جمال بن حويرب: ضرورة تفعيل دور المؤسسات الأهلية في المجتمع

نقاشات معمقة حول مستقبل الثقافة في الإمارات

جمال بن حويرب وكامل يوسف وشهاب غانم يتوسطون نخبة من الحضور | من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، ضرورة تفعيل دور المؤسسات الأهلية في المجتمع تعزيزاً للحراك الثقافي، وعدم الاعتماد كلياً على المؤسسات الحكومية في نهل المعارف وتنظيم الأحداث مشدداً على أهمية دعم الحراك الثقافي في الدولة. جاء ذلك خلال محاضرة نظمها مركز جمال بن حويرب للدراسات مساء الأول من أمس بمقره في دبي بعنوان «مستقبل الثقافة في الإمارات»، أوضحت خلالها د.رفيعة غباش، مؤسسة ورئيسة متحف المرأة في دبي، أهمية العمل على تجويد مضمون المنتج الثقافي ليكون فاعلاً في الإسهام بالنهضة المجتمعة.

وناقشت المحاضرة التي تحدث فيها المترجم والكاتب كامل يوسف حسين، وقدمه الشاعر والصحفي حسين درويش معرّفاً بالمحاضر الذي يعد أحد أبرز المترجمين العرب، ناقشت ملامح المشروع الثقافي الإماراتي، إذ بين فيها أنه لا بد من أن ينطلق هذا المشروع من هوية الإمارات، ويأخذ في الاعتبار خصوصية العمل الثقافي على أرضها، وأن يكون إسلامي الروح، عربي القسمات، عصري الأدوات والأساليب، وألا يكون تقليداً لأي نموذج آخر في التنمية الثقافية. ونريد لهذا المشروع أن يحلق عالياً ليستقطب الاهتمام، ويدفع الآخرين إلى استلهام مقوماته وعناصره وأفكاره.

مصاعب النشر

وقال كامل يوسف في محاضرته: إن النظرة لـ«مستقبل الثقافة في الإمارات» تمر بعدة أبعاد متوالية، أولها يمكن تصوره في إطار سيرة حياة هذا الكتاب الذي تكاملت أبعاده الفكرية في 20 مارس 2009، ومن ثم بدأت الرحلة الصعبة لنقله من إطار فكري إلى كتاب بين أيدي القراء. وليست من قبيل المصادفة أن أكثر من مؤسسة ثقافية في الإمارات كانت اعتذرت عن عدم نشره لخلافات مع رؤية الكاتب، وبصفة خاصة في الجزء الأخير المتعلق بملامح مستقبل التنمية الثقافية في الإمارات، وقد لقي الكتاب ترحيباً للنشر في الكويت وسلطنة عُمان، لكن المؤلف أصر على ألا يرى الكتاب النور إلا في الإمارات، الأمر الذي تحقق أخيراً، لكن ما لم يتحقق هو أمل المؤلف في إعادة طبع الكتاب ومناقشته بشكل مفصل من جانب الدوائر الثقافية المعنية في الإمارات.

وشرح يوسف العناصر التي يستمد هذا الكتاب أهميته منها، موضحا أنه يتصدى لنيل شرف الريادة في تناول موضوعه، ويستمد مبرر وجوده من تصور واضح وأصيل حول الثقافة في الإمارات، ويؤثر الابتعاد عن العموميات ويمر عبر التركيز على التنمية الثقافية، ويستمد جانباً من أهميته من الظروف الموضوعية التي واكبت إصداره، ويعد رافداً من روافد الجهود المؤكدة لتأصيل هوية الإمارات.

ولفت إلى أن الكتاب ليس وعاء معرفياً يضم معلومات وإحصاءات عن الحركة الثقافية في الإمارات، وليس تحليلاً لظواهر أو أحداث أو وقائع بذاتها في العمل الثقافي الإماراتي، ولا يضم انتصاراً أو مساندة لتصورات فريق من العاملين في الحقل الثقافي الإماراتي.

مساءلة التاريخ

وعدد كامل يوسف الكثير من الجوانب في الكتاب التي تتعلق بجانب مساءلة التاريخ في الإطار الثقافي، مؤكدا أن توصيفات التيارات والاتجاهات في الحياة الثقافية في الإمارات تتسم بأنها توصيفات عامة، وهي توصيفات شخصية للمؤلف، وأنها تأتي على مسؤولية الكاتب، ووليدة ملاحظات الكاتب ومن واقع تجربته، وقيمتها الحقيقية تكمن في تحولها إلى برنامج عمل في خدمة ثقافة الإمارات.

وقال المحاضر: فيما يتعلق بالتنمية الثقافية، نصادف هنا مفهومين عكسهما الكتاب، لا بد من بلورتهما بالشكل الخلاق، وهما الثقافة والتنمية. وإذا تصدينا للتعريف بالتنمية، فإننا سنجد أن الكثيرين يعتقدون أن التنمية تعني التحديث وفق نموذج بعينه. هو النموذج الغربي، بينما الواقع يفرض مفهوماً أوسع نطاقاً للتنمية وأشد تعقيداً من مفهوم النمو.

مناقشات وحوارات

أخذت المناقشات والحوارات بين المحاضر والحضور مساحة واسعة، فقد أكد جمال بن حويرب ضرورة بلورة مفهومي الثقافة والتنمية، كما العلوم والمعرفة، واصفاً كلمة الثقافة بالمصطلح المطاطي لكل من لا يفهمه، مؤكداً أن العلم هو ما وجد من تجربة ما. وقال ابن حويرب إنه التقى ذات يوم في القاهرة بحفيدة الأديب الكبير طه حسين، وحفيد أمير الشعراء أحمد شوقي، لكنه دهش عندما وجد أن الحفيدين لا يجيدان لغتهما العربية، في حين أنهما يتحدثان «الفرنسية» بطلاقة، وهذا يشكل معاناة حقيقية يعيشها أبناء الجيل الحالي. وركزت المناقشات على دور المؤسسات الأهلية في رسم مستقبل التنمية الثقافية في الدولة وتعزيز ارتباط الأجيال بالمستقبل، إذ أكد المحاضر انكماش دور هذه المؤسسات التي كانت سابقاً تؤسس لبعثات دراسية وغيرها.

ومن جهته، لفت كامل يوسف إلى أن الثقافة لا تعني بحد ذاتها الإنسان المثقف، بل يمكن لصانع الفخار الذي لا يجيد فك الحرف أن يقدم الثقافة ويكون أعلى ثقافة من غيره من المتعلمين.

واقترح كامل يوسف أن يكون هناك مشروع شامل للنهوض بالثقافة العربية ضمن خطة لرؤية شاملة وواضحة، مؤكداً أنه يمكن استلهام آليات العمل من دون العمل على استنساخ الخطط من الغرب. وأكد أن بعض الرواد التنويريين كانت لديهم فكرة محاولة الاستفادة من التجارب الأخرى عند الأجانب، إلا أن التجربة اليابانية في هذا الصدد أثبتت فشل هذه الطريقة لأنها لا تمت لواقع الحياة بأي صلة.

أصالة

أكد كامل يوسف خلال المحاضرة أن مجتمع الإمارات مجتمع إسلامي له خصائصه المميزة، وهو مجتمع عربي بدوي الأصول . وبين أن مجتمع الإمارات واجه تقليدياً محدودية الخيارات الاقتصادية، شارحاً أهمية الدور النهضوي البارز للمستثمرين من التجار ورجال الأعمال، مشدداً على ان الإمارات مجتمع ينهض ثقافياً .

Email