يبيّن معرض «لقاء في باريس: بيكاسو وشاغال وموديلياني وفنانو عصرهم» من خلال 85 عملاً فنيّاً للفنانين الطليعيين، الأجواء الباريسية التي كانت سائدة في القرن العشرين، حيث شهدت باريس نهضة فنية استثنائية. والمعرض يفتحه متحف اللوفر أبوظبي للجمهور يوم غدٍ الأربعاء، في إطار موسمه الجديد «مجتمعات متغيرة».

وافتتحت المعرض صباح أمس معالي نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، ومعالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، بحضور معالي الدكتور مغير خميس الخييلي، رئيس دائرة تنمية المجتمع، وسيف سعيد غباش، وكيل الدائرة، ومبارك الناخي، وكيل وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، والعميد سهيل سعيد الخييلي، مدير قطاع العمليات المركزية بشرطة أبوظبي، والسفير لودفيك بوي، سفير الجمهورية الفرنسية لدى الدولة، وعدد من كبار المسؤولين.

تسامح فكري

المعرض، الذي نظم بالتعاون بين اللوفر أبوظبي ومركز «بومبيدو» ووكالة متاحف فرنسا، يستعرض المساهمة المذهلة في حركة الفن للفنانين الأجانب الذين أقاموا في العاصمة الفرنسية بين عام 1900 و1939، فقد قدم معظم هؤلاء الفنانين من أوروبا ومن مناطق أخرى في العالم إلى فرنسا قبل الحرب العالمية الأولى، هرباً من الظروف غير الملائمة لممارسة فنهم بحرية في بلدانهم، ووجدوا في باريس بيئة محفزة على الإبداع وتبادل المعرفة الفنية، في ظل النظام الليبرالي الفرنسي خلال الجمهورية الثالثة، الذي شجع على الانفتاح والتسامح الفكري، ما مهّد الطريق للعديد من هؤلاء الفنانين الأجانب.

وفي مدخل المعرض عرضت لوحة لبيكاسو بعنوان «غوستاف كوكيو» تعود للعام 1901، وكانت مقدمة كتالوج المعرض الأول الذي اشترك فيه بيكاسو في باريس. وفي القاعة الأولى عرضت مجموعة من الأعمال للعديد من الفنانين الذين عاشوا في أوروبا مثل لوحة «أقراص نيوتن - رسم تمهيدي» لـ«فرانتيشيك كوبكا» من جمهورية التشكيك.

ويعتبر هذا العمل أحد الأعمال التجريدية الأولى في تاريخ الفن، ولوحة «فتاة نائمة» للفنانة الأوكرانية سونيا ديلوناي. ومن ثم يمكن تتبع مسيرة بيكاسو التكعيبية كونه قد ابتكر هذه الحركة مع الفنان الفرنسي جورج براك في العام 1907 وقد تأثر بشدة بالتحت الأفريقي فتطرف كثيراً في التحليل الهندسي للشكل في صورة الشخصية، وسرعان ما حظي هذا الأسلوب الفني الجديد الذي انتشر منذ 1911 في المعارض السنوية الكبرى بنجاح عالمي.

صور باريسية

ضم المعرض أعمال شاغال وموديلياني، والأماكن التي كانت تجمع الفنانين في باريس، كما استحضروا ورش «لاروش»، وهو اسم مجموعة من الورش التي هُيئت في جناح نقل جنوب العاصمة أثناء المعرض العالمي لعام 1900. وفي هذا المبنى الشهير الذي يرمز إلى «باريس الأجانب»، التقى العديد من الفنانين القادمين من دول شرق أوروبا، واستحضروا الأعمال التي أنتجت في حي «مونبارناس»، الذي أصبح قبلة الفنانين الوافدين، ويعد موديلياني من أهم فناني هذا الحي.

كما عرضت العديد من الصور الفوتوغرافية لـ«واجهات المحلات» و«جسر نوف في الليل» لبراسّاي (1932). وفي وقت لجأ العديد من المصوّرين الأوروبيين والأمريكيين إلى فرنسا لأسباب سياسية أو بحثاً عن ظروف اقتصادية أفضل، طوّر مصوّرون مثل أندريه كيرتيس وإيلسِه بينغ نوعاً جديداً من الحداثة في التصوير، وهو يبرز في المعرض عبر أعمال مثل «ظل برج إيفل»، لأندريه كيرتيس.

حقبة فنية

عن أهمية المعرض، قال مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي: يشكل المعرض محطة مهمة بالمنطقة، إذ يسلط الضوء على حقبة بارزة في تاريخ الفن. ويبرز المعرض النتاج الإبداعي الذي رأى النور في فترة شهدت العديد من الاضطرابات السياسية والاجتماعية. وأضاف: كما يبيّن كيفية تأثير التبادل الفكري على نتاج جيل كامل من الفنانين.

واعتبرت الدكتورة ثريا نجيم، مديرة إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي في اللوفر أبوظبي، أن هذا المعرض لا يقدّم للزوار أعمالاً فنيّة فقط، بل يأخذهم في رحلة عبر الزمن، وقالت: من خلاله يعيشون لحظات تاريخية هي الأبرز في تاريخ الفن الحديث، حين اجتمع الفنانون والنحّاتون والمصوّرون مع الكتّاب والموسيقيين والشعراء في مشهد ثقافي استثنائي.

من جهته، قال سيرج لافين، مدير مركز بومبيدو: إن مركز بومبيدو أسهم في مسيرة اللوفر أبوظبي الفنيّة والفكرية، فقد أعار المتحف العديد من القطع الفنيّة البارزة من مجموعة المتحف الوطني للفن الحديث التي تلاقت مع مجموعة اللوفر أبوظبي الفنيّة التي تضم العديد من الأعمال المهمة لكبار فناني القرن العشرين. وأشار إلى أن موضوع المعرض يأتي في إطار التبادل الثقافي الذي يسلّط الضوء عليه هذا المتحف العالمي بأبوظبي.

تنسيق

نسق للمعرض كريستيان بريان، رئيس أمناء المتحف ورئيس قسم الفن الحديث في المتحف الوطني للفن الحديث في مركز جورج بومبيدو، ومساعده آنا هيدلستون، مساعدة أمين متحف في قسم الفن الحديث في المتحف الوطني للفن الحديث في مركز بومبيدو.