إيمان الهاشمي: الموسيقى الكلاسيكية تجمع بين قوة الإلهام وعمق التأثير

ت + ت - الحجم الطبيعي

دبي - رشا عبد المنعم

تمثل الموسيقى الكلاسيكية في حقيقة أثرها وتفسيراتها، جوهر الإدراك الفطري لفلسفة الجمال لدى الفنانة الإماراتية إيمان الهاشمي. فقدرة البشر على استشعار واختبار الموسيقى هي أمر فائق التجاوز لطبيعة ووظيفة اللغة، ومهما كانت نتائجها التي ليس بالضرورة أن تتشابه، فمفهومها العميق يكمن في تقاطع رسائلها داخل النفس البشرية التي تسعى إلى ربط أو تجميع الأفكار الناتجة عن هارمونية النغم المفعم بالتأمل والإبداع المتوازن.

حاجز الانتشار

تؤكد العازفة إيمان الهاشمي أن الموسيقى الكلاسيكية تجمع بين قوة الإلهام وعمق التأثير، وتقول: أفهم الموسيقى لأنها فهمتني منذ نعومة أظافري، فلطالما كانت صديقة روحي المقربة التي تسمعني وأسمعها ثم تتحدث بلساني حين أعجز عن الكلام، ولذلك تعلقت بجميع أنواع الموسيقى، ومن هنا أستطيع أن أجزم بأن النغم موجود في كل شيء حولنا حتى في الصمت والضجيج، ولذلك لا أستطيع التأثر بفنان ما أو فئة معينة من الموسيقى، لأنني أراها ككل ولا أستطيع تجزئتها مطلقاً، وإن كانت بعض الألحان تأخذ حيزاً كبيراً في القلب كموسيقى شوبرت وتشايكوفسكي ورخمانينوف.

خط الدفاع الأول

وتضيف إيمان: أعمالي مستمرة ومتجددة بشكل دائم وكأنها تسير مع الحياة على وتيرة واحدة، فأنا ألحن وفقاً لظروف الحياة اليومية ولذلك لا أعلم ما يخبئه لنا الغد كي أعرف عما سألحن، فمثلاً لم يخطر ببالي يوماً أن أقوم بعمل مقطوعة لخط الدفاع الأول، ولكن بما أن الموسيقى موجودة كأنفاسنا ومستمرة، إذن لا شيء مطلقاً سيؤثر في مستواها.

وتؤكد إيمان (التي كانت أول عازفة إماراتية خارج الدولة ضمن «معرض إكسبو ميلانو» في إيطاليا عام 2015) أن لغة الروح موجودة في كل كائن حي، حتى في إيقاع نبضات القلب وصوت من تحب، وبالتالي لن يكون الأمر صعباً حين تتخاطب الأرواح فيما بينها وتعرفها على جميع لهجات الموسيقى بأنواعها، وليس هناك حواجز لانتشارها.

وفيما يتعلق بالحراك الثقافي الإماراتي الداعم للموسيقى الكلاسيكية، تعتقد إيمان (بوصفها أول إماراتية تعزف في يوم الموسيقى العالمية في المجمع الثقافي بأبوظبي عام 2000) أن الفعاليات الموسيقية المحلية تعد منصة استثنائية على مستوى المنطقة العربية، في قدرتها على تأسيس لقاءات عالمية عبر الفنون وبلا شك تؤسس لكيان متكامل لهوية الموسيقى الإماراتية الكلاسيكية يتضمن المواهب والمحترفين القادرين على تقديم رؤية معاصرة لأنماطها الفنية التي تحمل عبق المنطقة وأصالتها.

أفكار معاصرة

وحول فكرة دمج الألحان والإيقاعات الخليجية ضمن مفهوم الموسيقى الكلاسيكية، تقول إيمان (التي تعتبر أول ملحنة للأوركسترا بألحان كاملة من تأليفها، وأول من لحَّن لحناً وطنياً بآلات عسكرية بعنوان «الشهيد»): الموسيقى لغة واحدة لجميع الشعوب باختلاف لهجاتها، تماماً كالابتسامة، حيث يفهمها الجميع، ولذلك لا أرى قانوناً يمنع أو يعرقل دمج الآلات الموسيقية من بقاع الأرض في أن تتحد معاً بلهجات موسيقية مختلفة.

وتضيف إيمان الهاشمي: الموسيقى التصويرية للأفلام الإماراتية تعبر نوعاً ما عن فكرة الدمج والتجديد من خلال رسم ملامح الأبطال وتعميق شخصياتهم، وبتداخل الآلات ينتج الحوار أو الصراع بين الشخصيات، وكنت سعيدة بمشاركتي في تنفيذ الموسيقى التصويرية لعدة أفلام إماراتية طويلة وقصيرة منها فيلم «غافة» للمخرجة الإماراتية عائشة الزعابي، وعملت كذلك مع المخرج الإماراتي محمد الحمادي من خلال فيلم «مريم»، وأخيراً، فيلم «نحس إكس لارج» مع المخرج والمنتج الإماراتي ناصر التميمي وأتمنى أن تصل الموسيقى الإماراتية إلى العالمية فنصبح «إماراتيوود» على غرار هوليوود.

تعد إيمان جميع ألحانها جزءاً من قصتها منذ أن بدأت مشوارها الفني، ولكن أعمالها الوطنية تمثل قيمة كبيرة بالنسبة لها، نظراً لطابعها المميز وهدفها النبيل الذي يوثق العديد من الإنجازات أو المناسبات المهمة لدولة الإمارات.

موهبة فطرية

حول أهمية الموهبة أو التجارب الفنية في بناء مسيرة الفنان تقول إيمان: بالنسبة للموسيقى فأنا أكاد أجزم أن جميع المخلوقات الحية خلقت موهوبة بالفطرة لعشق الموسيقى، ولكن الظروف المعيشية والبيئية التي يترعرع فيها الفرد تؤثر في قدرته على ممارسة هذه الهبة الربانية لجميع البشر.

Email