مجالس الفنون والمبادرات الرسمية المشتركة بيئة مثالية لتحفيز التشكيليين

ت + ت - الحجم الطبيعي

ترصد «البيان»، في سلسلة تحقيقات تنضوي في ملف متكامل، آراء المبدعين والمشتغلين الشباب في القطاع الثقافي حول الواقع والمأمول في المجال، وما يطمحون إليه ويطلبونه في ضوء التعديل الوزاري الجديد وتشكيل هيكل وزارة تعنى بالثقافة والشباب معاً «وزارة الثقافة والشباب»، وعلى رأسها معالي نورة بنت محمد الكعبي.

وذلك للوقوف على رؤيتهم لتطوير المنتج الثقافي والإبداعي المحلي بشكل يعزز دورهم في مسارات التنمية المجتمعية، حيث تضيء سلسلة التحقيقات، على طموحات الروائيين والقاصين والمسرحيين والتشكيليين والسينمائيين والمسرحيين، من فئة الشباب الإماراتي، وما يأملونه من الوزارة وشتى المؤسسات الحكومية لدعمهم وتمكينهم وتهيئة بنية تحتية تخدم جهودهم في خلق حراك ثقافي فعال ومستدام.

يواكب ما تشهده القطاعات الأخرى من نشاط. وتستهل «البيان» هذه السلسلة من الاستطلاعات، بتقصي المشهد الأدبي والمقومات التي يمكن لها أن تصنع كاتباً وأديباً قادراً على ترجمة صوت المجتمع الإماراتي، ووجدان إنسانه في نص إبداعي.

تضيء «البيان» في هذا التحقيق، ضمن ملف «الثقافة والشباب المبدع»، واقع المشهد الفني التشكيلي والمقومات التي يمكن أن تعزز تجارب الشباب المبدع في هذا الحقل، وطبيعة الإشكالات والعقبات التي يواجهونها.

حيث تحدثوا عن مجموعة من الطالب والاحتياجات التي يرونها أساساً في دعم قدرتهم على الإسهام النوعي في الحراك الثقافي المحلي والعالمي، ومن بين الاقتراحات والمطالب التي قدمها المشاركون في التحقيق، إنشاء مجلس للفنون تتخصص في خلق بيئات تحفيزية نوعية، تدعم الفنانين مالياً.

إضافة إلى ضرورة التعاون والتكاتف بين شتى الجهات الرسمية لإطلاق مبدارت مشتركة وتعزيز جهودها في سياق مشترك يوفر لهم حاضنة محفزة وراعية.. وذلك علاوة على تشجيع النقاد الفنيين وتحفيز حركة النقد الفني التشكيلي عبر مبادرات متخصصة.

بداية، تؤكد خلود العطيات، مدير برنامج الفنون والثقافة والتراث بمؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، أنه لا يمكن تعزيز وتطوير الحراك الفني والمشهد الثقافي بمنأى عن المجتمع الإبداعي، لكونهما يشكلان جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الإنسانية والمجتمع المحلي.

وقالت: تسعى مؤسسات الدولة الثقافية والفنية إلى دعم الإنتاج الفني والثقافي وضمان استمراريته من خلال بناء بيئة متكاملة توثق الحاضر لتضعه بمتناول أجيال المستقبل عبر مشاريع ومبادرات عديدة. ونؤمن نحن بأهمية استمرار دعم الحراك الثقافي من خلال تبني المواهب الثقافية، وإبراز الإنتاجات الفنية الغنية ودعم الكتابة الفنية والنقد.

وتابعت: التجربة الفنية في الدولة غنية وثرية، وتشهد تطوراً ملموساً، وتتميز بمحتوى ثقافي غني. واليوم، أصبح التعليم الفني والثقافي يحتل حيزاً مهماً لدى الكثير من المؤسسات المحلية، وبلا شك، سيمثل سمة المرحلة المقبلة بمجال التطور الفني.

من جهته، أشار خليل عبد الواحد، مدير إدارة الفنون التشكيلية في هيئة الثقافة والفنون في دبي، إلى طبيعة الثقافة التراكمية، باعتبارها تاريخ البشر المتراكم من جيلٍ إلى آخر. وهو ما أدركته الإمارات مبكراً، فسعت من خلال توظيف الفن والثقافة في عدة مسارات تخدم التواصل بين الشعوب والثقافات على اختلافها، والحفاظ على الموروث الثقافي المحلي ونقله للأجيال عبر إنشاء المتاحف وإقامة العديد من الفعاليات والمعارض الفنية التي تحتفي بالثقافة الإماراتية وتحافظ على صلة الأجيال الصاعدة بها.

وتابع: إن دعم ورعاية المواهب الشابة وتوفير البيئة الثقافية والإبداعية المتكاملة التي تضمن صقل مهاراتهم ونموها وإشراكهم في الحراك الثقافي في الدولة من شأنه أن يضمن عبور التجربة الفنية واستمرارية التراكمية الثقافية ونقلها من جيل إلى آخر.

استقطاب الشباب

وفي السياق، أكد سقراط بن بشر، مدير الفنون والثقافة في مؤسسة الشيخ سعود بن صقر لبحوث السياسة العامة ومدير مهرجان رأس الخيمة للفنون البصرية، على نجاح الحركة الثقافية في الأعوام السابقة، وقال: نجح الحراك الثقافي في استقطاب الشباب بناءً على توجيهات وحرص من القيادة الرشيدة في استثمار المواهب والقدرات الشبابية. ونتيجةً لذلك قامت مؤسسة الشيخ سعود بن صقر القاسمي لبحوث السياسة بتأسيس قسم معني تحت مظلتها، إلى جانب تأسيس أول مهرجان فني ثقافي، يجمع الأفراد من مختلف أنحاء الدولة والعالم للاحتفال بالفن ودعم تطوير الشباب.

إصدار الموافقة

وفي السياق نفسه، تحدثت الفنانة التشكيلية موزة المطروشي عن إيجابيات إقامة مجلس للفنون يدير ويقوم بتوزيع الميزانيات على الفنانين أنفسهم لتقليل هيمنة المؤسسات الثقافية، وقالت: أقارن هذا الاقتراح بمجلس الفنون القائم في بريطانيا الذي يقدم مئات الفنانين له مشاريع وميزانيات مدروسة، ويقوم المجلس بالنظر في مشاريعهم وإصدار الموافقة أو الرفض. وأرى أن استراتيجية التوسع الثقافي تقتضي أن يعطى الفنان، سواء كان مواطناً أو مقيماً، الفرص للعمل خارج إطار المعتاد في الإمارات حالياً.

جهات تشريعية

وتناولت الفنانة التشكيلية عفراء الظاهري موضوع التنسيق بين الجهات الحكومية وشبه الحكومية بما يخص المبادرات. وتوحيد الجهود وتجنب المسارات المتعارضة والمتناقضة أو تكرار المبادرات، كما يحتاج الفنان إلى مرافق إنتاج مدعومة حكومياً لتقليص التكلفة. ‏ومن مهام المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية خلق بيئة تدعم الإنتاج الفكري والثقافي. كذلك هناك الكثير من التمجيد والمديح المبالغ للفنان، مع تغيب النقد البناء الواعي، الذي يحتاجه الفنان والمبدع.

تغذية الخيال

الفنان والمصور الفوتوغرافي جلال بن ثنية، قال: أعتقد أن أحد الجوانب الأكثر أهمية لمواصلة ممارسة الفن هو الانضباط والالتزام وتغذية الخيال. من الصعب جداً الموازنة بين هذه العوامل الثلاثة. لذلك عليك التفكير خارج صندوق المجتمع والثقافة، لأن الفنانين يميلون في كثير من الأحيان إلى التركيز على الجوانب الثقافية والمحلية، كما أن من الصعب تجاهل مشاكل عالمنا. اليوم، لدينا «كوفيد 19»، بينما تعاني المنطقة من حولنا عدم الاستقرار والحروب والتحديات الاجتماعية.

 

 

Email