ظاهرة يتوقف عندها المتخصصون بالدراسة والتأمل

المنخفضات الجوية وراء تقلبات المناخ العالمية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لكل بقعة على سطح البسيطة سمات تميزها عن غيرها، يتأثر بها أهلوها فتكسبهم طاقة على احتمال كل تغيرات المناخ بما يعينهم - ليس فقط على الحياة في تلك البقعة - بل وتطويرها والنهوض بها وهو ما نراه اليوم على أرض الإمارات العربية المتحدة، التي ورغم مناخها الصعب في أشهر الصيف لم تتوقف فيها الحركة ولم تتعطل التنمية، بل تظل العجلة دائرة وركب الحضارة في تقدم مستمر، وكذلك الحال في أوروبا التي يقسو فيها فصل الشتاء فلا تتعطل الحياة ولا تتعثر التنمية.

تتجلى في تلك القدرة على التأقلم عظمة الخالق ودقة صنعته أن جعل الإنسان قادراً على التكيف مع أعتى الظروف، ومع ذلك تمرّ تقلبات مناخية ببعض المواضع تأبى إلا أن يتوقف عندها المتخصصون بالدراسة والتأمل، مثل موجة الحر التي اجتاحت جنوب وغرب أوروبا في مطلع أغسطس الجاري، والتي رفعت درجات الحرارة إلى 48 درجة مئوية في العاصمة اليونانية أثينا، في ظاهرة ليست جديدة على نصف الكرة الشمالي، لأن السجلات المناخية تشير إلى أن أوروبا تعرضت لنفس الكتلة الهوائية الساخنة قبل 41 عاماً، وسجلت درجات الحرارة المرتفعة نفسها في يوليو عام 1977.

نظام ثابت

وفي الإمارات لم تكن موجة الحر الحالية نادرة الحدوث، لأن الطقس الحار سمة شهر أغسطس في الدولة، كما أن شهر سبتمبر المقبل يعد آخر أشهر الصيف ولا تنخفض فيه درجات الحرارة إلا في الأسبوع الأخير منه.

ويؤكد المركز الوطني للأرصاد الجوية، أن نظام الطقس في منطقة الخليج خلال فصل الصيف عموماً ثابت لا يتغير، ويتأثر مباشرة بمنخفض الهند الموسمي الذي يمتد من أواخر شهر مايو ويستمر حتى بداية سبتمبر، وبالتالي دائماً ما تكون هذه الفترة الأكثر حرارة في الدولة.

ولأن قوة تأثير المنخفضات الجوية التي تأخذ أسماءها من أماكن تولدها عموماً، يختلف من عام إلى عام، فقد رأينا قوة تأثير منخفض «الصحراء الكبرى» الذي تولد جنوب الجزائر والمغرب وليبيا هذا العام قد امتد في البداية إلى جنوب أوروبا ثم إلى الوسط، إلى أن وصل تأثير الكتلة الهوائية الساخنة إلى دول شمال أوروبا، وأدت إلى حدوث جفاف وحرائق في عدد من الدول الأوروبية.

موجة جديدة

وبالاطلاع على توزيعات الحرارة في القارة الأوروبية خلال موجة الحر الأخيرة، نجد أن اسكتلندا على سبيل المثال لم تتأثر بالموجة الحارة، في حين تأثرت العاصمة البريطانية نسبياً، ولكن الوضع اختلف تماماً في إسبانيا والبرتغال وألمانيا وفرنسا هولندا وغيرها.

وطلبت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من العلماء ومراكز الأبحاث الجوية إجراء دراسات متعمقة لسبر أغوار هذه الظواهر الجوية الجديدة، ووضع خطط لإنشاء نظام إنذار مبكر للتنبؤ بالكوارث المستقبلية الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري.

فيما يؤكد خبراء الأرصاد الجوية، أنه لا توجد علاقة مباشرة بين الموجات الحارة التي تشهدها الأرض من حين لآخر وبين الانفجارات الشمسية التي تطلق كمية من الطاقة المغناطيسية المخزنة في غلافها الجوي بصورة شبه منتظمة كل أحد عشر عاماً.

وتشير التقارير المناخية إلى أن أعلى درجة حرارة سجلت على كوكب الأرض كانت بمقدار 58 درجة مئوية في قرية العزيزية في ليبيا عام 1922، إبان الاحتلال الإيطالي، إلا أن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أكدت أنه بعد إعادة تقييم السجلات المناخية القديمة تبين أن أعلى درجة حرارة موثوقة سجلت في العالم كانت بمقدار 56.6 درجة مئوية، وسجلت في 1913 في ديث فالي بكاليفورنيا.

Email