نوزاد جعدان الـ«سعيد جداً» يغني وطنه: «يا غصناً قديماً»

■ غلاف ديوان «سعيد جداً»

ت + ت - الحجم الطبيعي

توحي عناوين قصائد ديوان «سعيد جدًا»، للشاعر السوري نوزاد جعدان، بذلك الإنسان المتأمل والباحث بصمت، الواقف في زاوية، وهو يشاهد تلك التفاعلات المحيطة به، إذ تستفزه فيكرس نفسه مسؤولاً ليمضي بعلاجها بأسلوبه المختلف من خلال ترجمتها ترجمة شعرية صورية، من أجل طرحها كنصوص بليغة.

يحتوي الديوان على عناوين قصائد تبدو واضحة ومثالية في الوقت ذاته، وخارجة من أحلام الطفولة، فمن «الحطب القديم» و«التراب المهذب» و«فتى الينابيع» و«الفتى الأنيق» و«السماء المؤدبة»، إلى عناوين تصطبغ بواقع المكان، مثل: «حزني مختلف» و«زر ثوب» و«الطين الطائش». وفي مروحة هذه العناوين جميعها، نتبين وكأن نوزاد يخلق من توليفتها عالما مثاليا وواقعيا، في آن، لطفل يحلم بوطن شرقي، إذا تيسر الأمر.

«الشارع شاعر»

ويقول الشاعر في قصيدته التي بعنوان في «الشارع شاعر»:

في الشارع حجرة

وزهرة

وعربة مكسورة العجلات

في الشارع

شاعر عاشق

وقاتل

وحوذي يبحث عن عربته.

ويمضي نوزاد جعدان، بشعره وحلمه دون فوضى، وذلك خاصة في قصيدته «الوطن»، إذ يقول في نهايتها:

وطني يا غصنًا قديمًا

قديمًا جدًا

يقف عليه دبٌ مكسور بليد.

تأثير النص

وفي ديونه هذا، اختار الشاعر نوزاد جعدان عنوان قصيدة من تلك القصائد بعنوان «سعيد جدًا» ليكون اسمًا للديوان بأكمله، ليشعر بالسعادة، أو بمعنى أصح، بالغلبة والظفر، فالانتصار مفهومه لديه في السرور، تلك البهجة التي يعبر عنها لتحوم مفرداته فيها حول ما يشبه الاطمئنان بالفرح، والأمان بالمرح.. مفرداته في القصيدة تتزاحم في شجرة وزهرة وعشب وحلوى، لتتسع عين قارئه سعادة، في ثقافة من تجارب حسية متعددة غير قابلة للجمود، وبالتالي تفتح نصوصه آفاقا واسعة للاستثمار في التأثير، بل قوة التأثير كنموذج وقيمة جمالية تجتاحها تجليات النص.

أمومة ووطن

الشاعر السوري نوزاد جعدان مقيم بالشارقة ويعمل بها، ما زالت ذاكرته قوية رغم بعدها عن عوالمه الأولى، وهو ما يتجسد بجلاء في الديوان.. فبه تتجلى طفولته التي عاشها بين القرية والمدينة، بين الزراعة والإسمنت، بين الرعي والازدحام، البساطة والتعقيد. لكنه وأمام ما يجتاحه من واقع يعود لوطن أكبر من القرية والمدينة، في قصائده، وهي الأم كوطن جميل ومثالي، ليستقر في مشاهدها التي لا تنتهي من الفجر إلى المساء، فيكتب عنها في كل وقت، ويضع قلقه جانبًا.

Email