الدهريز

مؤرخونا الأقدمون (1-5)

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر جمعُ وتوثيقُ تاريخ البلاد مسألةً في غاية الأهمية، وهي تزدهر خلال حقب التنوير وازدهار الحياة الثقافية والنشاط العقلي المتعلق بها.

وقد شهدت الأوساط الثقافية في الإمارات محاولات متعددة لتدوين أحداث ووقائع التاريخ المحلي تعود بواكيرها إلى أواسط القرن التاسع عشر الميلادي، وقد بدأت على شكل حوليات بسيطة تقتصر على إثبات تواريخ بعض الحوادث المهمة دون الخوض في تفاصيلها ونتائجها، وأشهر من يمثل هذا النمط من الكتابة كل من: يوسف بن محمد الشريف، وحميد بن سلطان الشامسي، وراشد بن سلطان الكيتوب، ومحمد بن عبدالله المدفع، والشيخ محمد بن سعيد بن غباش.

ثم تطورت الكتابة التاريخية إلى مؤلفات موضوعية تتناول التاريخ المحلي بشكل مفصل إلى حد ما، وجمعت بين التاريخ وعلم الأنساب إضافةً إلى لمحة عامة عن الحياة في الإمارات من جوانبها المختلفة، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ولعل خيرَ من يمثلها كل من حميد بن سلطان الشامسي، والذي جمع في تاريخه بين النمطين كما سيمر بنا لاحقاً، والمؤرخ الأشهر الشيخ عبدالله بن صالح المطوع.

وقد أتيح لأكثر تلك المؤلفات التاريخية التحقيقُ والنشر على يدي الدكتور فالح حنظل منذ عقد الثمانينات، لكن تلك المؤلفات لم تنتشر على نطاق تجاري نظراً لاحتوائها على معلومات اقتضت المصلحةُ الوطنية آنذاك عدمَ نشرها، فتم تداولها بطريقة التصوير، بينما بقي بعضُها مخطوطاً كما أن بعضها الآخر عبارة عن حوليات موجزة تضمنتها وريقات قليلةُ العدد جداً، وسوف نلقي الضوء في هذه الحلقات المتتابعة على تلك المؤلفات والكتابات التاريخية مع بيان مجمل محتواها ونمط تأليفها وأهميتها، بهدف تعريف أبناء الجيل الجديد من مواطني الدولة بكتابات أسلافهم واهتمامهم بإثراء الساحة الثقافية، ولا شك أن تلك المؤلفات تسهم في حركة التنوير والاستفادة من تجارب الأجيال السابقة في بناء الحياة المعاصرة والتخطيط للمستقبل، من خلال تعزيز الجوانب الإيجابية وتفادي الجوانب السلبية في مسيرة المجتمع عبر العصور. إضافة إلى دورها في تعزيز الهوية الوطنية والولاء والانتماء للوطن.

Email