إسبانيا تكافح كورونا بسيارات الأجرة المجانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

في شوارع مدريد الخالية التي تشهد ندرة في الزبائن، صار سائقو سيّارات الأجرة ينقلون الأطبّاء من بيت إلى آخر أو يوصلون المرضى إلى المستشفيات، وتُساعد رحلاتهم المجّانية أطباء الخطّ الأول في مكافحة فيروس كورونا المستجدّ.

وعلى الرغم من أنّ دور هؤلاء السائقين بقي مجهولاً إلى حدّ كبير، إلّا أنّ العاملين الصحّيين يعتبرون أنّه بات أساسيّاً في جهود مقاومة الوباء، الذي أودى بنحو 25 ألف شخص في البلاد.

في مدريد، أكثر مناطق إسبانيا تضرّراً، تطوّع ما يزيد على 500 سائق أجرة عبر تطبيق "بايد تاكسي"، وأجروا أكثر من 100 ألف رحلة مجّانية.

يقول غابي سايث (45 عاما)، الذي أمضى الأسابيع الستّة الأخيرة منذ إعلان الإغلاق العامّ في 14 مارس، خلف المقود "يُنبّهني التطبيق عندما يحتاجون إلى مساعدة، وإذا كنتُ الأقرب إلى المكان، أتوجّه" إليه.

رغم المخاطر، يقول إنّه ليس خائفاً، بل شديد الحذر، إذ يضع دائما كمامة وقفازات ويعقّم السيارة بعناية عقب كلّ رحلة.

ويضيف "في هذه الأوقات، علينا جميعا المساهمة حتى وإن كان ما يمكننا القيام به محدودا".

دور مجهول لكن مهمّ

نتيجة توفير خدمات نقل مجّاني في 266 مركزا صحّياً في المنطقة، تمكّنت الأطقم الطبّية من زيارة مرضى في منازلهم لتخفيف الضغط على المؤسسات الصحّية.

يقول رئيس "بايد تاكسي" أندريس فيغا "تطلب المراكز الصحّية سيارة أجرة لزيارة كبار السنّ ومَن يحتاجون علاجا والمصابين بكوفيد-19".

الفكرة تقوم على خفض عدد الأشخاص الذين يذهبون إلى المراكز الصحّية، حتى لا يُصابوا بالعدوى أو ينقلوها إلى الطواقم الطبّية.

ويضيف فيغا لوكالة فرانس برس "قد يُجري سائق سيّارة أجرة 10 أو 20 رحلة يومية لأطقم طبّية. عوض أن يذهب المرضى إلى المراكز الصحّية، يزورهم أطبّاء أو ممرّضون".

ويتابع "ساهم ذلك بشكل كبير في وقف انتشار الفيروس والمساعدة على احتوائه وحماية العاملين في قطاع الصحّة من العدوى".

من جهته، اعتبر المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها أن التدابير التي تساعد على تجنّب انتشار العدوى في المؤسّسات الصحّية "تمثّل أولوية قصوى".

ينطبق ذلك خاصة على إسبانيا التي سجلت أكثر من 215 ألف إصابة، نحو 19 بالمئة منها تخصّ عمالا صحّيين.

"ضروري للغاية"

وصل الوباء إلى ذروته في إسبانيا مطلع هذا الشهر، وتقول الأطقم الطبّية إنّ سيارات الأجرة المجانية لعبت دورا مهما في احتواء الأزمة الصحّية.

من ناحيتها، تقول سارة ديل كارمن فينسنتي (23 عاما)، وهي ممرضة في مستشفى "12 أكتوبر" بمدريد، "بالنسبة إليّ، دورهم ضروري للغاية".

وتضيف لوكالة فرانس برس "يأخذونك إلى منازل الناس، ينتظرونك ثم ينقلونك إلى وجهتك المقبلة. إنهم دائما في الخدمة، موجودون دائما والبسمة تعلو وجوههم".

وتتابع "يسألون دائما عن حالنا، عن وضعنا النفسيّ وحال المرضى، وإن كان الوضع يتحسّن (...) كما لو كانوا جزءا من عائلتك".

انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة أشرطة فيديو لأطباء وممرضين يحيّون سائقي سيارات أجرة على عملهم، أو تظهر سائقين يبكون عندما تحيّيهم الأطقم الطبّية عند وصولهم إلى المراكز الطبّية.

بالنسبة إلى غابي سايث، الذي تعمل زوجته سائقة أجرة أيضا، كان من المحزن رؤية العاملين الصحيين ينهارون.

ويقول "بالنسبة إليّ، هؤلاء الأطباء والممرضون أبطال، لذلك يجب أن نحاول تهدئتهم ودعمهم".

"العرفان أهم مقابل"

باستثناء العمل التطوعيّ، لا تزال قلّة فقط تعمل من بين 100 ألف سائق أجرة في إسبانيا، وذلك نتيجة تقييد حركة الناس وتحديد السلطات الإقليمية لعدد سيارات الأجرة المسموح لها بالنشاط يوميا.

يقول تيتو ألفاريز، وهو سائق أجرة في برشلونة، إن "الدخل تراجع بين 80 و90 بالمئة".

ويضيف "عندما يُتاح لك العمل، تجني مداخيل جيدة بسبب تراجع عدد سيارات الأجرة. لكن مع ذلك لا تغطي مصاريفك لأنك تعمل خمسة أيام فقط في الشهر".

رغم نقص الموارد، يعتبر سايث أنّ الأسوأ هو وفاة خمسة سائقي أجرة نتيجة الفيروس.

مع ذلك يقول "أشعر بالهدوء ولا أفكر بالتوقف عن التطوّع أو القيام بأنشطة مثل توزيع الكمامات وصمامات أجهزة التنفس الاصطناعي. رؤية عرفان هؤلاء الناس هو أهمّ مقابل". 

كلمات دالة:
  • مدريد،
  • سيّارات الأجرة ،
  • الأطبّاء ،
  • المستشفيات،
  • إسبانيا،
  • فيروس كورونا
Email