وزير الثقافة المغربي: الفنون طاقة متجددة والفعل الثقافي يصلح ما أفسدته الجائحة

"أصيلة" المغربية تنتصر على "كورونا" وتحتفي بالفكرة واللون

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كسبت مدينة أصيلة  المغربية التحدي في مواجهة جائحة «كورونا»، وشرعت جدران أحيائها وساحاتها وقاعاتها، لإقامة تظاهرة فنية وثقافية، نظمتها مؤسسة منتدى أصيلة، لبعث الأمل والطمأنينة واستعادة بعض من أجواء البهجة التي كان يضفيها موسمها الثقافي الدولي على المدينة وساكنتها كل عام في مثل هذه الأيام.

المؤسسة التي قررت في شهر مارس الماضي تأجيل تنظيم موْسم أصيلة الثقافي الدولي 42 الذي كان مرتقباً هذا الصيف إلى صيف 2021. بادرت، في إطار سعيها إلى إحياء دينامية العمل الجمعوي في المدينة في ظل جائحة فيروس «كورونا» بالمملكة المغربية، إلى تنظيم هذه التظاهرة بين 13 و31 يوليو الجاري «للمساهمة في إذكاء شعور السكان بالمرح والطمأنينة عن طريق الفنون التشكيلية كأداة لمقاومة القنوط والاكتئاب».

وتضافرت جهود المؤسسة ونخب المدينة من فنانين ومثقفين وإعلاميين وناشطين في المجتمع المدني، بمؤازرة الساكنة وترحيبهم، في تنفيذ برنامج الأنشطة الذي انطلق في الخامس عشر من الشهر الجاري، وكان الحصاد ثرياً ومميزاً في الكم والنوع والمحتوى، بينما جاء الافتتاح تأكيداً لشعار الفن وسيلة للتعافي من تداعيات جائحة «كوفيد 19».

جولة على الإبداعات

 وأقيم الحدث، في موعده المحدد، أول من أمس، في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، بمشاركة وفد رسمي مغربي ضم وزير الثقافة والشباب والرياضة عثمان الفردوس، ورئيسة الجهة «طنجة- تطوان- الحسيمة» فاطمة الحساني، ومحمد بن عيسى وزير الخارجية المغربي الأسبق، والأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة.

الثقافة طاقة متجددة

وفي كلمة له بالمناسبة، أكد وزير الثقافة المغربي أن «الثقافة قد تشكل دواء لكل ما أفسدته جائحة «كورونا»، وبإمكان الثقافة أن تساعد على التعافي». وأعرب الفردوس عن سعادته لزيارة مدينة أصيلة التي اعتبرها «منظومة ثقافية متكاملة، ونموذجاً لما يمكن أن نقوم به في ما يتعلق بإعادة تنشيط التنمية المحلية والسياحة وقطاع الثقافة، وغيرها..».

 وأضاف قائلاً: «في مدينة أصيلة، يتبين أن الثقافة والفنون تعتبر بمثابة طاقة متجددة، إنها كالشمس، من يقبل على الثقافة ويقوم بخطوة نحوها يجد طاقة الشباب والمبدعين والفنانين».

 كما دوّن وزير الثقافة المغربي على صفحته في «فيسبوك» قائلاً: «لوحة موناليزا للفنان معاد الجباري معروضة على أسوار مدينة أصيلة.. أصيلة نموذج حي لمنظومة ثقافية كثيفة ومستديمة.. أعمال فنانين مغاربة (إكرام القباج) وأجانب (سيباستيان) في كل التقاطعات .. ورشات لتعليم الأطفال فن الرسم الحائطي وأجيال من الفنانين الفخورين... حتى المرصفات الأرضية لأزقة المدينة مرسومة من طرف محمد المليحي.. «ما أفسدته الجائحة يمكن أن تصلحه الثقافة».

ثقة وطمأنينة

ولدى سؤاله عن انطباعاته، حيال التظاهرة الفنية ورسالتها، بادرنا الأمين العام المؤسسة منتدى أصيلة محمد بن عيسى بالقول: «إنني في غاية الاطمئنان، لأن هذه التظاهرة تولاها شباب أصيلة من الفنانين، وكانوا على قدر الثقة، وتحملوا مسؤولية التنظيم، وعبروا بذلك عن قدرتهم على متابعة المسيرة وتطويرها. دوري كان ترشيداً في البداية ودون فرض أي اختيار أو توجّه. وتعمدت أن يتحمل الشباب مهمة تنظيم التظاهرة من ألفها إلى يائها».

تحية ودعم

من جهتهم، شارك مجموعة من المفكرين والأدباء والمثقفين والشعراء الذين شاركوا في مواسم أصيلة الثقافية الدولية السابقة برسالة مسجلة عن طريق الفيديو تحمل تحية البحرين إلى أهالي أصيلة ومنتداها وأمينها العام محمد بن عيسى. والمشاركون في الرسالة هم: المفكر علي محمد فخرو، قاسم حداد، نبيل يعقوب الحمر (مستشار ملك البحرين)، علي عبد الله خليفة، بهية الجشي، محمد الخزاعي، سميرة رجب، مصطفى النعمان، كريم العريض، باقر النجار، هلا آل خليفة، جمال فخرو، رياض حمزة، ومن دولة الإمارات العربية المتحدة راشد العريمي.

جولة على الإبداع

وقام الفردوس بجولة على الأماكن التي نفذت فيها الجداريات على أسوار المنطقة القديمة في المدينة، بمشاركة 14 فناناً من جيل المبدعين المغاربة المرموقين، والتقى خلالها عدداً منهم، وتفقد مشغلاً مماثلاً للفنانين الصغار خاصاً بأطفال أصيلة، ومعرضاً لأعمال مختارة للفنانين المشاركين احتضنه رواق المعارض في مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية.

وفي السياق ذاته، شهد وزير الثقافة المغربي افتتاح معرض لأعمال الفنانين الصغار المنجز في «مرسم الطفل» في موسم أصيلة 2019، ومعرض للفنانين الزيلاشيين الشباب (الزيلاشي هو ابن مدينة أصيلة) في قصر الثقافة، وتنظيم ورشة للكتابة حول بورتريهات الفنانين المشاركين.

 

 منحوتة «حسن المقام»

واختتم الفردوس جولته يرافقه محمد بن عيسى وجمع من الفنانين، لافتتاح منحوتة نفذتها الفنانة المغربية، إكرام القباج بعنوان «دارات» أي حسن المقام. عن عملها قالت القباج: «إن إنجاز هذا العمل الفني جاء بفضل مؤسسة منتدى أصيلة وبدعم وتعاون مع شركات خاصة». وأوضحت القباج «أن المنحوتة عبارة عن فن عمومي، والنحت ليس غريباً عن مدينة أصيلة، التي تحتضن ساحاتها حوالي 30 منحوتة، وتهتم كثيراً بالفن العمومي، والنحت على وجه الخصوص، وأعربت عن أملها في أن يزيد هذا العمل مدينة أصيلة، الحاضرة العتيقة، جمالاً ورونقاً».

 

الفن والوقاية من الوباء

وكانت ظلال «كورونا» حاضرة بقوة في الجداريات التي يعمل التشكيليون على إنجازها، إذ رسم الفنان محمد العنزاوي، جدارية مستوحاة من اللوحة الشهيرة لبابلو بيكاسو المناهضة للحرب بعنوان «غيرنيكا»، إلا أنه قام بتغيير ملامح الأشخاص الموجودين فيها، إذ حرص على إلباسهم أقنعة واقية.

وبدوره، قام الفنان معاذ الجباري بإلباس الموناليزا للإيطالي ليوناردو دا فينتشي، كمامة واقية، مشيراً إلى أن هذا يعكس الوضع الحالي الذي يعيشه العالم، خاصة أن إيطاليا كانت أكثر دول العالم تضرراً من هذا الوباء الفتاك.

آراء مشاركين

تقول الفنانة سارة أحلالوم عن مشاركتها في التظاهرة الفنية: «الفن لغة عالمية يمكن من خلالها قول أي شيء للآخر، وإيصال الرسالة التي تسعى إليها بكل شفافية وبساطة. رسالتي تتلخص في ربط العلاقة بين الطبيعة وحياة الإنسان عبر العصور، فلا ننسى أن علاقة الإنسان بالطبيعة كعلاقة الأم بطفلها، مع مرور الزمن وتقدم العلم والتكنولوجيا باتت العلاقة التي تجمع الإنسان في محيطه البيئي تتضاءل شيئاً فشيئاً، فمن خلال هذا العمل الفني الذي نفذته حاولت إبراز هذه العلاقة باستحضار واحدة من عجائب الدنيا السبع «الحدائق المعلقة» كدليل قوي على العلاقة التي تربطنا بالطبيعة الأم منذ الأزل».

من جهته، يقول محمد الفحصي المخرج والإعلامي وابن مدينة أصيلة: «ما حاولتُ إبرازه في كل الأعمال المرئية التي اشتغلتُ عليها خلال «موسم أصيلة المصغّر» هذا العام، أنه وبرغم من المآسي التي نعيشها في هذه الجائحة، دائماً ما يمكننا تغيير مكان الرؤية، والنظر من زاوية أخرى، زاوية الحب والتفاؤل والأمل، حيث في فيديو «رسالة مُحب»، ظهرت فتاة صغيرة، تجد رسالة من زمن قديم، وهي رسالة الفنانين الزيلاشين، حيت إن الرسالة كانت تدعو للحب والتفاؤل والتشبّث بالقيم والأخلاق النبيلة للإنسانية، وحاولت معالجة محتوى الموسم هذه السنة، عبر إخراج ساكنة مدينة أصيلة وزوارها مما يعيشونه من قلق، وكل هذه المبادئ التي تكلمنا عنها ما هي إلا دروس تعلمناها من مؤسسة منتدى أصيلة منذ الصغر، وهنا لا بد لي من توجيه التحية والشكر إلى أصيلة وفنانيها ومنتداها السنوي وإلى السيد محمد بن عيسى لجعلنا نتمسك بهذه القيم».

 

جدارية افتراضية

ودعماً لجهود منتدى أصيلة، أطلقت مجموعة من الفنانين البحرينيين الذين سبق لهم أن شاركوا في فعاليات مواسم أصيلة الثقافية الدولية مبادرة افتراضية برسم جدارية مشتركة تعبيراً عن دعمهم الجهود التي تقوم بها مؤسسة منتدى أصيلة لاستمرار نشاط المؤسسة، رغم الظروف التي فرضتها جائحة «كورونا»، تأكيداً منهم على أهمية استمرار العمل الثقافي والفني لنشر رسائل المحبة والمودة والتعاضد بين الشعوب.

والفنانون المشاركون في إنجاز الجدارية هم: لبنى الأمين، نبيلة الخير، فائقة الحسن، نادر العباسي، أحمد عنان، جعفر العريبي، زهير السعيد، علي حسين، حامد البوسطة وعباس يوسف.

Email