غاب المنتج المثقف فانتعش سوق المقاولات

المنتج التاجر آفة الوسط الفني

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

علاقة عكسية تحكم بين طرفي المعادلة؛ المنتج المثقف، ونظيره التاجر؛ فكلما غاب المنتج المثقف انتعش سوق المقاولات، بفضل أموال المنتج التاجر، الذي يبحث دائماً عن الربح المادي السريع، ولا يهتم بالقيمة الفنية في ما يقدمه للجمهور. والعكس صحيح، فكلما كان رأس المال الهادف موجوداً زادت الأعمال القوية، التي تحمل مضامين تحمل هموم الناس، وتعكس واقعهم وتطلعاتهم.

البعض يتعلل أن رأس المال، كما يقال، جبان، ويخشى المغامرة، ويفضل تقديم أعمال قليلة التكلفة سريعة العائد، والبعض، وهم قلة، يدير ظهره لمثل هذه الأفكار، ويحمل على عاتقه رسالة الفن الهادف، فيقدم نوعية ترسخ الأذهان وإن تأخر ربحها. حول هذا وذاك استطلعت «البيان» آراء عدد من النجوم، الذين فتحوا قلوبهم وحكوا مخاوفهم، ووضعوا أيديهم على الجرح، الذي ينزف داخل شاشات العرض في السنوات الأخيرة.

أرباح مادية

لم تحقق الفنانة سميرة أحمد أرباحاً مادية وراء إنتاجها الأعمال الدرامية مقارنة بالآخرين، لأنها لا تتعامل مع العمل وكأنها تاجرة، فالذي يهمها من الدرجة الأولى راحة طاقم العمل، فلا تساوم الفنان على أجره، وتحقق له الراحة التامة حتى يبدع ويخرج كامل مواهبه، فهي تذكر أن هناك واحداً من المنتجين الزملاء قال لها إذا ظللت بهذا الشكل؛ فلن تحققي الربح المادي المطلوب، وقتها ردت عليه وقالت له: أنا لست تاجرة.

أعمال هابطة

ترى الفنانة ميرفت أمين أنه وفي الوقت الحالي وسط الأفلام التجارية، التي يبحث فيها المنتج عن المكسب المادي، نرى أفلاماً جيدة مثل «بتوقيت القاهرة» و«سهر الليالي» و«ملاكي إسكندرية»، ولكن ربما قلة الأعمال التي تقدم حالياً تجعلنا نرى الأفلام الهابطة بوضوح أكثر. ففي الماضي كان يتم إنتاج عدد هائل من الأفلام التي تحمل قصصاً مميزة وأداء رائعاً، لذلك حينما كان يتم إنتاج فيلم دون المستوى، لا يلاحظ المشاهد وجوده.

كارثة حقيقة

يقول الفنان خالد أمين: الدراما العربية تعاني كارثة حقيقية؛ وهي إظهار الشخصية الدرامية في صورة اثنين، إما ملاك وإما إبليس، وكأننا لا نتعامل مع بشر، منهم الجيد والسيئ، إضافة إلى أن المنتجين يتبعون سياسة الخراف، التي تتمحور في اتباع نوع واحد فقط من الأعمال، بمعنى إذا نجح مسلسل رومانسي فإن بقية المسلسلات تسير على الدرب نفسه، لتجد أعمالاً كثيرة متشابهة، بينما ترى الفنانة مروة أن الدراما الخليجية تفتقد النص القوي، والمنتج الذي لا يجامل، ويبحث فقط عن العمل المميز، دون النظر للربح المادي، وكذلك المعاهد المتخصصة في الفن، التي تعمل على تخريج جيل مثقف فنياً.

مولد شعبي

من ناحية أخرى، تقول الفنانة هند صبري: اختلط الحابل بالنابل، فكل شخص يظن نفسه الأفضل، ويريد خوض تجربة التمثيل والغناء، على الرغم من عدم امتلاكه الموهبة، فاليوم الأوضاع غير مطمئنة، والمنتجون لا يريدون وضع أموال، والتصوير يتم بسرعة؛ كل هذه العوامل تؤدي إلى وجود أفلام بالفعل أشبه بالمولد الشعبي، مشيرة إلى أن هذه النوعية من الأفلام تحقق إيرادات كبيرة من زمن طويل، ولكن الاختلاف يكمن في قله وجود نوعية الأفلام التي تحمل بعداً فنياً.

رأس المال جبان

يؤكد الفنان شريف رمزي أن رأس المال جبان، يخشى المغامرة، ويفضل تقديم أفلام قليلة التكلفة، فبعد أن كان الفيلم يكلف 20 مليوناً، اليوم لا يتعدى 5 ملايين، إضافة لأن الناس مكتئبة، لذلك لا تتابع سوى الأفلام الكوميدية، التي تحتوي على مشاهد رقص وغناء، والتي وعلى الرغم من قله مستواها إلا أنها حققت إيرادات، بينما تقول الفنانة هيا عبد السلام: عدد كبير من المنتجين غير دارسين للفن، فتراهم يلهثون وراء الربح المادي، دون النظر إلى قيمة العمل نفسه، يستقطبون أسماء فنية لا تنسجم مع بعضها بعضاً، جاهلين أن كل عمل درامي بحاجة إلى توليفة فنية، حتى يخرج إلى النور بالصورة المناسبة.

Email