أن تزور معرض «10» للفنانة الإماراتية فاطمة الجلاف، مدير إدارة الفنون الأدائية بالإنابة في هيئة الثقافة والفنون في دبي، فأنت على موعد مع الزمن، فرائحة التاريخ وملوحة البحر تفوح من بين ثنايا صورها الفوتوغرافية، التي التقطتها في غفلة من الزمن، حيث كانت معظم البيوت «آيلة للنسيان».

ولكن عدسة فاطمة ظلت بالمرصاد توثقها عن بُعد، لذا جاءت الصور موثقة لعشر سنوات من عمر الجزيرة الحمراء في رأس الخيمة، التي لعبت بيوتها وحصونها وأماكنها التاريخية دور البطولة في معرض فاطمة الجلاف الأول، الذي افتتحه، أول من أمس، محمد المر رئيس مجلس أمناء مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، يرافقه سعيد النابودة، مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي بالإنابة، في مقر عكاس للفنون البصرية، في حي الفهيدي التاريخي، ليمثل المعرض الذي يستمر حتى 30 الجاري إطلالة على تاريخ الجزيرة، وتوثيقاً له.
معرض أول
ورغم أن «10» هو المعرض الأول لها، إلا أن فاطمة قضت ردحاً من الزمن في عالم التصوير، وهي التي خبأت موهبتها في هذا المجال طويلاً، قبل أن تفتح أمامها ستائر النور مجدداً، لتأتي خطوتها الأولى أشبه برواية مصورة، قد ترى النور فيما بعد. ففي معرضها، بدت فاطمة وكأنها تخوض «تحدي 10 سنوات» ولكن على طريقتها الخاصة.
حيث كان رقم (10) كلمة سر استخدمتها في كافة لوحاتها، التي تظهر الأماكن التي التقطتها بطريقة «قبل» و«بعد»، مبينة في الوقت نفسه، جملة التغيرات التي شهدتها الجزيرة الحمراء.
ذاكرة
«فكرة تصوير المكان نبتت في 2009، كمرحلة أولى، واستكملت خلال العام الجاري»، وفق ما قالته فاطمة الجلاف لـ«البيان» التي أضافت: «قبل 10 سنوات قمت بتصوير بعض بيوت الجزيرة الحمراء، وعدت إليها مجدداً بعد عقد من الزمن، لأكتشف طبيعة التغيرات التي شهدتها نتيجة الترميم، لذا فالمشروع بأكمله أشبه بعملية توثيق للمكان».
«البيوت تموت إذا غاب سكانها»، هكذا وصف الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، حال البيوت المهجورة، ولكن عدسة فاطمة كانت بمثابة حارس على ذاكرة بيوت الجزيرة الحمراء تحميها من الموت، لا سيما وأنها طالما ارتبط بعضها بخرافات قديمة جداً، تدب الرعب في قلب من يسمعها، ولذا فضلت فاطمة كسر ذلك الرعب، بولوج الجزيرة،.
حيث قالت: «جميعنا نشأنا على خرافات لعبت الجزيرة الحمراء دور البطولة فيها، وزيارتي لهذا المكان كانت بهدف استطلاع ما يحتضنه من جمال معماري وأماكن تاريخية، فكثير من بيوتها تعود إلى فترة الستينيات وما قبلها، ومع مرور الوقت أصبحت معظمها مهجورة، بسبب مغادرة سكانها لها، ما جعل منها»آيلة للسقوط«.
وكان ذلك بمثابة محفز لي لأن أوثق المكان وأن أبين حالة التغيير الذي شهده خلال عقد من الزمان، بحيث يكون ذلك إرثاً خاصاً للأجيال المقبلة».
عمل روائي
مشروع فاطمة الفوتوغرافي، لا يبدو أنه سيتوقف عند حدود الصور الملتقطة، فقد يتسع لأن يتحول إلى عمل روائي، وفق ما أكدته لـ«البيان».
حيث قالت: «لدي شغف بالكتابة الروائية، وأخطط لتحويل هذه الصور إلى أبطال لرواية قد ترى النور خلال الفترة المقبلة». مبينة أن كافة الصور المعروضة سواء تلك التي التقطت في 2009 أو خلال العام الجاري، ظلت كما هي، ولم تشهد دخول أي مؤثرات عليها. وقالت: «أنا من أولئك الذين يعشقون أصالة الصورة، ولا أجنح لإدخال أي مؤثرات عليها، لأن ذلك باعتقادي يمنحها المصداقية في عين الناظر إليها».
