فوتوغرافيا

منصات الصور.. كسر حِدّة المسافات

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم أكن أتصور يوماً أن أستيقظ صباحاً لأجد سرير ابني الوحيد فارغاً! أعتقد أن عملية التنفس لن تكون سهلة مطلقاً بالنسبة لي! بعد 19 عاماً من عمري تمحورت كلها حوله، أخشى على نفسي من كل الصدمات النفسية والعصبية وأكاد أوقن أني لن أعيش طويلاً بدونه!

لم تخرج هذه الكلمات بسهولة من فم تلك السيدة المكلومة! فهناك عاصفة من الأسى صاحَبَت حديثها عن وحيدها الذي يستعد للسفر للخارج لمتابعة دراسته ومفارقتها للمرة الأولى. الأمر كان صعباً بالنسبة له أيضاً لكن المقارنة بين الصعوبتين جائرة بالتأكيد.

لكن الفتى لم يقف متفرّجاً مقتنعاً بالمواساة التقليدية المعتادة في تلك المواقف! بل بادر لتعليم والدته على استخدام عدة تطبيقات خاصة بالتواصل الاجتماعي، وعانى في البداية من رفضها لتعلّم أي جديد مبرّرة ذلك بأن لا شيء يُغنيها عن وجوده بجانبها! لكن إصراره كان أقوى من موقفها الذي بدا وكأنه مضطر للقبول بأي فكرة قد تخفّف حُرقة الفراق وقسوة المسافات، وكان له ما أراد فقد بدأت والدته باستخدام التطبيقات ودموعها لا تفارقها، بينما قام هو بتكثيف التواصل معها ومشاركتها يومياته أولاً بأول، ثم انتقل لمرحلة أخرى كان لها تأثير إيجابيّ كبير عليها.. فقد ربط بين عددٍ من أفراد عائلته المحبوبين لدى والدته وبين حساباتها على تلك التطبيقات، الأمر الذي ضاعف من كمية التواصل اليومي معهم والاطلاع على تفاصيل حياتهم اليومية وتفاعلها مع منشوراتهم ومناسباتهم.

رغم أن هاتفها الذكي احتلّ المساحة الرئيسية في يومها، إلا أنّ قلبها لم يزل حزيناً بسبب التحوّل المفاجئ! كان التواصل البصري صباح مساء، بمثابة أمواج البحر المنعشة التي تخفّف تأثير حرارة شمس الصيف الحارقة، في انتظار اعتدالٍ مصاحبٍ لفصلٍ آخر.

فلاش:

بعض الصور تلعب دوراً أهم من الأوكسجين في الحفاظ على الحياة !

* جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئيwww.hipa.ae

Email