«الداو يارد».. اليد الإماراتية ترسم الإبداع على أمواج الخليج

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعد إمارة عجمان واحدة من أكبر مراكز بناء السفن الشراعية وقوارب «الداو» في العالم، والتي تستخدم الأدوات التقليدية والطرق اليدوية، وأحد أهم معالم الجذب السياحي في المنطقة.

وتتمتع إمارة عجمان بساحل ساحر يصل طوله إلى 26 كيلومتراً على شاطئ الخليج العربي، وتتميز بالرمال الناعمة والمياه الزرقاء الصافية، ما جعلها واجهة بحرية رئيسة ومحط جذب الزائرين.. ويضم الجانب الشمالي من خور عجمان منطقة تسمى «الداو يارد» يتم فيها بناء السفن الشراعية باستخدام الأدوات التقليدية والمهارات اليدوية التي تم توارثها من الأجداد، أكبر ورشة لتصليح وبناء السفن في الدولة.

مهنة قديمة

وتمثل صناعة السفن واحدة من الصناعات التي اشتهرت في الدولة، وتتميز الإمارات بهذه الصناعة منذ سنوات طويلة، بل من مئات السنين حين كانت الوسيلة الوحيدة لنقل البضائع والمسافرين وللاتصال بالدول المجاورة ومد جسور التجارة والجوار، وكان لها روادها من الجلافين والنجارين والعاملين، والتي تعد من أقدم المهن في الإمارات، حيث كان للسفن دور كبير في اصطياد الأسماك واللؤلؤ اللذين كانا مصدري رزق لهذه العائلات، واليوم أصبحت السفن جزءاً من حياتنا وتاريخنا وحاضرنا، ومن ماضينا، فهي مهنة الآباء والأجداد.

وتصل أعداد المصانع العاملة بصناعة السفن الشراعية والخشبية واليخوت في إمارة عجمان أكثر من 25 مصنعاً، أبرزها مصنع شركة الخليج لصناعة القوارب، الذي يعد علامة بارزة في المجال البحري وجعل من الإمارة مركزاً مهماً لصناعة اليخوت يضاهي المستويات العالمية، وأصبحت وجهة يقصدها عملاء من نحو 40 دولة من قارات العالم المختلفة، إيماناً بتفردها بين الدول العربية في الصناعة البحرية بآسيا.

أدوات

تتنوع الأدوات المستخدمة في صناعة السفن، فمنها «الرندة» أي «الفأرة» المستخدمة في تنعيم الخشب، و«الجدوم» وهو فأس من الحديد ذو حافة من فولاذ، تستخدم كثيراً في تسوية سطوح الخشب و«المجدح» وهي آلة أسطوانية الشكل ورأسها من حديد مدبب الطرف، وحين يدار بالقوس يحدث ثقباً في اللوح قبل تثبيته بالمسامير حتى لا يتشقق اللوح من جراء دق المسامير. و«الكلفات»، وهو حبل رفيع مصنوع من القطن يتم وضعه بين ألواح الخشب في السفينة لسد الفراغات، ما يمنع تسرب المياه، و«الدامر»، وهو عبارة عن مادة تشبه الشمع شفافة اللون يتم تسخينها حتى تصبح سائلة، وتطلى بها السفينة لإحكام سد المسامات ومنع تسرب المياه إلى الداخل، و«الشاكة»، وهي طباشير يستخدمها الصناع في وضع علامات على السفينة، إضافة إلى «البلد»، وهو عبارة عن كتلة من الرصاص لها عروة يربط فيها حبل به علامات للقياس، والتي جعلت من سفن الخليج الخشبية القديمة وخاصة في إمارة عجمان تنفرد وتتميز في أشكالها وأنماطها وأغراض استخدامها.

أنواع

تتعدد السفن التي يتم صنعها في عجمان، ومن أشهرها «البوم» التي تعد الأفضل من حيث كفاءتها وحجمها، وكانت تنقل السلع والبضائع عبر موانئ الخليج العربي وموانئ الهند وباكستان وأفريقيا، ويصل طولها إلى 150 قدماً، ويتراوح وزنها بين 300 و750 طناً، وهناك نوعان من «البوم»، منها ما يبحر إلى البعيد ويعرف باسم «السفار»، ونوع آخر يعرف باسم «القطاع»، ويستخدم في الإبحار لوجهات قريبة من موانئ الخليج العربي.

وهناك العديد من السفن القديمة المصنعة من الخشب الصلب، لتشق عباب البحر ومنها ما يعرف باسم «الشوعي»، وتستعمل للبحث عن اللؤلؤ وصيد الأسماك، وكذلك سفن «الكونية» تستخدم للأسفار البعيدة، ومن أنواع السفن والمراكب التقليدية التي اشتهرت في المنطقة «الصمعا»، وهو قارب خشبي يتراوح طوله بين 25 و80 قدماً، وعرضه بين تسع أقدام و20 قدماً فيما يصل ارتفاعه بين ثلاث و10 أقدام، ويستخدم من قبل الغواصين بحثاً عن المحار وفي نقل الركاب، ويعتبر من القوارب المحلية الأصل، ويشبه إلى حد ما قارب «السنبوك»، ويختلف عنه في شكل المقدمة الذي يطلق عليه «الميل»، و«السنبوك» قارب لصيد الأسماك يتراوح طوله بين 25 و100 قدم، وعرضه قد يصل إلى 20 قدماً، أما ارتفاعه فيتراوح بين ثلاث و10 أقدام، والسنبوك أحد القوارب التي تستخدم في نقل الركاب داخل وخارج منطقة الخليج، وكذلك قارب «البقارة» الذي يتراوح طوله بين 20 و60 قدماً وعرضه بين تسع أقدام و13 قدماً، ويصل ارتفاعه إلى ثلاث أقدام، وقد استخدم في الغوص وصيد الأسماك فقط، أما «الغيرب» فهو أصغر من قاربي «البتيل» و«البقارة»، ومن السفن القديمة والكبيرة الحجم «البغلة»، وتستخدم في التنقل بين موانئ الخليج العربي وآسيا، وكانت مخصصة للأسفار قبل ظهور سفينة «البوم».

ناتج محلي

بلغ حجم الناتج المحلي لإمارة عجمان خلال العام الماضي نحو 19 مليار درهم، وأحرز قطاع التشييد والبناء والمقاولات نصيب الأسد في القطاعات الاقتصادية الأكثر نمواً في الإمارة، يليه قطاع الصناعات التحويلية، كما بلغ حجم تجارة عجمان الخارجية خلال الفترة نفسها 5.5 مليارات درهم وفق شهادات المنشأ الصادرة عن غرفة تجارة وصناعة عجمان، فيما بلغت قيمة تصدير منتجات مصانع عجمان ما يقارب مليارين ونصف مليار درهم، وبلغت قيمة إعادة التصدير 3 مليارات درهم طبقاً للبيانات ذاتها.

حرص

تعكس منطقة «الداو يارد» حرص صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي، عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، على الحفاظ على التراث وتعريف النشء الجديد به من خلال تخصيص الأماكن لمزاولة المهنة وتحفيز أصحاب المهن التراثية وتنظيم العديد من الفعاليات التراثية خلال المناسبات الوطنية بتنظيم سباقات القوارب الشراعية، وسباقات التجديف في المراكب الطويلة.

Email