فنانون رصدوها في نصوصهم البصريّة

المرأة الشعبية في التشكيل الإماراتي.. تجليات الجمال والعطاء

علي العبدان يلجأ بشكل رمزي إلى التبسيط اللوني

ت + ت - الحجم الطبيعي

كانت المرأة ولا تزال، الموضوع الأثير للفنان التشكيلي، على اختلاف وسائل التعبير والتقانات والأساليب التي يشتغل عليها، ذلك لأنها: أمه، وحبيبته، وأخته، ورفيقته، وملهمته. لهذا جسّد فيها وحمّلها جملة من الرموز الإنسانيّة الرفيعة كالحنان، والعطاء، والجمال، ولأن المرأة الشعبيّة بأزيائها وحليّها وعاداتها وتقاليدها وما تملك من الحاجات التي تمارس بوساطتها حياتها اليوميّة، تختزل جانباً مهماً من موروث الأمم والشعوب، فقد أولاها التشكيليون اهتماماً ملحوظاً في أعمالهم الفنيّة، ومنهم التشكيليون الإماراتيون الذين رصدوها في نصوصهم البصريّة، بأكثر من شكل وصيغة، ما حَمّل نصوصهم البصريّة جماليات خاصة، تموج فيها أطياف الزمن الجميل.

طروحات متنوعة

ومن النادر أن نجد تشكيلياً إماراتياً لم يقف عند عوالم المرأة الشعبيّة، في تجلياتها ومظاهر حياتها المختلفة، لا سيّما في بدايات تجربته الفنيّة، على اعتبار أن هذه العوالم هي الحاضنة الرئيسة للموروث الشعبي، والمرأة حارسته، وحافظته، وأجمل رموزه التي بها ومن خلالها، يمكنه أن يمنح إبداعاته هُويّة محليّة.

ولأن لكل فنان منصات ومنطلقات وتوجهات فكريّة وفنيّة خاصة به، جاءت طروحاتهم البصريّة حول عوالم المرأة الشعبيّة الإماراتيّة، متنوعة ومختلفة.

فالفنان عبيد سرور «الذي يرى في البيئة الشعبيّة هويّته المحليّة» توّج المرأة ملكة على هذه البيئة بأسلوب واقعي مختزل وبسيط، أما الفنان عبد الرحمن زينل، فقد تناولها ضمن بيئتها الطبيعيّة، تقوم بممارسة حياتها إلى جانب باقي أفراد أسرتها الذين يسعفونها في صنع متطلبات الحياة اليوميّة، كجدل السلال والأطباق من سعف النخيل الذي شكّل ولا زال، مصدر الغذاء الرئيس لإنسان هذه المنطقة من العالم، ويرصد الفنان محمد إبراهيم القصاب المرأة وهي تمارس نوعاً من الرقص الشعبي التقليدي، رابطاً إياها بإشارات ورموز تراثيّة.

لوحة لجلال لقمان

 

المرأة ترسم المرأة

من جانبها، أولت الفنانة التشكيليّة الإماراتيّة موضوع المرأة الشعبيّة اهتماماً كبيراً، وبعضهن كرسّن الجانب الأكبر من تجاربهن لها، كالفنانة خلود محمد علي التي رصدتها وهي تمارس حياتها اليوميّة «لا سيّما في الريف» بلغة واقعيّة مباشرة ومختزلة شكلاً ولوناً، وهذا ما تفعله الفنانة مريم الأنصاري، إنما بلغة بصريّة واقعيّة مشوبة بالانطباعيّة، تغلب عليها تواشيح لونيّة، تستحضرها ذاكرة مخيالة، معجونة بالبهرجة والتزيين.

لوحات كريمة الشوملي مفعمة بالرموز

 

على العكس من ذلك، تأتي أعمال الفنانة علياء السويدي التي ترصد فيها النسوة حول البئر، بلغة فنيّة تعكس العلاقات العضويّة والوجدانيّة التي تربطهن بالمكان، وتحوّل الفنانة خلود الجابري، هيكليّة المرأة إلى قامات بلون واحد، تنضدها على خلفيّة مزروعة بأبواب وشبابيك وزخارف وحمائم بيضاء.

وهذا ما تفعله الفنانة سلمى المرّي التي تزرع لوحتها بشظايا البيئة وموجوداتها اليوميّة، أما كريمة الشوملي، تقوم بالرسم مباشرة على وجه المرأة، مستنهضةً عالماً لونياً ساحراً، مفعماً برموز المرأة الشعبيّة القادرة على مشاغلة عين المتلقي، ووضع بصيرته أمام فضاء من التأويلات.

عمل فني لسلمى المري

 

صياغات مختلفة

في طروحاته البصريّة، حول المرأة الشعبيّة وبعض أفراد عائلتها، يلجأ الفنان علي العبدان، إلى نوع من التبسيط اللوني، والاختزال الشكلي، تتحول معه لوحته إلى ما يشبه الملصق، بحيث لا تحتاج سوى إلى إضافة عبارة أو نص، لتتكامل فيها خصائص ومقومات هذا الفن. في هذا الاتجاه، تذهب أعمال الفنان خالد القاسمي المحتفية بالمرأة الريفيّة وهي لديه رافلة بثوبها الشعبي، ويلجأ الفنان إلى معالجة لوحته بواقعيّة مختزلة.

Email