جلسة حوارية احتفت بماركيز في ندوة الثقافة والعلوم

«مئة عام من العزلة».. عبقرية أدبية أنهكت القراء

علي عبيد وعائشة سلطان خلال الجلسة الحوارية | من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس غريباً أن تقع في غرام رواية قبل قراءتها، إذ يكفيك الانضمام لجلسة حوارية كتلك التي نظمتها ندوة الثقافة والعلوم في دبي، بالتعاون مع مؤسسة بحر الثقافة في أبوظبي، وأقيمت مساء أول من أمس في مقر الندوة، وتمت فيها مناقشة رواية «مئة عام من العزلة» للروائي الشهير غابرييل غارسيا ماركيز، لتجد نفسك أمام واحدة من روائع الأدب التي سحرت القراء رغم الإنهاك الفكري والوجداني الذي تسببت لهم فيه.

حميمية جميلة طغت على أجواء الجلسة الحوارية التي شارك فيها الإعلامي علي عبيد الهاملي نائب رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، والكاتبة والباحثة عائشة سلطان عضو مجلس الإدارة، وحضرها بلال البدور سفير الإمارات السابق في الأردن، والروائي ناصر عراق، والدكتور عمر عبدالعزيز، والروائية فتحية النمر، والكاتبة صالحة عبيد، والدكتورة مريم الهاشمي، وعدد من الكُتاب والمثقّفين والروائيين الذين أخذهم الشغف بهذه الرواية إلى أبعد الحدود.

أسرار

أدارت عائشة سلطان النقاش، لتلامس أسرار تميز هذه الرواية التي تعد واحدة من أكثر الروايات المقروءة والمترجمة في العالم، لافتةً إلى أنها تعكس عبقرية كاتبها الطاغية، ومشيرةً إلى أن من يسرد حكاية مئة عام بالبداية التي وضعها ماركيز، والنهاية التي صاغها، يؤكد حقيقة أنه ليس مجرد كاتب عادي، واصفةً من يقرأ هذا العمل للمرة الأولى، كمن يقع في العشق لأول مرة.

وتحدثت عائشة عن براعة الرواية في تقديم الشخصيات، ومدى نجاح الكاتب في الغوص في عوالمها الخاصة، ما أثمر عن ارتباط القارئ بها بشكل وثيق، إلا أن أسماء الشخصيات هي المعضلة الكبرى التي واجهت معظم القراء.

حضور يجمع أهل الأدب والثقافة | من المصدر

 

نفس طويل

وذكرت أن براعة الرواية تكمن في نفَس الكاتب الطويل، وسرد أحداث وتفاصيل حدثت في مئة عام في ماكوندو، مشيرةً إلى أن أحداثها كثيفة جداً ومتلاحقة، وكأن ماركيز يحفر في بئر أفكار وأحداث، ورغم ذلك، فليس هناك حدث يتناقض مع الآخر، وهنا يكمن الإعجاز في الرواية.

وعبَّرت عائشة عن حرفية الكاتب الذي نجح في إنشاء قرية كاملة من نسج خياله، وتركيزه على أن الزمن لا يسير في خط مستقيم، بل يدور ضمن دائرة، ما يجعل الأخطاء تتكرر، بحيث يقوم الأبناء بتكرار مفاسد الآباء، وهو ما أوصل الرواية لما انتهت عليه.

معاناة

وتحدث علي عبيد عن «مئة عام من العزلة»، لافتاً إلى أن روعتها تكمن في جمعها بين الواقعية والأسطورية والسحر واللاواقع، وغيرها من أحداث تأخذ القارئ إلى مناطق عميقة، ومشيراً إلى أن كاتبها عانى في كتابتها، وجعل القارئ يعاني أضعاف ما عاناه الكاتب نفسه، وذلك بسبب تشابه الأسماء والأحداث وتكرارها، ما يوقع القارئ في حيرة، ويجبره على إعادة قراءة الرواية من جديد.

تفاعل لافت

وشهدت الجلسة الحوارية تفاعلاً لافتاً اتسم بالثراء المعرفي وبعمق الرؤية والتحليل، من قِبل الحضور الذين انهالوا كالمطر في تعبيرهم عن جمال الرواية، متفقين على ثرائها وعمقها، إذ علَّق ناصر عراق الذي قرأ الرواية 20 مرة خلال 34 سنة، أن ماركيز خلق عالماً من السحر في أعماله الروائية، وفتح خطاً آخر لفن الرواية، لافتاً إلى أن «مئة عام من العزلة» تتكئ على فكرة الإنسانية ونشأة الكون، ومؤكداً أن تركيز كاتبها على كسر التابوهات يعكس رغبته في القول بأن الحياة يجب أن تعاش كما هي بعيداً عن أي منطق.

وذكرت صالحة عبيد في بداية حديثها أن الضيق يقود إلى السعة، وأن قرية ماكوندو تمثل العالم في عين ماركيز، لافتةً إلى أن أكثر كُتاب أميركا اللاتينية على وجه الخصوص استفادوا وتأثروا بألف ليلة وليلة والأسطورة الشرقية، رغم غياب الكاتب الشرقي عن تلك المشهدية في الكتابة نتيجة أن الواقع أخذه كثيراً.

شجرة العائلة

وأشارت مريم الهاشمي إلى أن هذه الرواية التي تنتمي لمدرسة الواقعية السحرية، أنهكتها كثيراً لدرجة أجبرتها على رسم شجرة العائلة، وهو ما اتفق عليه الحضور الذين أرهقهم تكرار أسماء الشخصيات وتفاصيلها.

Email