الفضائيات تسعى لخطب وده

«المشاهد - الزبون» على حق في سوق الإعــلام العربـي

ت + ت - الحجم الطبيعي

زخم هائل من البرامج التي تبثها الفضائيات، بعضها تأمل أن تكون قاعدة جماهيرية كبيرة، وأخرى تأمل تحقيق نسبة أكبر من الأرباح والإعلانات..وأخرى ذات أهداف ليست ببعيدة عن هذا النطاق .. (الحواس الخمس) يستكمل استطلاعه مع الإعلاميين المشاركين :

طلبات المشاهد

تأمل سهام الشريف المذيعة في فضائية الشارقة بأن يكون (المشاهد - الزبون) على حق في سوق الإعلام العربـي، مُتمنية ألا تعاصر الزمن الذي سيطالب فيه كل مشاهد بمذيع أو مذيعة آلية تُرفه عنه ببرنامج على مزاجه،ويستطيع بكبسة زر تغيير شكلها ولون شعرها وما ترتدي..موضحة بأنه لا جدال في أن يكون الإعلام والفن متوائمين يخدمان الجمهور ولكن لكل مجال صناعه حتى لا يعرف من هو الإعلامي الذي يمتهن الإعلام ،وحتى لا يكون الوسط الفني ذريعة التي يمارسها البعض في تحويل الفنان مقابل مبلغ يقبضه كضيف إلى علكة في الأفواه تتنقل بين البرامج الساخنة التي تزيد من جرعة الجرأة في كل موسم..مُتسائلة هل يرغب المشاهد العربي في مشاهدة برامج نسخ مشوهة لبرامج غيرنا بكل ما تحمله من موضوعات ومفاهيم لا تمت لنا بصلة ؟ وكأن صنوبر الأفكار عند العرب توقف ولم تعد لدينا أفكار تخصنا !

متسائلة أيضا عن مدى حاجتنا إلى التعري أمام الكاميرات زاعمين أنها من الشفافية والمصداقية لأنها ستجعلنا نعيش لحظة بلحظة قصص الحب المفبركة بين المراهقين، ونسعد بتمثيليات سخيفة بين المتزوجين تظهر خلافاتهم حول أتفه الأمور ثم تعتبرها خفة دم ! وهل انتهت كل قضايانا ومشكلاتنا ولم يعد لدى مجتمعنا العربي أي ميزات نظهرها بشكل ممتع لنلجأ إلى خدعة الشفافية وتلفزيونات الواقع المزيفة ؟!

وجهة نظر

محمد سليمان يوسف (المعد في مؤسسة دبي للإعلام) يقول : إن نجاح أي تلفزيون يقوم عادة على عدة عوامل أهمها على الإطلاق هو المشاهد، فالتلفزيون وسيلة التسلية والترفيه الأكثر شعبية في العصر الراهن والتلفزيون أيضا منبر للخطاب على اختلاف أنواعه ولذلك لا نجاح لأي لتلفزيون معين ما لم يوجد من يشاهده و يتلقى برامجه الترفيهية أو الثقافية أو الاخبارية..وغياب المشاهد يعني أن هذا التلفزيون يخاطب نفسه..ويمكن تقسيم التلفزيون في المنطقة العربية إلى فئتين، فئة التلفزيونات الحكومية وشبه الحكومية وهي ممولة من الحكومات ولا يهمها الربح والخسارة وإنما يهمها تقديم خطاب سياسي وتعبوي يخدم مصالحها ، وفئة ثانية هي التلفزيونات الخاصة القائمة على أساس المشروع التجاري وهذه المحطات هي التي تسعى إلى المشاهد وتعتبره زبونا وعميلا ولا تتدخر جهدا في جذبه أو المحافظة عليه وهي تدفع المال لإنتاج أعمال ترفيهية ونوعية قادرة على جذب الراعي والمعلن باعتبارهما مصدر المال..

ومن جانب آخر يوضح محمد بأنه قبل عقدين من الآن كانت وسائل الإعلام وهي في غالبها حكومية تتعامل مع المشاهد العربي بفوقية وتفرض عليه كل ما يخدم مصالحها من أفكار وأخبار وتحجب عنه كل ما تريد من خلال مقص الرقيب ، الوضع الآن وفي ظل ثورة الاتصالات وانتشار الفضائيات والانترنت لم يعد الحجب والمنع سهلا وبدأ مقص الرقيب بالتآكل وانحسر دور التلفزيونات الحكومية لصالح التلفزيونات الخاصة القائمة على أساس المشروع التجاري ، وإذا كان المشاهد العربي في الماضي مجرد متلقي يشاهد ما يريده الآخرون أصبح اليوم أمام طيف واسع من الاختيار وأصبح لديه الخيار ليشاهد ما يريده هو ، فإذا كان قادرا على الشراء من التلفزيونات «المشفرة» فهو يفعل ويعامل معاملة خاصة جدا، أما إذا كان يبحث عن المادة الإعلامية المجانية فهو أيضا صاحب خيار حيث يوجد حاليا أكثر من 700 تلفزيون مجاني ناطق باللغة العربية . مشيرا إلى أن مسألة العرض والطلب هو منطق التجارة ،أعطني ما لديك من سلع وخذ ما يناسبها من مال ، قد لا يكون منطق السوق واضحا في مجال الإعلام بشكل مباشر لكنه بالتأكيد موجود بشكل غير مباشر فالتلفزيون يدفع الكثير من المال من أجل استقطاب المشاهدين وعندما يصبح لديه مشاهدين يعيد بيع هؤلاء المشاهدين - بالمعنى المجازي- إلى المعلن وبالتالي في منطق التجارة لا يوجد شيء مجاني وذكاء القائمين على هذا التلفزيون أو ذاك هو المحدد الرئيسي لكيفية بيع السلعة، ولمن يتم يبيعها؟ ، وكيف يمكن الاستفادة منها؟ كما يؤكد محمد بأنه من الصعب حصر مقاييس نجاح التلفزيون كوسيلة إعلامية ، وعلينا أيضا أن نفرق بين التلفزيون الناجح والبرنامج الناجح ، كما يجب أن نفرق بين تلفزيون ناجح من حيث عدد المشاهدين وتلفزيون ناجح من حيث الدخل المالي.. قد نجد تلفزيونا ناجحا ولديه عدد كبير من المشاهدين لكنه ولظروف خاصة خاسر ماديا ، وقد نجد تلفزيونا عدد مشاهديه قليل لكنه رابح ماديا للأسباب لا مجال لذكرها الآن ، بالمقابل قد نجد تلفزيونا فاشلا لكن في الوقت نفسه لديه برنامجا ناجحا ويستقطب مشاهدين كثر كما يمكن أن نجد تلفزيونا ناحجا جدا لكنه في الوقت نفسه يقدم برنامجا فاشلا لا يشاهده أحد ،إذن من الصعب وضع معايير ومقاييس للنجاح تصلح للإسقاط على جميع التلفزيونات والبرامج ولكن يمكننا أن نقول هذا التلفزيون ناجح إذا كان عدد مشاهديه كبيرا ويحقق ربحا كما يمكن أن نقول هذا البرنامج ناجح إذا كان عدد مشاهديه كبيرا ويحقق ربحا.

نوعية البرامج

الإعلامي الاقتصادي مروان الحل يرى أن هناك الكثير من البرامج المفيدة والهادفة إلا أنه وللأسف الشديد ذات نسبة مشاهدة قليلة،ففي نظري أن الجمهور بات يبتعد فعلا عما يفيده ! وفي المقابل فهناك برامج تافهة وفاشلة وسيئة إلا أنها أيضا لها نسبة من المشاهدين الذين ربما يجدون في تلك البرامج ضالتهم ! مضيفا : أن نسبة مشاهدة أي برنامج ترتبط بالراعي،فكلما حقق البرنامج جماهيرية كلما تنافس الرعاة على رعايته والإعلان فيه أيضا.

رضا الجمهور غاية لا تدرك

فهد العامري المذيع في قناة الظفرة يقول : بطبيعة الحال فإن الفضائيات تتنافس فيما بينها على كسب قاعدة جماهيرية كبيرة، ولكن الذي يجب التيقن به في النهاية بأن رضا الناس أو الجمهور غاية لا تدرك ! فهناك جمهور يشاهد بشغف هذا البرنامج،وذلك يكره برنامجا ما،وذاك أيضا يطالب بتوقف البرنامج الذي يرى أن عدمه أفضل بكثير من وجوده..ويطالب العامري كل مشاهد لا يعجبه برنامج ما على أية فضائية بأن لا يحرق أعصابه بل عليه أن يغير القناة فقط لا غير ! ويأمل العامري عرض برامج تحقق فائدة الجمهور ويا حبذا لو تم تقديم تلك البرامج في نطاق العادات والتقاليد التي لا غنى لنا عنها أبدا.

Email