيرة في جمع واقتلاع نبات الفقع، الذي يخلق وينمو بعد مرور حوالي شهرين من سقوط المطر لأول مره، بحيث يعرفون أماكن وجوده من خلال تشقق الأرض».

وشرح المطوع طريقة اقتلاع الفقع: «اقتلاع الفقع والبحث عنه يبدأ من ساعات الفجر الأولى، حيث يكثر تحت السهول وبين الجبال، يأتون بــــــ «حطبه» ويحفرون حول نبات الفقع شيء بسيط، ويتقلعون الفقع بواسطة الحطبة، وكانوا يحرصون على الاحتفاظ بنبات الفقع في مكان بارد ومظلم لحين نقله بسلام للمنزل».

الطب الشعبي

وقال سعيد راشد الظهوري (طبيب شعبي)، إن «الفقع» هو هبة من الله للبشرية، له فائدة عظيمة على صحة الإنسان، فكان يستخدم في الطب الشعبي، لعلاج عدة أمراض، إذ يعتبر بمثابة وصفة سحرية للأم المرضعة، ويقول: «كان الأهالي في السابق يأتون بالفقع الذي يحول عليه الحول، ويقومون بدقه وتنعيمه ويضعونه في وعاء من الماء، ويستخدم لعلاج نقص إدرار الحليب في أثناء الرضاعة الطبيعية أو توقف الثدي عن إنتاج الحليب، كما يستخدم لرخي الأعصاب والعضلات».

وأشار الظهوري إلى أن الفقع يحتوي على قيمة غذائية كبيرة ويحتوي على كمية من البروتينات والفيتامينات ولا يحتوي على الدهون، كما يعالج ماء الفقع بعض أمراض العيون.

المطبخ الشعبي

عائشة الدهماني (أم ناصر) المتخصصة في الشأن التراثي، قالت إن الفقع يستخدم كبديل عن اللحوم في تحضير الأطباق الشعبية، وأهمها «المجبوس» و«الصالونة» وكذلك «البرياني»، وأضافت : «كان الفقع يستخدم عوضاً عن اللحوم، وكانت بعض الأسر تستخدمه بدلاً عن البطاطس، وطريقة تحضيره تبدأ من تنظيفه من الأتربة والرمال ومن ثم تقشيره للتخلص من جلدتها، وكان يطهى مع البصل والبهارات، ويتميز برائحته الطيبة، ومذاقه الأقرب لطعم اللحم».

ولفتت أم ناصر إلى أن الفقع ذا اللون البني هو الصالح للأكل، أما الفقع الأسود فهو السام.

Email