تقام على هامشه العديد من الفعاليات الفنية والتراثية

قصر الحصن يفتح أبواب التاريخ أمام الجمهور بعد غد

قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان..كنوز تاريخية وقصص وأمجاد

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعتبر الجولة في «قصر الحصن» جولة في تاريخ أبوظبي، هذا المبنى الأقدم في العاصمة مازال يعبق بذكريات من تعاقبوا عليه عبر مئات السنين، ويروي قصصه للناس جيلاً بعد جيل.

والقصر الذي تم الانتهاء من ترميمه أخيراً، سيفتتح أبوابه بعد غد الجمعة للجمهور، للتعرف على مكوناته عن قرب كواحد من مباني منطقة الحصن الثقافية بجانب أول مجلس استشاري وطني، والمجمع الثقافي، وبيت الحرفيين.

وللتعرف على تفاصيل هذه المباني التي تربط ماضي أبوظبي بحاضرها، نظمت دائرة السياحة والثقافة أبوظبي صباح أمس، جولة إعلامية، للاطلاع على تفاصيله التي بنيت على مهل على مر السنين.

نبض أبوظبي

في تصريح له قال محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي: تعتبر منطقة الحصن بمثابة القلب النابض في أبوظبي، والشاهد الحي على محطات تاريخية هامة وحاسمة في مسيرة الدولة ككل. ونعتز في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي بأننا نعيد تقديم هذا الصرح الحضاري بعد أن تم الحفاظ عليه وترميمه وتجديده ليصبح وجهة ثقافية لا مثيل لها في قلب أبوظبي.

وتابع: يعكس الحصن الرؤية الطموحة للدولة، التي يعمل على ترسيخها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، من خلال تعزيز قيمة الإنسان في العملية التنموية الشاملة، بالاستناد إلى التاريخ والتراث والثقافة.

من جانبه، قال سيف سعيد غباش، وكيل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي: مع افتتاح منطقة الحصن، تضيف أبوظبي وجهة فريدة من نوعها إلى مجموعة الوجهات التي تضمها وتحقق بعدين هامين: الأول حفظ التاريخ والتراث الثقافي وتقديمه للأجيال القادمة، والثاني تطوير وجهة ثقافية جذابة تجمع التاريخ والتراث والمعاصرة في تجربة ستلهم الزوار القادمين إلى أبوظبي.

وأوضح غباش: يعكس الحصن غنى وتنوّع المكونات التاريخيّة والثقافية الإماراتية الأصيلة. كما يعد افتتاحه مرحلة جديدة من التخطيط الثقافي من خلال الأدوار الجديدة التي تم تطويرها للمعالم الرئيسة في منطقة الحصن، وذلك لتجسيد السمات الثقافية الفريدة التي تميز مجتمعنا وتدفع المواهب الإبداعية نحو المزيد من الإبداع.

في أروقة الحصن

بدأت الجولة من المدخل الذي يعرف الزوار بقصر الحصن كمعلم تاريخي، تروي أروقته قصصاً عن موطن أجداد آل نهيان، وأول بناء يقام على أرض جزيرة أبوظبي وتنوع أدواته كونه مكاناً للحكومة وبيتاً للأسرة الحاكمة، إذ يعد قصر الحصن شاهداً على تطور الجزيرة من مجتمع ساحلي صغير إلى مدينة عصرية مزدهرة، ليصبح اليوم رمزاً وطنياً وتاريخياً.

وكل هذا كان موضحاً للزوار عبر مجسمات صغيرة تبرز التطور التاريخي للقصر الذي يقسم إلى «الحصن الداخلي»، ويعود تاريخ بنائه إلى عام 1795 تقريباً، وتم تشييده كبرج مراقبة لتوفير الحماية للتجمّع السكاني على الجزيرة الذي تم توثيق نشأته لأول مرة خلال ستينيات القرن الثامن عشر، و«القصر الخارجي» الذي تم بناؤه خلال فترة الأربعينيات من القرن الماضي.

ولا يزال «قصر الحصن» شاهداً حياً على محطات أبوظبي عبر التاريخ.

هذا التعريف يمر به المتجول قبل وصوله للقاعة الأولى التي تبين من خلال العرض البصري الأسباب التي دفعت آل نهيان الكرام للخروج من ليوا بقيادة الشيخ عيسى بن ذياب باتجاه أبوظبي بحثاً عن الماء العذب واللؤلؤ الطبيعي، أما قاعة الشيخ شخبوط بن سلطان فقد ضمت بعض مقتنياته مثل الشال الخاص به والمصنوع من الصوف الناعم.

وبعد مرور المتجول بهاتين القاعتين، بتسلل تاريخي، يصل بعدهما إلى قاعة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتتوسطها صورته، كما تعرض العديد من مقتنياته الشخصية.

من بعد هذه القاعة يمكن الوصول إلى ساحة القصر التي وزعت حولها الغرف التي يصل عددها لأكثر من 20 غرفة، والتي عاشت في بعضها سيدات القصر. أما مبنى المجلس الاستشاري الوطني الوطني، الذي يجاور الحصن، فقد تم الحفاظ عليه كما هو وفيه يعرض فيديو لقائد الاتحاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

بيت الحرفيين

يستقبل بيت الحرفيين الزوار بصوت تلاطم أمواج البحر، ويهدف المبنى الحديث من خلال المهن التي يستعرضها إلى الإشارة للدور الريادي في حماية وصون التراث الإماراتي المعنوي العريق.

والترويج له. وتحقيقاً لهذا الهدف، يقدم بيت الحرفيين برنامجاً شاملاً تتخلله مجموعة من المعارض وورش العمل والبرامج التدريبية التي تركز جميعها على الحرف الإماراتية اليدوية مثل السدو (النسيج البدوي) والخوص (تجديل سعف النخل) والتلي (تطريز)، بما يضمن نقل المعارف والمهارات المتعلقة بها للأجيال القادمة.

معرض استعادي

يستضيف المجمّع الثقافي، الذي شهد أيضاً سلسلة من أعمال التجديد والترميم، برنامجاً متنوعاً في مركزه الجديد المخصص للفنون البصرية، ويشمل ذلك المعرض الافتتاحي في القاعة الكبرى من مبنى المجمع، ويركز على تاريخ المجمّع الثقافي ودوره في دعم المشهد الثقافي والفني.

ويضم المعرض المقام تحت عنوان «الفنانون والمجمّع الثقافي: البدايات»، أكثر من 100 عمل فني لعدد من الفنانين المحليين الذين شهدوا البدايات الأولى للمجمّع الثقافي.

صرح عريق

لا يزال «قصر الحصن» شاهداً حياً على محطات أبوظبي عبر التاريخ، وكان هذا الصرح العريق على مدار قرنين ونصف القرن مقراً للحكم والأسرة الحاكمة وملتقىً للحكومة الإماراتية ومجلساً استشارياً وأرشيفاً وطنياً.

واليوم، تحول القصر إلى متحف بعد انتهاء أعمال الترميم والصيانة، ليسرد تطور أبوظبي من منطقةٍ لاستقرار القبائل التي اعتمدت على صيد السمك واللؤلؤ في القرن 18 إلى واحدة من أروع المدن العالمية الحديثة.

Email