الكاتب الصيني رن هونغ جي لـ« البيان »:

الأدب العربي يجمع بين الجمال والغموض

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

الرغبة في التعرف إلى العالم العربي، بسحره وغموضه وجاذبيته بالنسبة له كشخص صيني، هو ما دفع «رن هونغ جي» أو «حكيم» لتعلم اللغة العربية فدرسها، حيث يعمل أستاذاً في جامعة الدراسات الأجنبية في (بكين) بجمهورية الصين الشعبية، وهو باحث ومتابع للأدب العربي الحديث، إضافة إلى ذلك فهو يستغل وقت فراغه في ترجمة الأعمال العربية إلى اللغة الصينية.

وبتعلمه اللغة العربية الذي استغرقت منه 5 سنوات من الدراسة، حقق «رن هونغ جي» حلمه الذي طالما تمناه بالتحدث مع العرب بلغتهم بطلاقة ويسر، وبعد هذه الرحلة الشاقة نال مراده وقرأ الأدب العربي، وزار الإمارات عدة مرات وانبهر بتطورها العمراني وهو الذي اعتقد إنها منطقة صحراوية.

التقينا «حكيم» خلال زيارتنا أخيراً إلى جمهورية الصين الشعبية، وفي حواره مع «البيان» تحدث عن تجربته في تعلم اللغة العربية، وانطباعه عن زيارة الإمارات وقراءته لكتاب «رؤيتي»، الذي كتبه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي رعاه الله.

تعريف

كيف يعرف «حكيم» بنفسه لقراء صحيفة «البيان»؟

الاسم العربي «حكيم» والصيني «لو مو شي»، أستاذ في جامعة الدراسات الأجنبية في بكين، وباحث في الأدب العربي الحديث، وأعمل كمترجم، شاركت في عدد من الفعاليات، منها الترويج لكتاب الرئيس الصيني شي جين بينغ «حول الحكم والإدارة»، خلال أسبوع الثقافة الصيني الإماراتي الذي أقيم في أبوظبي في يوليو الماضي، وأعمل حالياً على ترجمة بعض الأعمال المسرحية إلى اللغة الصينية، مثل مسرحية ميخائيل نعيمة «الآباء والبنون»، ومسرحية «شمس نهار» لتوفيق الحكيم. فأنا مولع بالأدب العربي واستخدم مؤشر البحث جوجل، للبحث عن الكتب المترجمة عبر الانترنت ومتابعة جائزة البوكر بنسختها العربية.

رغبة

كيف يكون إقبال القارئ الصيني على قراءة الأدب العربي؟

يرغب الصينيون بقراءة كل ما له علاقة بالأدب العربي رغبةً منهم باستكشاف هذا العالم الذي يتسم بالغموض والسحر بالنسبة لهم، إضافة إلى توضيح بعض الانطباعات عن العرب والمسلمين بشكل عام، التي حصلوا عليها من الأخبار المشوشة ونقص معرفتهم بالعالم والشعب العربي، وترجمة الكتب العربية إلى الصينية، تساهم في تصحيح الكثير من المعلومات والانطباعات، ومعرفة أيضاً الدين الإسلامي بالشكل الصحيح.

جمال غامض

كيف ترى الأدب العربي بشكل عام؟

يمتاز الأدب العربي عن الصيني بالشعر، حيث يميل الشعراء العرب إلى استخدام أساليب تجمع بين الجمال والغموض في قصائدهم وتحمل معاني عميقة، تثير الأفكار، وتدعو للبحث عن مغزى الأبيات.

والأدب الحديث يتطرق إلى بعض القضايا الساخنة في البلدان العربية، وقرأت لعدد من الكتاب العراقيين الذين كتبوا بعض القصص التي حدثت أو لا تزال تحدث، وعالجوا بعض المشكلات بأسلوب واقعي يصير الإعجاب، وكنت أظن أن الأدب العربي تقليدي، إلا أن هناك عدداً من الكتاب الشباب في العالم العربي يستخدمون أسلوب الدول الغربية كتبوا في الخيال العلمي بشكل مثير وملفت. عموماً يمتاز الأدب العربي بالرمزية والتشبيهات، بينما الصيني يميل لأن يكون واضحاً ومباشراً، ويتفقون فيما بينهم بالقيم والسمات الإنسانية التي يتناولونها والتي تدعو للسلام والسعي نحو حياة أفضل.

حلول

هل أدب الرواية والقصة في الصين أو الأدب العربي قادر على عكس مشكلات المجتمع وإيجاد حلولاً لها؟

نعم، هناك الكثير من الروايات على سبيل المثال في العراق طرحت بعض المشكلات وأوجدت لها حلولاً، وقدمت طرحاً تحليلياً جيداً قد يساهم في التوصل للحل بعيداً عن النزاعات الطبقية والمذهبية، بالتضامن الشعبي.

تجربة حياتية

هل لديك محاولات لكتابة الرواية أو القصة أو الشعر؟

اعتقد أن الكتابة تتطلب تجربة حياتية، وأنا حتى الآن لم أعش حياة مختلفة، ولدي مشاعر كامنة في داخلي لا أعرف كيف أكتبها أو أعبر عنها، لذا أحب الشعر العربي الذي يعبر عن كثير من مكنونات نفسي العاطفية، فالشاعر أو الكاتب يحتاج للمعاناة ليكتب، لأن المعاناة هي ثروة الإبداع ومصدره، ومنها سيجد العبر والدروس، لذا الكتاب والأدباء والشعراء لديهم رؤية مختلفة للعالم والإنسان وهذا بحد ذاته وحي وإلهام.

هل واجهتك صعوبات في تعلم اللغة العربية؟

«العربية» صعبة لكنها جميلة، واعتبرها صديقتي وهي تساعدني على معرفة المزيد عن الدول العربية والتعرف إلى الأصدقاء، لكني وجدت الكثير من العرب لا يتحدثونها، وعندما أبادر بإلقاء التحية والسلام يردون باللغة الأجنبية، وهذا يجعلني أفكر لماذا بعض العرب لا يتكلمون العربية! لذا اعتقد أن الاهتمام باللغة العربية تغير مقارنة مع ما كان عليه في مراحل سابقة، وهي صعبة في النطق والقواعد والكتابة، وتختلف عن اللغة الصينية والانجليزية، وكانت تستغرق دراستها 5 سنوات، أما الآن فأصبحت 4 سنوات، وكنت أحرص على حضور الدروس والمحاضرات، حيث يتطلب إتقان أي لغة تمارين يومية شفوية وتحريرية، وكانت مسيرتي صعبة وشاقة، لكن ما وصلت له الآن يستحق هذا العناء، فقد كنت أحلم بالتحدث مع العرب بطلاقة وسلاسة، ولأجل هذه اللغة التحقت بالجامعة في 2005 ودرست في الصين بجامعة الدراسات الأجنبية في بكين بقسم اللغة العربية، وهو أحد أقدم الأقسام وعمره 60 سنة.

مدينة ساحرة

حدثنا عن تجربتك خلال زيارتك للإمارات؟

سنحت لي فرصة زيارة الإمارات مرتين، مرة ضمن وفد حكومي لإمارة دبي وكانت أول زيارة لي لدولة عربية، وصعدت برج خليفة واستمتعت بالمناظر الجميلة من على قمته.

دبي مدينة سحرية وخيالية، وهي ليست كما كنت أظن منطقة صحراوية، بل تتميز بالعمران الذي يضاهي دول العالم، وبها أشهر العلامات التجارية، وأهلها كرماء ولطفاء جداً، أما الزيارة الثانية فكانت لإمارة أبو ظبي في يوليو الماضي، وسألني الكثير من أصدقائي ومعارفي الصينيين عن انطباعي بعد زيارتي للإمارات، التي تهتم بالموارد الإنسانية، حيث علمت أنه يعيش على أرضها أكثر من 200 جنسية يعملون ويتعايشون بأمان وسلام، وأخبرتهم بأنها دولة متقدمة تستحق الزيارة، وقد أوجدت لنفسها مكاناً مرموقاً ومتميزاً خاصة بعد تأسيس وزارتي التسامح والشباب والذكاء الاصطناعي، وحققت إنجازات فاقت التوقعات، بفضل حكمة قادتها، ودبي مدينة مختلفة جداً.

وقرأت كتاب «رؤيتي» لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، والذي تناول فيه الإدارة والحكم. الكتاب كُتب بأسلوب جميل.

الترجمة، ألا تفقد العمل الأدبي جمالياته؟

الترجمة لاسيما الأدبية منها صعبة، أن تنقل فكرة الكاتب يجب أن تراعي الأسلوب والكلمات التي كتبها دون أن تنتقص من جماليات لغته الأدبية، لذا أحاول من خلال عملي في الترجمة أن أحافظ على الفكرة والأسلوب.

قوة ناعمة

كيف ترى العلاقات الصينية الإماراتية في جانبها الثقافي؟

اعتبر الثقافة هي القوة الناعمة لتعزيز التواصل الثقافي بين البلدين الصديقين، ومن خلال ترجمة عدد من الأعمال الإماراتية للغة الصينية خاصة أدب الأطفال، وبتعميمها على الأطفال سيحقق لهم ذلك الاستمتاع برؤية مختلفة للأدب الصيني لدى الإماراتيين أو العكس، وهناك أيضاً سلسلة رسوم متحركة في تعاون صيني عربي، ويبث عبر التلفزيون الصيني ويجد تجاوباً لدى الجمهور والمتابعين.

آفاق جديدة

كيف يختم «حكيم» هذا اللقاء؟

لا بد أن أشكر أولاً اللغة العربية التي فتحت أمامي آفاقاً جديدة للتعرف إلى الشعوب العربية وحضارتها المشرقة، وفهم عاداتها والتعرف إلى الدين الإسلامي الذي أجاب عن كثير من التساؤلات حول عبادات الشعوب المسلمة، وأتمنى أن تستمر علاقة الصداقة بين حكومة وشعب البلدين في مختلف المجالات، وسعيد بأن ألتقي صحيفة «البيان» لإجراء هذا الحوار.

Email