محمد خليفة المبارك لـ «البيان»:

الإمارات عاصمة عالمية لحوار الثقافات والتعايش

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

وراء الكثير من الفعاليات التي تضيء أيام أبوظبي، يبرز اسم دائرة الثقافة والسياحة، لتجسد في تنوع ما تقدمه، شتى أشكال العمل المتميز، ولتحاكي وتحقق احتياجات وطموحات مختلف المبدعين والمثقفين وكافة شرائح المجتمع من مختلف الأعمار.

وعن دور الدائرة الذي يتكرس يوماً بعد آخر، قال رئيسها محمد خليفة المبارك : نؤمن بأهمية الثقافة والمعرفة الكيفية والنوعية لا الكمية فقط، والجميع يشهد ما حققته دولة الإمارات على مدى العقود الماضية من منجزات ثقافية شاملة. وأوضح في حوار أجرته «البيان» معه: هذه المنجزات وضعت دولتنا بمصاف أولى دول العالم في مؤشر المعرفة، بوصفها عاصمة عالمية لحوار الثقافات واحترام الآخر والانفتاح والتعايش.

وأضاف المبارك: أؤمن بأن الثقافة يمكن أن تحرر الإنسان من الأفكار المنغلقة ووجهات النظر الأحادية، وذلك بإطلاق العنان للإبداع والنمو الفكري.

وغير ذلك تحدث رئيس دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، وكشف عن العديد من المشاريع المستقبلية في الحوار التالي:

منارة التسامح

الإبداع والثقافة والفنون تكرس بشكل دائم الحوار مع الآخر، وتعزّز ثقافة التسامح، فكيف تفاعلت دائرة الثقافة والسياحة ـ أبوظبي، بشكل مباشرة مع عام التسامح؟

مع إعلان دولة الإمارات العام 2019 عاماً وطنياً للتسامح، حرصنا على وضع أجندة خاصة بالمبادرات والفعاليات التي تتناسب مع هذه الثيمة، ترسيخاً لمكانة دولة الإمارات بوصفها منارة للتسامح والوسطية والاعتدال.

حديقة الأولمبياد الخاص

من بين هذه الفعاليات تنظيم الألعاب العالمية الأولمبياد الخاص في أبوظبي خلال مارس الماضي، انسجاماً مع روح عام التسامح وتشجيعاً لقيم الاندماج الاجتماعي، وتقبل الآخر التي تتبناها الألعاب العالمية، وقد كشفنا بالتعاون مع الأولمبياد الخاص الألعاب العالمية 2019 عن «حديقة الأولمبياد الخاص» الدائمة في منارة السعديات، والتي تحتوي على أعمال فنية نفذها فنانون عالميون من وحي قصص «ذوي الهمم»، كما خصصنا مساحة للأولمبياد الخاص ضمن مهرجان «أم الإمارات» 2019 على كورنيش أبوظبي، حيث تفاعل الجمهور مع الفعاليات التي تضمنها المهرجان.

وفعّلنا دور المسؤولية المجتمعية في دائرة الثقافة والسياحة أكثر، عبر استضافة وتنظيم أنشطة متعددة ترتكز على التسامح واحترام الآخر والتواصل بين مختلف أطياف المجتمع، مثلاً شارك معرض أبوظبي الدولي للكتاب أخيراً في مهرجان الألوان «هولي» الذي أقيم في متنزه خليفة للاحتفال بهذه المناسبة الهندية، وبالتزامن مع احتفاء المعرض بالهند ضيف شرف هذه الدورة، كما يسلط البرنامج الثقافي المصاحب للمعرض على تنوع وثراء الثقافة الهندية.

كما نستمر بتنظيم الأنشطة والفعاليات العامة، التي تعزز قيم التسامح والانفتاح على الثقافات والحضارات الأخرى والحوار وتقبل الآخر، بالتركيز على الفنون والموسيقى والحوارات الثقافية المعمقة، فقد نجحنا في تقديم نموذج حواري متقدم في «القمة الثقافية أبوظبي 2019» حيث جمعت أكثر من 450 متحدثاً من قادة الفكر وأصحاب القرار والمؤثرين الثقافيين من حول العالم.

سيفتتح قريباً معرض أبوظبي الدولي للكتاب، فما المغاير الذي ستقدمه الدورة الجديدة من المعرض الذي سيقام من 24 إلى 30 الجاري؟

نسعى في هذه الدورة من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، إلى تقديم برنامج ثقافي وترفيهي مجتمعي وتعليمي موسع ومكثف إلى حد كبير، وهو موجه لجميع أفراد العائلة ويلبي اهتمامات مختلف الشرائح، وتم تطوير المنصات المتخصصة في المعرض، لتقدم برامج وفعاليات متخصصة وأكثر تركيزاً وتفاعلاً مع الجمهور، مثل ركن النشر الرقمي وركن الرسامين والفنون، ولأول مرة نقدم ركن القصص المصورة الذي يمثل همزة وصل بين الكلمة المكتوبة والفنون البصرية، كما يعكس المعرض تنوع وثراء الثقافة والتراث في الهند بوصفها ضيف شرف هذه الدورة، حيث يتضمن البرنامج الثقافي طيفاً واسعاً من الفنون والآداب التي تميز القارة الهندية، وبمشاركة أهم المثقفين والأدباء من هناك.

أما الشاعرة الإماراتية الراحلة عوشة السويدي المعروفة بـ«فتاة العرب» فهي الشخصية المحورية للمعرض، وسيتم تسليط الضوء على نتاجها الأدبي والشعري وتأثيرها في عالم الشعر النبطي، كما يستضيف المعرض كوكبة من الكتاب والأدباء والشعراء من حول العالم للقاء محبي القراءة بأبوظبي، وإقامة حوار مباشر معهم كالعادة.

سرد متحفي

ما الفارق الذي أحدثه افتتاح متحف اللوفر أبوظبي في الدولة خاصة، والمنطقة بشكل عام؟

منذ افتتاحه قدّم متحف اللوفر أبوظبي العديد من التجارب الجديدة، ما أسهم في إثراء التجربة الثقافية والسياحية في العاصمة الإماراتية، ووضعها في صدارة الوجهات المفضلة، وهو ما تتوقع دائرة الثقافة والسياحة استمراره بالمرحلة المقبلة، حيث اجتذب المتحف في عامه الأول أكثر من مليون زائر، ما جعل أبوظبي وجهة ثقافية عالمية مميزة، خاصة أن السرد المتحفي في اللوفر أبوظبي يعكس جوهر الإنسانية مع انفتاحه على ثقافات العالم وحضاراتها المتنوعة من خلال معروضاته ومقتنياته المذهلة.

إلى أين وصلت المشاريع الثقافية في السعديات، وما المتحف المرتقب افتتاحه بعد اللوفر أبوظبي؟

تواصل الدائرة تطوير المنطقة الثقافية في السعديات كما هو مخطط له سابقاً، حيث يتم العمل على إنجاز كل من متحف زايد الوطني ومتحف جوجنهايم أبوظبي.

كما تمضي الدائرة بمشاريعها التطويرية للبنية التحتية الثقافية في الإمارة، حيث يتم العمل حالياً على ترميم وتطوير متحف العين، وتشمل أعمال الترميم المبنى الرئيسي للمتحف المقام منذ سبعينيات القرن الماضي، وإعادة تصميم قاعات العرض من الداخل مع تحديث تقنيات العرض البصري لمحتوى المتحف لتواكب التكنولوجيا الحديثة وتطبيقاتها، ويتضمن مشروع الترميم إنشاء مبنى جديد وتوفير مساحات إضافية لمزيد من المعارض الدائمة والمؤقتة ومخازن للمقتنيات ومنطقة مخصصة لإجراء الدراسات بجانب مختبر لأعمال الحفظ والصون وورش عمل تعليمية ومساحات إدارية ومقهى ومتجر هدايا تذكارية.

فمتحف العين واحد من الوجهات التاريخية والسياحية في الدولة، وهو من أقدم المباني التي تم تخصيصها لتكون متحفاً، فقد وجّه بإنشائه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قبيل إنشاء الدولة، وفيه يعرض أول المكتشفات الأثرية التي عثر عليها في أبوظبي، بالإضافة إلى ذلك سيجري تحديث المساحات الخارجية والعامة للمتحف مع إضافة موقف جديد للسيارات.

تراث وطني

تم إدراج عدد من عناصر التراث الوطني الإماراتي على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي، مثل الصقارة والتغرودة وغير ذلك، فما أهمية هذا، وهل هناك مجال جديد تعملون على وضعه قريباً؟

يعد الموروث مكوناً أساسياً للهوية وعاملاً حاسماً لتعميق وترسيخ جذور الانتماء والحفاظ على الهوية الوطنية، وقد أثمر توجه الإمارات نحو إحياء التراث والحفاظ عليه عن تحقيق الكثير من الإنجازات، وأحد أبرز هذه المنجزات تسجيل 7 عناصر من التراث الوطني على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية لمنظمة اليونسكو.

وجهودنا لن تتوقف هنا، فنحن نعمل عن قرب لدراسة وتقديم ملفات لتسجيل عناصر جديدة على هذه القائمة بالتعاون مع المؤسسات الثقافية والتراثية المعنية والأفراد والجماعات الذين يمارسون التراث، كما نواصل عملنا بتعزيز أهمية التراث وتكريسه في نفوس الأجيال الجديدة من خلال مبادرات عملية، لذا قمنا بإطلاق مبادرة «بيت القهوة» بعد إدراج القهوة العربية على قائمة التراث العالمي، لنتشارك مع العالم التقاليد العريقة التي طالما جمعت ثقافتنا مع ثقافات العالم على فنجان واحد من التحاور والتفاهم والتسامح.

وتم تصميم مبادرة «بيت القهوة» لتكون بمثابة محاكاة متكاملة لإعادة تقديم تقاليد القهوة العربية بأقرب صورة لما كان متعارف عليه في مجتمعاتنا القديمة، وذلك لتوثيق وحفظ الممارسات التي ارتبطت بالقهوة والمجلس، والتي ترمز إلى الكرم والضيافة والاحترام المتبادل، حيث يقدم البرنامج التدريبي لـ«بيت القهوة» إطاراً شاملاً لهذه الممارسات، وفق التوصيف المعتمد بالملفات المقدمة لليونسكو.

أهمية كبيرة

سيتم افتتاح بقية الأقسام في المجمع الثقافي مثل مكتبة الأطفال والمسرح، فما الذي تعدون به الجمهور؟

نولي الجمهور من مختلف الفئات العمرية أهمية كبيرة، حيث حرصنا على توفير مساحة جديدة ونابضة بالحياة تؤثر بحياة الأطفال وأسرهم ضمن المجمع الثقافي، من خلال مكتبة الأطفال المميزة، ما يتيح لهم فرصاً مميزة لتوفير التفاعل المباشر مع المصادر المكتبية المتنوعة في المكتبة، ونعد الجمهور بالكثير من التعلم والترفيه في آن، كما سنعمل على خلق جو مليء بالهدوء والإبداع لتحفيز الجمهور على الابتكار والإبداع، كلٌ في مجال اهتمامه.

ونؤكد أيضاً التزامنا بدعم وسائل تطوير معارف القراءة والكتابة والأدب العربي وتوفير برامج تثري التعلم خارج الحصص المدرسية سواء في مكتبة المجمع الثقافي أو المسرح الذي يستضيف عروض أداء مهمة طوال العام.

باعتبارك ترأس واحدة من أهم الجهات الثقافية في الدولة، كيف تنظر إلى دور الثقافة والمعرفة للرقي بالناس والمجتمعات، وتكريس الفكر المنفتح البعيد عن التطرف؟

تستند الإمارات إلى تاريخ يمتد لآلاف السنين، بإمكاننا أن نستمد منه العديد من القيم والأعراف، ونسعى في الدائرة لدعم أفراد المجتمع وإتاحة الفنون والإبداعات أمامهم لصقل معارفهم العلمية وقيمهم الأخلاقية من التسامح والانفتاح إلى الوسطية والحوار، كونها تجسد جميعها السبيل الوحيد للانتصار على التيارات الظلامية التي تستهدف شبابنا الإماراتي والعربي، ومن خلال توظيف الفنون بمختلف أشكالها والفكر لمعالجة التحديات اليومية، وتعزيز التبادل الثقافي لنمو المجتمعات، ونلتزم في دائرة الثقافة والسياحة ـ أبوظبي بتعزيز حوار الثقافات بين الشعوب، وتشجيع التبادل المعرفي بين الدول والجنسيات المختلفة، ومن هنا، فإننا ندعم المساعي الرامية إلى الارتقاء بالفنون والموسيقى والآداب في الإمارات كونها اللغة التي توحّد العالم مع حفاظها على خصوصيتنا الثقافية وفرادة هويتنا بما تحفل به من رموز ذات أهمية في ضمير ووجدان أبناء شعب الإمارات، وبما تحمله أبوظبي من رسالة حضارية إنسانية إلى بقية شعوب العالم، بسعيها لإغناء حياة كل أولئك الذين يَفدون إليها.

وضمن استراتيجية طموحة نواصل العمل لترسيخ النجاحات التي حققناها سابقاً، والارتقاء بتجربة السائح ليتعرف على مكونات الثقافة والتراث بشكل تفاعلي ومباشر، خاصة أن الوجهات السياحية في أبوظبي تمكن من الغوص عميقاً في النسيج الاجتماعي متعدد الأطياف والثقافات.

4 معالم

قال محمد خليفة المبارك: تضم منطقة الحصن الثقافية 4 معالم، ولكل معلم أهمية خاصة ودور مهم بحياة الناس، أهم هذه المعالم «قصر الحصن» الذي يعد متحفاً يروي التاريخ القديم لأبوظبي، وناسها، و«المجلس الاستشاري الوطني» الذي جرت فيه العديد من النقاشات لإدارة شؤون البلاد بما فيها المشاورات المبكرة لإقامة الاتحاد، و«المجمّع الثقافي» الذي احتضن التراث الثقافي المعاصر بعد إقامة الدولة، وأخيراً «بيت الحرفيين» الذي يعد بمثابة الحامي للتراث التقليدي وممارساته كونه يقوم بدور أساسي بتعزيز الوعي عن التراث الإماراتي المعنوي وصونه، بما فيها عناصر التراث المدرجة على القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للبشرية لمنظمة «اليونسكو». ويأتي حرصنا في الدائرة على تطوير مباني منطقة الحصن لما تتمتع به من أهمية عند أهالي أبوظبي وسكانها.

Email