وجيهة عبد الرحمن: الإنسان مصدر إلهامي

ت + ت - الحجم الطبيعي

الروائية السورية المغتربة وجيهة عبد الرحمن، امرأة مفعمة بالنشاط والحيوية الإبداعية، تتابع مسيرتها الأدبية بثقة وإصرار وتخط خطاها إلى حيث المنجز الإبداعي، تكتب الشعر والقصة والرواية، ولكنها رغم مجالاتها العديدة فإنها تظل روائية مخلصة لذلك النوع الأدبي الراقي، الذي بينت أنها تخوض من خلالها كل ما يعتلج في نفسها من موضوعات ترغب في طرحها، متخذة من المجتمع والإنسان مصدري إلهامها وإنتاجها.

صدر لها حتى الآن ثلاث روايات: «الزفير الحار» «لالين»، «العبور الخامس»، وللحديث عن أعمالها ومنتوجها الأدبي كان لنا معها الحوار التالي:

بيئة

هل لك أن تحدثينا عن بداية الشغف بالقراءة ثم الكتابة؟ من أيهما كانت الانطلاقة الأولى في بيئة شرقية لا تشجع كل متميز ومبدع وكل ذي فرادة في الفن أو الأدب والإبداع عموماً؟

بكل بساطة أنا ابنة مدينة المالكية السورية، ومن بلدة بسيطة ووادعة تتميز بموقعها الجغرافي الذي أسبغ صفاته على ساكنيه، وقد أشرت في حوارات سابقة كثيرة أنني أنتمي إلى أسرة وطنية محبة للثقافة بالرغم من أن والدي كان فلاحاً ووالدتي كانت ربة منزل بامتياز، إلا أنهما كانا منفتحين على العالم والمحيط، الأمر الذي كان له بالغ التأثير في تنشئتي وإخوتي الكثيرين، كانا ثنائياً محباً للحياة، فعملا على زرع حب الحياة في نفوسنا، لم يباليا بالمعوقات الاجتماعية الناتجة عن البيئة الصغيرة التي دأب أهلها غيرهم من أبناء البيئات الشرقية على وضع العوائق في طريق كل من يرغب في التقدم خطوة واحدة، البيئة لها الدور الأكبر وهي الحاضن الأساسي دوماً لأي موهبة، وأنا كانت لدي موهبة القراءة منذ الطفولة.

تكتبين القصة والرواية والشعر، كيف لك الجمع بين فنون أدبية لكل منها أدواته التعبيرية المختلفة عن الأخرى؟

نعم كتبت في الأجناس الأدبية الثلاث؛ كتبت الشعر والقصة والرواية وكذلك المقالة والدراسات النقدية لبعض الروايات والمجموعات القصصية والدواوين الشعرية، وكما هو معلوم فإن لكل واحدة منها أدواتها الخاصة، ولكن ما يجمع بينها أو نقاط الالتقاء هي الفكر والثقافة الجامعة والوعي، أعتقد أن الثقافة الشاملة هي حجر الأساس في ذلك، ومع ذلك فأنا أفصل بامتياز بين لحظة كتابة كل واحدة على حدة؛ فأكون شاعرة عند كتابة الشعر، وقاصة لدى كتابة القصة، أما الرواية فإنها مختلفة تماماً؛ لأنني أعيشها لحظة بلحظة، علماً أن الأجناس الأدبية كلها متصلة ببعضها البعض.

الرواية أضحت ديوان العرب الآن، وباتت تغزو الأسواق الأدبية - إن جاز التعبير - وأنت كتبت 3 روايات، هل لك أن تبيني سبب تركيزك على الرواية والهدف الأساسي لك من كتابة الرواية؟ وما هو الموضوع الأكثر إشغالاً لك في المحتوى الروائي؟

ربما أنت على حق فيما ذهبت إليه في القول بأن الرواية في الآونة الأخيرة أصبحت ديوان العرب بعد أن كان الشعر هو ذلك الديوان، للأسف تراجع دور الشعر كثيراً وكذلك القصة، وتقدمت الرواية؛ وهذا لأن معظم المؤسسات الأدبية العربية باتت تركز على منتوج الرواية، بخلاف القصة والشعر، وتعلن عن جوائز مالية ضخمة في ذلك، ما عدا بعض الاستثناءات المهمة في دول معينة.

ترويج

نلحظ في الآونة الأخيرة انتشار ظاهرة من يقتحمون فن الرواية بكل جرأة وهم غير مؤهلين لكتابة نص أدبي عادي جداً، برأيك من يروج لهم؟ وما هو الحل حول هذه الظاهرة الخطيرة التي قد تشوه وتشوش على المشهد الروائي برمته؟

أشرت إلى ذلك في ردي على السؤال السابق، هو أن هناك مؤسسات أدبية قائمة على الترويج للأدب الرديء بفضل سلطة المال، كأن يقوم أديب ما أو كاتبة ما بالترويج لمنتوجها لأنها أو لأنه يملك المال، ولا أستثني الكثير من دور النشر التي تتواطأ مع هذه النوعية من الكتاب في إصدار العديد من الطبعات للرواية الواحدة، كأن العالم ليس فيه ما يستحق القراءة سوى تلك الرواية، وانطلاقاً من هذا برزت أسماء عدة في مجال الكتابة لا تملك خاصية الكتابة ولكن يروج لها بكثرة، ربما لأن حياتنا كلها أصبحت قائمة على أساس المال واعتبارات كثيرة تدخلت حتى في مأكلنا ومشربنا، فكيف لها أن لا تسيطر على المنجز الأدبي.

إمكانات

وجيهة عبد الرحمن تكتب بالمجال الاجتماعي، ما سر التنوع في الاهتمامات؟ هل يعود للقراءات المتعددة أم أنها حساسية ثقافية نتاجها القراءة والاهتمام ثم الكتابة الإبداعية والثقافية؟

ذلك برأيي يعود إلى إمكاناتي التي أفتخر بها، والتي لم تأتِ من الفراغ، بل بالقراءة المكثفة، فالمرء حين يكون قارئاً بامتياز ويكون قد أشبع دماغه بكم هائل من القراءة في شتى المجالات فإنه سيكون قادراً على الخوض في المزيد من المجالات، ولكن بالرغم من مجالاتي العديدة فأنا أظل روائية وسأخلص للرواية .

Email