ندوة تأبينية في الشارقة لـصوت إفريقيا النابض

الفيتوري..الدرويش الراسخ في الشعر

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

من قلب الشارقة ببيت الشعر أقيمت، أول من أمس، ندوة تأبينية للشاعر الراحل محمد الفيتوري، وذلك بتنظيم من دائرة الثقافة والإعلام، شارك فيها كوكبة من الأدباء والمفكرين والمهتمين بالحركة الثقافية والفنية والشعرية ومن محبي الشاعر الراحل، وتم قراءة عدة أبيات شعرية للفيتوري ألقاها شعراء ومشاركون، معبرين عن أصالة شعره النابض بالعروبة، وشارك في الندوة الشاعر عبدالقادر الكتيابي، والدكتور والناقد صالح هويدي، وأدار الجلسة الإعلامي نواف يونس.

جانب اجتماعي

«البيان» حضرت الندوة التأبينية التي تميزت بحضور إعلامي مكثف ومتنوع، وتناول عبدالقادر الكتيابي الجانب الاجتماعي من حياة الفيتوري بشكل قريب، وذلك لصلة القرابة التي بينهما، وتحدث عن حياته في دارفور وشعره وتأثره بوالده الشيخ مفتاح رجب الفيتوري وهو خليفة صوفي في الطريقة الشاذلية، وذكر الكثير من المواقف التي تربطه بالشاعر..

وتطرق إلى نشأة الفيتوري ورحلته الطويلة مع الأدب والسياسة والصحافة فهو من مواليد عام 1936 ترعرع في الإسكندرية حيث حفظ القرآن الكريم ودرس بالمعهد الديني. وأخذ الدكتور صالح هويدي جانب الشعر ولونه الذي تميز به الشاعر، وذكر الدكتور هويدي أنه رغم حالة الرثاء والحزن لفقد هذا الرمز الشعري والأدبي الصادق الذي كان يصل دائماً إلى قلوب محبيه لتجسيده الصادق للحالة التي يمرون بها إلا أنه سيظل ذكرى خالدة في قلوب محبيه.

دمعة وجع

ومن ضمن المداخلات بالندوة قال محمد البريكي مدير بيت الشعر في كلمته عن الفيتوري: «عاش شاعر القارة السمراء والعروبة محمد الفيتوري، متنقلاً من وجع إلى آخر كالنحلة، ليخلف لنا عسلاً نقياً، عاش يؤمن بما ستؤول إليه رأس كل آدمي، وقد استشرف هذا المصير بعد كل هذا التعب والمعاناة مع الغربة والمرض الذي أنهك جسده وأثقل صبره».

وأضاف: انتهى عمره وغادر جسده، لكن الفيتوري «الدرويش المتجول» سيبقى بشعره دائم الحضور، ومن منطلق حرصه على الوفاء لأهل الأدب، وضمن أهدافه التي رسمها بدعم من صاحب السمو حاكم الشارقة، حفظه الله، يستذكر بيت الشعر في الشارقة سيرة وعطاء هذا الشاعر، ليؤكد أنه بيت كل مبدع عربي، وأنه مثلما ينثر الورد لهم ويسخر كل طاقاته من أجل أن يقدموا إبداعهم للمتلقي، فإنه يذرف دمعة وجع على رحيلهم، ولا يسمح لشمس عطائهم أن تغيب».

رحلة إبداع

ويعتبر الفيتوري من رواد الحركة الحديثة في الشعر العربي، وبعد رحلة إبداع طويلة كان مبدعاً ملتزماً بالمعنى الإنساني للكلمة، ومناضلاً ضد التمييز ومنحازاً للإنسانية وشاعر إفريقيا بامتياز. وأجمع المشاركون على أن الشاعر الفيتوري لم يكن شاعراً عادياً، ولكنه مثل حالة فريدة للعالم العربي والأمة بكل ما مر بها من كبوات وانتصارات خلال الحقبة الماضية باعتباره من رواد الشعر الحديث، وكان من ضمن الحضور كلثم عبدالله، ساجدة الموسوي ومجموعة من النقاد والضيوف الإعلاميين.

تحت المطر

يعتبر الفيتوري جزءاً من الحركة الأدبية العربية المعاصرة، ويعد من رواد الشعر الحر الحديث، ففي قصيدة «تحت الأمطار» نجده يتحرر من الأغراض القديمة للشعر كالوصف والغزل، ويهجر الأوزان والقافية، ليعبر عن وجدان وتجربة ذاتية يشعر بها، وغالباً ما يركّز شعره على الجوانب التأملية، ليعكس رؤيته الخاصة المجردة تجاه الأشياء من حوله مستخدماً أدوات البلاغة والفصاحة التقليدية والإبداعية. ويعد بيت الشعر ثاني مركز تنطلق منه ندوة تأبينية للشاعر بعد أمسية في المغرب حيث كان يعيش، وكان يفترض وجود الفيتوري في مهرجان الشارقة للشعر العربي في دورته الأخيرة، ولكن ظروف مرضه حالت دون مشاركته وحضوره.

Email