مصدرها فرنسا ومصنوعة من الصوان

فأس حجرية..الأقدم بين محتويات اللوفر أبوظبي

متحف اللوفر أبوظبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لكل قطعة في متحف اللوفر أبوظبي قصة تفصلنا عنها آلاف السنوات، ومن بين هذه القطع الأثرية، تعتبر الفأس الحجرية المكتشفة في مقاطعة آندر-أي-لوار هي الأقدم؛ إذ يعود تاريخ صنعها إلى ما بين عام 500 و200 ألف قبل الميلاد، والفأس المصنوعة من الصوان يبلغ ارتفاعها 20.5 سم، وعرضها 14 سم.

وظائف متعددة

بالعودة إلى التاريخ، يظهر للباحثين أن الفأس الحجرية عبارة عن أداة متعددة الوظائف، مكّنت الإنسان من البقاء على قيد الحياة، كونه استخدمها عند القيام بالعديد من متطلبات الحياة اليومية كالتشريح والكشط والفرم والشقّ، وقد صُنعت القطع من هذا الطراز عن طريق الصقل أو النحت التدريجي لكتلة من الصوان أو من الحجر الصلب باستخدام حجر آخر.

وللفأس أشكال وأحجام متنوعة؛ فمنها المستطيلة، البيضاوية، المستديرة، وتلك التي أُنتجت على شكل قلب. ويتراوح طول الفؤوس اليدوية عادة بين 5 سم و25 سم.

وتعتبر الفأس الحجرية المعروضة في اللوفر أبوظبي مزدوجة الوجه، وهي عبارة عن قطعة كاملة من الصوّان البني الفاتح، ذات حجم مقبول مقارنة بمتوسط حجم هذا النوع من القطع. ويعرف الصوان البني الفاتح في منطقة غران- بريسينيي في فرنسا، مقاطعة آندر-أي-لوار. وقد صنعت الفأس على شكل قلب وفق تصنيف أشكال الفؤوس الحجرية مزدوجة الوجه الذي وضعه فرانسوا بورد (1981-1919)، وهو ما يسمح بإرجاع تاريخها إلى العصر الحجري القديم الأدنى إبان العصر الأشولي، أي 500 ألف إلى 300 ألف عام ق.م.

 الفأس تعود إلى تاريخ قديم جداً | من المصدر

 

ارتقاء

تتطلب حرفة تشذيب حجر الصوان مهارة عالية، وكان شكلها في البداية غليظاً، على غرار ما نراه في الأدوات البدائية، إلا أن تطويرها يعكس ارتقاء في التحكم بالنسب والتناظر بين الحواف وفي وجهي القطعة، ووصولاً إلى مرحلة أسفرت عن ظهور، ثم استمرارية، علم الجَمالية. لا يوجد هنالك نشأة واضحة المعالم لعلم الجمالية، لكن ثمة ظهور تدريجي على مدى آلاف السنين من الآثار المادية الشاهدة على ارتقاء النشاط الثقافي.

ويرتبط تسلسل هذا الارتقاء بتطور اللغة وتعقّد العلاقات الاجتماعية، عن هذا قال آندره لوروا جوران (1911- 1985): «إن هذه الآثار تتيح الفرصة لتقفي أثر البشر على درب الإنسانية». ومن هنا تأتي أهمية طرح هذه الإشكالية في متحف عالمي كاللوفر أبوظبي. فمن جهة، نعرف أن الإرث الذي تركته مراحل الترقي الإنساني، وصولاً إلى «الإنسان الذكي» الذي هو نحن، هو الإرث الذي لا غنى للبشرية عن تقاسمه؛ لأنها الشكل الإنساني الوحيد الذي بقي على سطح الأرض. ومن جهة أخرى، يتبين لنا أننا من وراء الظواهر الثقافية المتتابعة، يمكن أن نستشف تاريخ تطور ما ندعوه بتاريخ الفن. ومن هنا تُعتبر الفأس الحجرية أفضل شاهد على ما نحن بصدد الحديث عنه. فهي الأداة التي استُعملت لأطول زمن في التاريخ البشري.

فؤوس معارة

يقدم متحف اللوفر أبوظبي فأساً من السعودية، من نحو 800 ألف قبل الميلاد، وفرنسا، وأخرى من فرنسا تعود إلى الفترة الحجرية في الجزائر من 500 إلى 200 ألف قبل الميلاد. وهو ما يمكِّن المتحف من طرح السؤال على زوار المتحف: هل تجسد هذه الأدوات نشأة الجمالية أم مهارة التصميم؟ وهل هي رموز للهوية؟

Email