«الراب» في غزة.. محاكاة لقضايا الواقع

ت + ت - الحجم الطبيعي

كلمات تُكتب على مهل كما لو كانت مرسومة بالريشة والألوان، تُؤدى بإيقاع غنائي سريع يأسر أسماع الشباب؛ لكونها شكلاً من أشكال انتصار السرعة على اللحن البطيء، ولأن الكلمات السريعة ذات وقع أشد تأثيراً في أذهان الشباب، فالجمل اللحنية المتراصّة في فن «الراب»، التي يمكن أن يؤديها فنان واحد أو أكثر، لا تغيب عنها غالباً قضايا تمسّ حياة الناس وواقعهم.

في غزة لا تختلف الصورة كثيراً، فجلّ المبدعين في هذا الفن تجد لسان حالهم يعبّر عن قضايا الإنسان من فقر وجهل وعادات وتقاليد، ولعل أبرز الفنانين الذين عبّروا عن هذا الفن الشاب إبراهيم غنيم، المعروف باسم «إم سي غزة»، الذي أنتج العشرات من الأعمال الموسيقية منذ عام 2005 حتى الآن، أبرزها ألبوم «25 خطوة» الذي يتكون من 25 أغنية، يعبّر فيها الفنان عن مختلف القضايا التي يحياها قطاع غزة، سياسيةً كانت أو اجتماعية.

في الماضي، ولاختلاف نمط هذا الفن وقالبه عن الفنون الأخرى، ولكونه فناً غربياً بالأساس تعود أصوله الأولى إلى الولايات المتحدة الأميركية في بداية السبعينيات من القرن الماضي، كان هناك نوع من التحفظ أو ما يشبه الرفض لهذا الفن، كحال أي شيء مستحدث يطرأ على مجتمع محافظ مثل قطاع غزة، ولكن أمس غير اليوم، فحدّة الرفض لهذا النوع من الفنون خفّت وطأتها مع بعض التحفظات التي لا يزال يتبنّاها البعض من سكان قطاع غزة.

الشاب جمعة سمير (28 عاماً) يقول موضحاً رأيه عن هذا النوع من الفنون: «كشاب فلسطيني، أجد في أغاني الراب التي تعبّر عن الواقع الفلسطيني ما لا أجده في أي فن آخر، حجم الصدق والتلقائية في هذا الفن كبير جداً، ما يجعلنا نجد فيه ملاذاً يعبّر عما يجول في صدورنا». ويضيف: «أشجّع أبناء بلدي ممن يغنون الراب، وأتمنى أن يوصل هذا الفن قضيتنا إلى العالم أجمع، وأن تكون هذه الأغاني بمنزلة حل للعديد من المشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في قطاع غزة».

محمود سلمان، أحد فناني الراب في قطاع غزة، ولكن الشيء الذي يميز محمود هو قدرته الفائقة على تحويل الشعر الذي يؤلّفه إلى أغنيات راب تحمل رسالة سياسية ووطنية واجتماعية بطرح مميز وجميل، ويعبّر محمود عن حبه لهذا الفن، قائلاً: «منذ صغري وأنا أكتب الشعر، وبعد تعرفي إلى هذا الفن أحببت أن تكون لي بصمة واضحة فيه، فتعلمت موسيقاه وكيفية تأديته، جميع فناني الراب في غزة يحتاجون إلى دعم يوصلهم إلى العالمية، كما نحتاج إلى مَن يتبنى هذا الفن مادياً ومعنوياً، كي يستطيعوا الإسهام من خلال كلماتهم وأصواتهم في نقل صورة حقيقية لمعاناة شعبنا ومشكلاته».

 

Email