يزين المجموعة الدائمة في اللوفر أبوظبي

«التنين المجنح» منحوتة الخيال والتفاصيل

ت + ت - الحجم الطبيعي

من وحي الأسطورة أبدع الفنانون عبر التاريخ، وهو ما تدل عليه العديد من قطع المجموعة الدائمة لمتحف اللوفر - أبوظبي، منها المنحوتة البرونزية «التنين المجنح» التي تعود إلى 450 - 250 سنة قبل الميلاد، من شمال الصين، وتعكس بين زواياها وانحناءاتها الكثير من القوة، خاصة وأن الوضعية التي تجسدت في المنحوتة لتنين يتأهب للقفز إلى الأمام بقوائمه القوية ذات المخالب الحادة، جامعاً في ملامحه بين الخيال الجامح والدقة في تصوير التفاصيل.

وانتماء هذه المنحوتة لعصور ما قبل الميلاد، يؤكد على استمرارية التنين بعد أن أبدعه الخيال كرمز أسطوري لجمهورية الصين.

كائن هجين

قالت عفراء حمد الجنيبي، مساعد أمين متحف اللوفر أبوظبي: ورد ذكر التنين في مختلف الثقافات حول العالم، كونه أحد أشهر الكائنات الأسطورية الهجينة على مر العصور وخصوصاً في آسيا. وأضافت: للتنين جسد تمساح ومخالب سنّور وقرون تشبه قرون الأيل وأجنحة كأجنحة الطيور، ما يجعله كائناً ذا قوة استثنائية. وأوضحت: يعود هذا التنين المجنح إلى حقبة الممالك المتحاربة 475 ـ 221 قبل الميلاد، وهو تصوير فني رائع لتنين مجنّح حيث تشعر لوهلة بأنه قد ينقض عليك.

وذكرت الجنيبي: يتسم هذا التمثال بدقة تصويره وديناميكيته العالية، فعلى الرغم من كونه كائن أسطوري إلا أن ارتباط الصينيين الكبير به جعل منه رمزاً مهماً في الفن الصيني. وتابعت: علاوة على ذلك يبقى هذا التمثال أكبر تمثال معروف من الفترة السابقة للإمبراطورية الصينية. وأضافت: إلا أن الوظيفة الرئيسية لهذا التنين غير معروفة، فربما كان يزين قصراً أو يحمي قبراً، حيث احتل التنين مكانة مهمة في الثقافة الصينية على وجه الخصوص باعتباره رمزاً للقوة والحظ السعيد.

تأثير فني

يعتبر هذا العمل الذي يعد واحداً من مقتنيات اللوفر أبوظبي، أضخم تمثال لتنين معروف في تلك الفترة في الفن الصيني يبلغ ارتفاع التمثال 485 سم وعميقه 67 سم، ويرجح أنه يأتي من منطقة «يان زيادو» وهي إحدى العواصم في بلاد «اليان» في حقبة الممالك المتحاربة.

وقد ارتبطت دولة «اليان» خلال وقت طويل ارتباطاً وثيقاً بالشعوب التي تقطن السهوب وتعرف بنشاطها على الحدود الشمالية، وقد تأثر تطور الأشكال الحيوانية في الصين كثيراً بفنون هذه الشعوب، ويرجع تطور فن التصوير الواقعي للأشكال الحيوانية في الصين إلى التأثيرات التي تركتها هذه الشعوب.

فلقد كانت لشعوب آسيا الوسطى شبه الرحل معارف وعلاقات وطيدة مع عالم الحيوان ما يفسر براعتها وموهبتها في تصوير الحيوانات، ويعد التنين في الصين حيواناً أسطورياً يجلب الحظ السعيد ويرتبط بجهة الشرق بمفهوم الخصوبة، وظل يحتل مكانة مرموقة على مدار قرون في الصين وفي العالم الرمزي الصيني.

كائن هجين

تطغى على منحوتة «التنين المجنح» الصورة الصينية بالكامل، فهو كائن هجين يحمل صفات العديد من الحيوانات مثل الأسد في الجزء الخلفي والتمساح في الجزء الأمامي ومزود بقرون الأيل وأجنحة الطيور.

Email