قدمت الفنانة شفى غدّار معرضاً منفرداً بعنوان «وقفات مغايرة»، والذي ألقى الضوء من زاوية مبتكرة على الأسلوب القديم في صناعة اللوحات الجدارية، بُغية تحدّي «الجدار» وفكرة الإنجاز إلى جانب العديد من الرؤى الفلسفية بين الوقت والمكان، في المعرض الذي اختتم أول من أمس، وهو المُخرَج العام الثالث والأخير من مُخرَجات برنامج الممارسة النقدية لموسم 2018 - 2019 الذي ينظمه مركز «تشكيل».

وحول استعانة الفنانة شفى خلال تصديها لإشكاليات صناعة الجداريات، بالبحث المكثف في الأسلوب التقليدي التاريخي الذي بدأت في دراسته في العام 2012 في مدينة فلورنسا الإيطالية تقول: لا أعتقد أن عملي يتجذر في أصول أو تجارب معينة حالياً.

لكن إذا رجعنا بالزمن 10 سنوات أو أكثر، عندما تخرجت في الكلية، أعترف أن عملي حينها كان يتجذر في مكانين أولهما منزل أهلي، والذي على الرغم من أن الحرب لم تدمره، لكنها خربته بطريقة أثرت على بنائه وأدت إلى تفسخ جدرانه وأسطحه. قمت بتوثيق أسطح ذلك المنزل وأنواره. وهذا ما أثمر عن مجموعة من الأعمال الفنية التي عرضتها في «مركز بيروت للفن» عام 2012.

استراحة أخرى

وتضيف شفى أن اختيار عنوان المعرض هو جزء من التجربة الشاملة التي خاضتها خلال العمل على إنجاز أعمالها والتي تعبر عن حالة التغير المستمرة التي تطرأ على هذه القطع. ومن هنا يبزغ مفهوم الوقفات المغايرة. فداخل كل قطعة، ثمة تجاويف – وقفات مغايرة – تعكس حالة نمو مستمرة، والذي هو انعكاس للطريقة التي اختارت تقديم أعمالها خلال المعرض الذي يضم الكثير من الأعمال الجدارية.

لكنها ليست معلقة على الجدران. إذ يوجد اتصال بينها وبين أرضية المكان، وبعضها واقف على منضدة. وتشكل طريقة عرض الأعمال عنصراً رئيسياً في الفكرة التي أحاول التركيز عليها؛ فكرة أخذ استراحة من أمر ما، أو التوقف مؤقتاً، أو أخذ نفس. وبطريقة ما، لم تتوقف الأعمال عن التطور وإنما يتم تقديمها في وقفة زمنية معينة.

خرق السكون

وتضيف شفى: يستهويني خرق سكون الأسطح، إذ تجد هذه السمة في أعمالي حتى عندما أستخدم أكثر الألوان والمواد رقة ونعومة. وقبل عامين، قمت بإبداع سلسلة من الرسومات التي بدأت على شكل جروح ثم تحولت إلى أفكار أخرى مخزنة في ذهني. وأدركت أن كل الأعمال التي أقوم بها هي حرفياً أسطح جدارية من دم ولحم. وأعتقد أنني أسعى حقاً إلى ابتكار مساحة لا يميز المرء فيها بين المساحة المعمارية والجسد، حيث يندمجان إلى حدّ كبير ويؤلفان جسداً مادياً جديداً؛ هذا ما يعني استحضار مساحات معينة.

وفيما يتعلق باستكشاف اللوحات الجدارية الجصّية في الممارسات المعاصرة وغيرها من العمليات، تقول شفى: أعمالي في هذه المجال تجسد رحلة سبر مستمرة لأغوار المادة والمعنى، والمساحات والموضوعات، والتقنيات والوقت؛ ما يجعلها أشبه بأعمال تزخر بالأهمية على عدة صعد، وتستجيب للمرئي واللامرئي.