معمرة كانت موظفة بسلك قيادة النازيين تبوح بأسرارها

برانهيلد بومسيل 105 أعوام لا تعرف الندم

ت + ت - الحجم الطبيعي

«تُرى ما هو الدافع لخروج برانهيلد بومسيل البالغة من العمر 105 أعوام، عن صمتها بصفتها آخر الأحياء من الحلقة الداخلية لقيادة النازية؟» سؤال تطرحه كيت كونولي المحررة في صحيفة «الغارديان» البريطانية في مقدمة حوارها مع برانهيلد التي عملت كسكرتيرة لوزير إعلام النازية آنذاك جوزيف غوبيلز، والذي اعتبرته المحررة أول وربما آخر لقاء مسهب في تفاصيله معها.

وإجابة برانهيلد عن سؤالها «بالتأكيد ليس لإراحة ضميري»، تستفز فضول القارئ لمتابعة الحوار في محاولة لمعرفة خبايا تلك الإنسانة التي لا تشعر بالندم، والتي فقدت بصرها في العام الماضي والتي تقول أيضاً: «أشعر بالارتياح لأن أيامي باتت معدودة. والأمل الوحيد الذي أتمسك به خلال ما تبقى من حياتي، ألا ينقلب العالم رأساً على عقب كما حدث حينها.

كم أشعر بالرضا أني لم أنجب أبناءً يستدعون خوفي عليهم من الزمن». وفي حين تقر أنها كانت في قلب آلة «البروبغندا» النازية، إلا أن طبيعة عملها تمثلت في أعمال السكرتارية ضمن فريق ضم خمس سكرتيرات، إلى جانب بعض الأعمال الجانبية مثل تقليص أرقام احصائيات لعدد الجنود القتلى أو المبالغة بأرقام النساء الألمانيات المغتصبات من قبل الجيش الأحمر.

كسر الصمت

ويعرف القارئ أخيراً الدافع للموافقة على هذه المقابلة والذي يتمثل بعرض الفيلم الوثائقي «حياة ألمانية» المبني على 30 ساعة حوار مع برانهيلد في «مهرجان ميونيخ للأفلام» الذي أقيم في شهر يونيو الماضي. وتقول عن سبب حرصها على مشاهدة الفيلم: «من المهم بالنسبة لي لدى مشاهدتي للفيلم، إدراك من خلال انعكاس صورة ما جرى، ما الخطأ الذي ارتكبته» وتعود لتؤكد: «أنا حقاً لم أفعل شيئاً سوى الطباعة في مكتب الوزير غوبيلز».

وتعود إلى وصف طبيعة عملها قائلة: «أعلم أنه ما من أحد يُصدِّقنا هذه الأيام، معتقدين أننا نعرف كل شيء. لم يكن لدينا أي اطلاع على ما يحدث، فجميع المعلومات كانت سرية».

ورفضت الإقرار بأنها كانت ساذجة حينما أحرجتها محاورتها بسؤالها إن كانت تصدق ما قالته حول المبررات التي كانت تشاع عن اختفاء اليهود ومن ضمنهم صديقتها المقربة إيفا، والتي تمثلت بإرسالهم إلى قرى نائية بحجة إعادتها إلى الحياة بسكانها الجدد، وتقول: «لقد صدقنا ما قيل وبدا ما قيل منطقياً».

سذاجة ومصالح

وتقول إنها لاحظت زيادة الضغوط على صديقتها الصهباء إيفا بعد وصول أدولف هتلر إلى السلطة. وتشير إلى أنها تلقت ما يشبه الصفعة على الوجه حينما تم ايقاف مذيع يتمتع بجماهيرية واسعة وإرساله إلى أحد معسكرات الاعتقال كعقاب لكونه منحرفاً. أما عدا عن ذلك فبقيت تعيش بالمجمل ضمن فقاعة غير دارية بالدمار الذي تسببت به قوات النازيين وإن كانت تعيش عقر دارها.

وتقول برانهيلد فيما يشبه دفاعاً غير مباشر عن نفسها: «أعتقد أن الناس الذين يقولون اليوم إنهم كانوا سيقفون بالمرصاد للنازيين، صادقون في نواياهم، لكن صدقيني معظمهم لن يلتزموا بكلامهم. وبعد نهضة النازيين بدا البلد بأكمله كأنه تحت سحر ما».

الأيام الأخيرة

وتحكي أن حياتها الجميلة توقفت فجأة في اليوم التالي من عيد ميلاد هتلر عام 1945، حينما تلقى مديرها غوبيلز وفريقه أمراً بالانضمام إلى زعيمهم في الخندق المحصن ضد الغارات الجوية. وتقول: شعرت في الأيام الأخيرة من الحرب كأن شيئاً ما في داخلي مات.

وبادر مديري بعد يومين من انتحار هتلر، إلى قتل نفسه وزوجته بعد تسميم أطفالهما الستة بالسيانيد والتأكد من موتهم. ويذكر أن السينما الألمانية قدمت فيلماً سينمائياً حول قصة انتحار هذه العائلة والذي يعتبر من روائع الأفلام الخالدة.

الرايخ غوبيلز

تقلد الألماني جوزيف غوبيلز منصبه الرايخ وزير البروبغندا في عهد النازية بألمانيا خلال الفترة من 1933 – 1945، وكان من الحلقة المقربة للزعيم أدولف هتلر ومن أكثر أتباعه المخلصين. وتميز بكريزما شخصيته وبلاغته في الخطابة ومعاداته الشديدة للسامية.

Email