آثاريون فرنسيون لـ«البيان »:

«اللوفر أبوظبي» صندوق كنوز يبعث تاريخ العرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

أشاد آثاريون وفنانون فرنسيون باستضافة «متحف اللوفر أبوظبي» لمعرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور»، والذي تنظمه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني السعودية في الإمارات بين 7 نوفمبر الجاري وحتى 19 فبراير المقبل، برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني السعودي، مؤكدين لـ«البيان» أن المتحف «تحفة نادرة» وصندوق كنوز يعكس أصالة العرب وعراقة التاريخ العربي، كما يُوثّق بشكل فريد لتاريخ أكبر الطرق التجارية في العالم، إلى جانب نمط الحياة العربية الأصيلة وتربية الخيول والصقور والصيد وغيرها من معاني وقيم استطاعت دولة الإمارات توثيقها وعرضها أمام العالم في رسالة واضحة مفادها «نحن هنا».

ذاكرة الصحراء

وقال مدير عام الهيئة الوطنية للمتاحف الفرنسية سابقاً، بيير فرانس زمور لـ«البيان»، إن معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور»، الذي ينظمه متحف «اللوفر أبوظبي»، حدث تراثي وثقافي غاية في الأهمية، ويمثل «ذاكرة الصحراء الضاربة في القدم»، حيث كانت التجارة شريان حياة العالم، وكان طريق التجارة العربي المار عبر المنطقة العربية من أشهر وأكبر الممرات التجارية حول العالم آنذاك، وقد أقيم معرض مشابه تحت عنوان «روائع آثار السعودية» في متحف «لوفر باريس» عام 2010، وحقق جماهيرية كبيرة في فرنسا وأوروبا، وتابعه آلاف المهتمين بتاريخ المنطقة العربية والحضارة العريقة لهذه المنطقة المهمة في التاريخ، والمعرض الذي يستضيفه «لوفر أبوظبي» هذا العام ويعرض 466 قطعة أثرية لحضارة شبه الجزيرة العربية وأرض الحجاز ومملكة «كنده العربية» عام 200 ق.م، حدث ثقافي وتاريخي غاية في الأهمية ويهتم به آلاف الأشخاص حول العالم، حيث يظهر نمط حياة أصيل لشعب عريق اهتم بالفروسية وتربية الصقور والصيد وحماية القوافل التجارية وتنظيمها وتسييرها، والمميز في الأمر أن المتحف الذي يقام في الإمارات يعكس صورة الماضي البعيد من قلب دولة مازالت تحافظ على روح الحضارة القديمة، وتعيش على روح الأصالة في ثوب معاصر.

ذاكرة المنطقة

وقالت الأثرية والباحثة بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث في باريس، سيمون غارودي، إن عشرات البعثات الأثرية العربية والغربية اكتشفت آلاف المواقع الأثرية المهمة في الإمارات والسعودية والبحرين خلال السنوات العشر الماضية تحديداً، وهذه الاكتشافات في غاية الأهمية بالنسبة لتاريخ الإنسانية، ومن الرائع أن تهتم الإمارات بشكل خاص بالمتاحف الوطنية لتمثل «ذاكرة» المنطقة، تحفظ للأجيال الحالية والقادمة تاريخ منطقة الخليج وحضارة الصحراء العربية المليئة بالأصالة والعراقة، والرائع في متحف «اللوفر أبوظبي»، أنه يعرض قيمة الماضي الرائعة بشكل متطور ومتقدم وفق أحدث وسائل وأدوات العرض والحفظ والتخزين، وهذا أمر مهم للغاية يجعل من السهل على ملايين المهتمين حول العالم متابعة معارض المتحف التي تقام بشكل مستمر لتقديم التاريخ العربي للعالم كما ينبغي أن يكون، وهي رسالة راقية نحيي الإمارات وقادتها على تبني هذا المجهود وهذه القيمة الإنسانية المهمة التي يولونها أهمية كبيرة، بشكل يؤكد أن رقي الحاضر الإماراتي نابع من أصالة الماضي.

خزينة كنوز

وقال الفنان التشكيلي وعضو مجلس أمناء متحف أورسيه الفرنسي، جان دي كورني، إن متحف «اللوفر أبوظبي» خزينة كنوز مهمة للحضارة العربية في منطقة الخليج، حيث يضم آلاف القطع الآثارية التي تعكس نمط الحياة العربية عبر العصور، تم جمعها من «الإمارات والسعودية والبحرين ومصر والعراق واليمن وعُمان»، وتتعاون دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي بشكل جيد مع نظيراتها في الدول العربية تحديداً وحول العالم عموماً، وهو ما جعل «اللوفر أبوظبي» بمثابة ذاكرة تاريخية متكاملة تعكس صورة واقعية لتاريخ طويل كان العرب خلاله أصحاب حضارة وأصالة، فبمجرد التجول داخل المتحف تدخل التاريخ مجسماً أمام ناظريك، وتغوص في أعماقه مبحراً في آلة الزمن، فلا تشعر بالحاضر وتتجرد من أحاسيس المكان والزمان لتعيش بفضل العرض الجيد والتوزيع المتناسق وتقسيم المعرض المدروس بعناية، وكأنك واحد من فرسان العرب، وهو ما يجعل «لوفر أبوظبي» أكبر من كونه مجرد متحف يضم قطعاً أثرية، فهو حالة فريدة ومتميزة نجحت في خلقها الإمارات وسط عاصمتها، لتقول للعالم نحن هنا.

Email