فنون الإيطالي غوسيبي بينوني تمنح الأشجار الميتة نبضاً جمالياً

لوحة لبينوني معروضة خارج حديقة يوركشاير للمنحوتات

ت + ت - الحجم الطبيعي

تكتسب المناظر الطبيعية، وسط حصار الحياة الإلكترونية الخاملة، رواجاً وجاذبية من نوع ونكهة خاصين، إذ تغدو معها الحدائق والمتنزهات ليس فقط إلى مواقع للتنزه وممارسة الرياضة، بل إلى موائل لمبدعي وعشاق المنحوتات الفنية، ذلك في ظل انتشار المعارض الصيفية المتخصصة التي تستقي موضوعها من محيط الحدائق، ومثال هذا حال توجهات ومنحوتات الفنان الإيطالي غوسيبي بينوني التي تصور وتجعل الأشجار العارية والميتة نابضة بالجماليات والحياة بعد تقطيعها وإعادتها إلى جوهرها.

هذه المنحوتات الشجرية المعروضة في حديقة يوركشاير للمنحوتات، شمال شرقي انجلترا، لا تنفصم عن أنماط مراحل النمو في الغابة. ففي منحوتة «إن ذا وود» عام 2008 يعري الفنان عارضة خشبية ضخمة مشغولة صناعياً إلى شتلة ضعيفة بنيوياً، تجسد بالنسبة للفنان ليس فقط النمو، إنما أيضاً إرهاق السنين.

وكانت باكورة علاقة الحب التي جمعته بالأشجار منذ 50 عاماً، منحوتة «سنوات النمو»، ورمزها قطعة فنية ابتدعها في عام 1968 ليس كموضوع جمالي لكن «كمنحوتة» من تلقاء نفسها متأثرة بالضوء والمناخ، في استعارة ربما لحياة البشر، سواء في تصويره للحاء على قشرتها الخارجية، أو لجذوعها وأغصانها التي تشكل نظامها العصبي وشرايينها. والتحفة تلك تظهر يد الفنان ممسكة بشجرة صغيرة تبدو وقد تفاعلت مع لمسة أصابع الفنان، في صور متتابعة يجري تسجيلها داخل قوالب برونزية على ثلاث مراحل من النمو.

تلك الفكرة ليست جديدة في عالم الفن، كما تفيد صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية في تقرير عن المعرض، لكن بينوني منحها لمسة بمفهوم جديد.

وكان الفنان قد بدأ مهنة «احتضان الأشجار» أولاً في الغابات القريبة من قريته في تورين، قبل أن يصبح شخصية مهمة في الحركة الفنية الإيطالية ما بعد الحرب، التي تعرف بـ «الفن الفقير»، وهو فن يهدف إلى استخدام الخامات الأولية البدائية كوسائط تعبيرية.

وأشجاره «المسجونة» داخل كل ما نراه حولنا، تنبض حياة كجسد حي، في سطوحها الداخلية المعوجة أو تفرعاتها عن الجسد أو التفافاتها أو لحاء جذورها، وهي مشغولة بأسلوبه المتسم بكونه ذي جماليات من الحد الأدنى، مع إضافة مادة الذهب الفاخرة التي كثيراً ما تزين أعماله.

Email