الحاصلة

إنتاج العسل في الإمارات من كهوف الجبال إلى المصنع

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن إنتاج العسل من المهن المستمرة في القديم الغابر، ورغم اشتهار دولة الإمارات منذ القدم بإنتاج أفضل وأجود أنواع العسل، إلا أن الدولة لم تشهد وجود تجار للعسل كما في الوقت الحالي، ولكن كان العسل يستخدم لتكريم الضيف وفي الطب الشعبي والاستهلاك اليومي. ومع وتيرة التطور الحضاري التي شهدتها الدولة، تم استحداث المناحل الحديثة، ومنها إنتاج كميات وفيرة من العسل الشافي، وصولاً إلى تدشين أول مصنع في الدولة لإنتاج وتصدير العسل.

مواسم

للحديث عن إنتاج العسل وتطور المناحل في الإمارات، أوضح النحال مانع الكعبي صاحب شركة عسل حتا، أن إنتاج العسل في دولة الإمارات مرتبط بثلاثة مواسم رئيسية، ويعتمد على موسم سقوط الأمطار.

وتشتهر الإمارات منذ القدم بثلاثة أنواع من الأعسال، وهي؛ السمر، السدر، الغاف، ويقول موضحاً: «عسل السمر يبدأ من شهر أبريل إلى يونيو، أما الغاف فيكون في شهر مايو إلى يوليو، وعسل السدر يبدأ جنيه من شهر سبتمبر إلى نوفمبر. وارتبط اسم عسل الغاف بشجرة الغاف المعروفة في دولة الإمارات، والتي تكثر في المناطق الصحراوية الرملية وتم زراعتها بحديقة المشرف بدبي، وفي جوانب الطرقات السريعة، وهي شجرة قديمة كان الناس يأكلون أوراقها في فترات القحط وقلة الأمطار، حيث يرعى النحل من زهرتها التي تسمى «الخريط» قديماً.

ويتميز عسل الغاف بنسبة السكريات العالية جداً وهو من الأعسال التي تتبلور، أما بالنسبة لعسل السمر، فهي شجرة شوكية تشتهر بها المناطق الجبلية والسهول الصخرية، ويرعى النحل من زهرتها "البرم"، وبالنسبة لعسل السدر الذي يتم استخلاصه من زهرة "اليبياب" وهي شجرة مذكورة في القرآن الكريم، والرسول صلى الله عليه سلم نهى وحذر من اقتلاعها وقطعها، ولها استخدمات عدة، حيث كان الآباء الأولون يستخدمون ثمرتها في الطعام وورقها في غسل الموتى، وحطبها لإشعال النار عدا عن ذلك تمتاز بظلها البارد الظليل».

ومن ضمن المسميات المحلية القديمة للنباتات والأشجار التي كان يستخلص منها العسل، تأتي شجرة «القرط» ونباتات «الشكاع»، «المرخ»، «الخرمان»، «الشوع» و«الحدوم»، وغيرها من النباتات الموسمية المرتبطة بسقوط الأمطار.

بحث

يشير الكعبي إلى أن الساحل الشرقي في دولة الإمارات يشتهر بإنتاج العسل وتحديداً في منطقة حتا وخورفكان والفجيرة ورأس الخيمة، وكان إنتاج العسل في الماضي يعتمد على طريقة البحث في كهوف الجبال بنسبة 90%، كما كانت تستخدم جذوع النخيل في تربية النحل وإنتاج العسل عن طريق حفر هذه الجذوع وتربية النحل بداخلها. وأوضح الكعبي أن العسل يعتبر من الأطعمة الموسمية التي يتم قطفها في ثلاثة مواسم في السنة، ولم تكن تمثل مهنة مستمرة في تلك الأثناء، ولم تشهد الدولة وجود تجار للعسل بشكله الحالي، بل كان العسل يستخدم لتكريم الضيف وفي الطب الشعبي والاستهلاك اليومي.

تطور الإنتاج

وعن تطور إنتاج النحل في الإمارات، يقول الكعبي: «كنت في الماضي أبحث في المواقع الجبلية وفي بيوت النحل ومع استحداث خلايا النحل الحديثة وتطور المناحل في فترة الثمانينيات من القرن الماضي، سهل علينا إنتاج النحل، وبدأت عندها بإنتاج العسل عن طريق المناحل، وتعلمنا كيفية تربية ملكات النحل وإنتاج النحل بكميات كبيرة».

أول مصنع

من جهة أخرى، كشف مانع الكعبي، عن تدشين أول مصنع عسل على مستوى الدولة، مشيراً إلى أن المشروع سيكتمل خلال عام، وستمثل الكوادر الوطنية العاملة بالمشروع نسبة 50% من الفئتين الإشرافية والتنفيذية.

يقول الكعبي: «ستسهم حاضنة صناعة العسل في دعم القطاعات السياحية والبيئية والاقتصادية للمنطقة، بما يتضمنه المشروع من مرافق لرعاية النحل وإنتاج العسل وحبوب اللقاح وغذاء الملكات، ضمن مساحات خاصة تتيح للسائحين والزوار وطلاب المدارس، التعرف إلى رحيق النحل، واكتشاف خطوط الإنتاج والتعبئة والتغليف بالمواصفات والمقاييس والاشتراطات العالمية والتي ستعتمد على أحدث التقنيات المبتكرة. كما سيضم المصنع عدداً من أبرز الصناعات التحويلية المصاحبة للعسل مثل المكسرات والشوكولاته، فضلاً عن معرض مخصص لبيع منتجات العسل، وذلك ضمن مساحة تتجاوز 100 ألف متر مربع».

شكر وعرفان

وتوجه الكعبي بجزيل الشكر والعرفان إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على دعمه واهتمامه بمنطقة حتا وزيارته الكريمة للمنطقة ودعمه اللامحدود لمشاريع الشباب.

كما توجه بالشكر إلى فريق المكتب التنفيذي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لاهتمامهم ومتابعتهم للمشاريع. وأشاد الكعبي بالدور الكبير لمؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة في دعم المشروع من الناحية العلمية والعملية من خلال توفير ورش العمل والدورات التدريبية، وتزويد المشروع بالأنظمة الحديثة، إضافة إلى الدعم الاستشاري من جهة تصاميم المشروع، فضلاً عن الدعم المادي الذي يقدر بنحو مليون درهم، وكذلك الدور الكبير لبلدية دبي في تخصيص الأراضي والمواقع الرعوية وزراعتها لأشجار السدر والسمر والغاف ضمن خطة أكسجين.

مواصفات

يتوقع مانع الكعبي أن يصل بمشروعه إلى العالمية، وأن تصل الطاقة الإنتاجية للمصنع 400 طن من العسل الطبيعي سنوياً، كما سيوفر المصنع خدمة للنحالين في الدولة كالتعليب والتعبئة والتغليف بالمواصفات العالمية.

 

Email