محاضرة لأحمد عبيد في «مركز بن حويرب للدراسات»

«اللهجات الإماراتية».. بيئات وجذور

جمال بن حويرب وأحمد عبيد والحضور خلال الفعالية | من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

استضاف مركز جمال بن حويرب للدراسات، أخيرا، جلسة تراثية بحثية، استهل بها موسمه الثقافي الجديد، حيث استعرض خلالها الباحث والشاعر الإماراتي أحمد عبيد، دور اللهجة المحكية الإماراتية موضحا أن اللهجات في الإمارات امتداد للهجات عريقة قديمة، كانت تتحدث بها قبائل المنطقة، وبخاصة القبائل الرئيسة الثلاث، الأزد، عبدقيس، وقبيلة تميم.

وأكد المؤرخ والباحث جمال بن حويرب، المستشار الثقافي في حكومة دبي، خلال الجلسة، أن توثيق التراث الإماراتي واجب وطني يحتم على كل باحث توخي الدقة والموضوعية، مبينا أن عبيد يتميز بالدقة في أبحاثه، والحرص على جمع ما أهمله التاريخ، وهو باحث وكاتب وشاعر، يعنى بالأدب واللهجات والتراث، إضافة إلى قضايا البحث والنشر. صدر له أكثر من 58 كتاباً، وهناك مثلها قيد الإعداد والطبع.

حضر الفعالية الأديب والشاعر الدكتور شهاب غانم، وسعيد النابودة ورشاد بوخش رئيس مجلس إدارة جمعية التراث العمراني في الدولة، والدكتورة مريم سالم بيشك أستاذة اللغة العربية في جامعة الإمارات سابقاً، والدكتورة أحلام الزهاوي أستاذة اللغة العربية في جامعة الإمارات والكاتب والأديب محمد صالح بداه، وجمع من الإعلاميين والمهتمين.

تحدث أحمد عبيد عن بيئات اللهجة الإماراتية، التي تتوزع إلى أكثر من 10 بيئات لهجية، وتميز كل لهجة عن أخرى، وهي امتداد للهجات عريقة، ولفت إلى أن مصادر اللهجة هي الحديث المنطوق بين الناس، والأمثال الشعبية والأشعار، والمصدر الأدبي بصورة عامة.

شعور وطني

وقال عبيد محمد إن مشروعه البحثي حول التراث الإماراتي يأتي من شعور وطني وإنساني بضرورة استعادة هذا التراث ومفرداته، وحفظها من الضياع والاندثار، فهذا التراث يحمل قيماً إنسانية كبيرة توثق تاريخ الإنسان وحضوره في هذه المنطقة الجغرافية، والظروف التي عاشها وقدم فيها إنتاجه الاقتصادي والفكري والثقافي، ودون معرفة هذا السياق التاريخي سيفقد الإنسان الإماراتي جزءاً مهماً وأساسياً من تكوينه النفسي والحضاري.

وعن كتابه «دراسات في لهجات الإمارات»، أكد عبيد أن دراسة اللهجات الإماراتية، واجب وطني لابد من النهوض به وتوفير أقصى درجات المتابعة والاستقصاء والبحث والتحليل حوله.

الرقعة الجغرافية

وتحدث المحاضر عن الرقعة الجغرافية المتسعة في الإمارات بين الساحل الشرقي والغربي المترامي الأطراف، قائلاً: إن ذلك خلق تبايناً واتساعاً في اللهجات، ربما كانت له أصول سابقة في القبائل التي سكنت هذه المنطقة في الجاهلية، والفترات الإسلامية التالية، كقبائل الأزد وعبد القيس وتميم وغيرها. ولعل هذه الكلمات والمفردات صدى لتلك اللهجات التي لايزال أناس ينطقون مفرداتها مع قليل من التحريف الذي اقتضاه التطور اللغوي للهجات.

وقال أحمد عبيد تتعدد أدوات الاستفهام لدى كل من الساحلين الشرقي والغربي، حيث نجد أدوات لا تستعمل إلاّ في منطقة معينة، كذلك نجد أدوات لا تتداول إلاّ لدى قبائل معينة ربما تنتمي إلى أصل واحد. كذلك قد نجد كلمات لم ترد لدى العرب قديماً، ولكنها، باعتقادي، ذات أصول فصيحة لم يتمكن العلماء من تسجيلها في الأزمان القديمة، لكنها بقيت حاضرة في لهجات سكان الجبال والصحارى والقرى الساحلية.

وبين المحاضر أن إمارة رأس الخيمة وحدها، تضم ثلاث لهجات مختلفة. وكلباء في الشارقة تشتمل على لهجتين.

الألفاظ الزراعية

وأكد أحمد عبيد أنه حان وقت الاستعانة بالمعاجم المتخصصة في شأن مسألة اللهجة الإماراتية وتدوينها وحفظها. ولفت في الصدد، إلى أنه أصدر معجم الألفاظ الزراعية. وهو حالياً في طور الإعداد لآخر متخصص في الألفاظ البحرية. كما طالب بتبني مشروع إنشاء أبجدية صوتية للهجة الإماراتية، لتعلم النطق الصحيح لأحرفها.

وعن كتابه «النخلة في دولة الإمارات: مقدمة تاريخية تراثية لغوية»، قال: «إن النخلة رمز كبير وجزء لا يتجزأ من التاريخ الحضاري للإمارات، وفي هذا المشروع حاولت التطرق إلى العديد من الجوانب التراثية التي تستحق التوثيق والوقوف عندها وتأصيل هذا الموروث...».

سيرة

يعد الشاعر والباحث أحمد محمد عبيد واحداً من أبرز الباحثين الإماراتيين الذين اهتموا بالتراث العربي والإماراتي، فعبر اجتهاداته البحثية على مدى ثلاثين عاماً قدم مجموعة كبيرة من الدراسات والبحوث في التراث الثقافي للإمارات.

Email