حائز على نوبل الكيمياء عام 2002

كيرت فوتريتش لـ «البيان»: أصبحت عالماً بالمصادفة

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان طموح السويسري، د. كيرت فوتريتش (78 عاماً)، الحائز على جائزة نوبل في مجال الكيمياء، أن يصبح مدرباً رياضياً، ولكنه أصبح عالماً بالمصادفة، لا سيما بعد أن قرر فهم الآلية التي يعمل بها جسمه.

وقاده فضوله إلى قضاء وقته بين المختبرات والكتب والرياضة، حتى وجد نفسه أستاذاً في علم الأحياء الإنشائية في معهد سكريبس للأبحاث في كاليفورنيا، وأستاذاً في الفيزياء الحيوية في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا، كما نال جائزة نوبل في مجال الكيمياء عام 2002، لتطويره أساليب تحديد وتحليل بنية الجزئيات البيولوجية.

مسار وجوائز

حاز فوتريتش على كثير من الجوائز، وأبرزها جائزة «ميشر فريدريش» عام 1974، وجائزة «شتاين ومور» عام 1990، وجائزة «كاجلانغ» 1996، وميدالية فضية عام 2001، لإسهاماته التي عززت تقدم المجتمعات، كما شغل مناصب مرموقة في مختلف المنظمات، مثل الاتحاد الدولي للفيزياء الحيوية والبحتة والتطبيقية، وتولى رئاسة تحرير عدة مجلات دولية.

وكان مستشاراً علمياً لكثير من الهيئات والشركات والمؤسسات والجامعات ومعاهد البحوث، إضافة إلى أنه عضو فخري في الأكاديمية الوطنية للعلوم، بالهند، والأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم، جمعية الكيمياء الحيوية اليابانية، وزميل الجمعية الأميركية لتقدم العلوم.

هل كنت تتوقع أن تصبح عالماً يوماً ما؟

لا، بل كان طموحي أن أصبح مدرباً رياضياً، لا سيما أنني انضممت إلى أندية أوروبية لتعلم وممارسة كرة القدم والسباحة والتزلج، وأول ما أردت فهمه في حياتي، هو جسمي، ولم أكن أعرف أن ذلك سيجعلني عالماً.

كيف تصف مرحلة شبابك؟

لم أكن شخصية اجتماعية لطيفة، بنظر أصدقائي، وكانوا يصفونني بالجاد، وبدأت أشعر أنني مختلف عنهم، عندما كنت في العشرين من عمري، ربما لأن ميولي كانت تختلف عن ميولهم آنذاك، حيث كنت أجد متعتي بالقراءة وممارسة الرياضة والمختبرات، وأنا سعيد بذلك حتى هذه اللحظة.

هل تعني أنك كنت شخصاً فاشلاً اجتماعياً؟

لا. العلم لا يقود إلى الوحدة والانعزال، بل يوسع دائرة العلاقات والمعارف، وأنا كنت حريصاً على استغلال وقتي في ما ينفعني ويمكنني من تطوير ذاتي، كما كنت مولعاً بقراءة الأدب والتاريخ.

شرارة الإبداع

ما الدور الذي لعبته عائلتك في نجاحك؟

لم يمارس والداي أي شكل من أشكال الضغط علي لدراسة تخصص معين، أو ممارسة هواية معينة، بل تركت لي حرية الاختيار، ومن هنا، انطلقت شرارة الإبداع في داخلي، وبدلاً من دراسة تخصص واحد في جامعة برن عام 1957، فإنني تخرجت بعد خمس سنوات، حاملاً ثلاث شهادات في الكيمياء والفيزياء والرياضيات.

وأكملت الدكتوراه تحت إشراف سيلفيو فلاب في جامعة بازل، وحصلت عليها عام 1964، ثم عملت لمدة قصيرة مع سيلفيو فلاب، والتحقت بعد ذلك بجامعة بركلي (1965 – 1967)، وخلال الفترة بين عامي 1967 و1969، التحقت بمختبرات بيل، قبل أن أعود للمدرسة الفيدرالية المتعددة العلوم بزيورخ، وأصبح فيها بروفيسور فيزياء حيوية.

هل كانت عيناك على جائزة نوبل؟

لا يمكن التخطيط لنيل جائزة نوبل، لأن لا أحد يستطيع تحديد مكانه في رحلة العلم، وبالنسبة لي، فقد بدأت المشي، ومررت بمراحل ومحطات عديدة، من بينها جائزة نوبل في الكيمياء، وجائزة جانتيه للطب، وجائزة كيوتو في التكنولوجيا المتقدمة، إضافة إلى درجات فخرية كثيرة، ولا أزال أشعر أن لدي أشياء كثيرة لأنجزها.

إنجازات علمية

ما أهم إنجازاتك؟

تطبيق الرنين المغناطيسي النووي الطيفي للجزئيات البيولوجية، حيث لا تستخدم هذه التقنية على نطاق واسع في الأبحاث العلمية، ولكن بعد تخصصي في المجال، تم اعتماد استخدامه من قبل المختبرات في جميع أنحاء العالم، وقد ساهمت هذه الخطوة في تصميم أدوية جديدة، لا سيما أن هذه الطريقة ساعدت على تحديد هيكل ثلاثي الأبعاد للبروتينات والأحماض النووية.

وهل جاء هذا الإنجاز بالمصادفة أيضاً؟

بالطبع لا، بل شققت وفريق بحث علمي متخصص، الطريق نحو تحديد البنية الهيكلية للبروتينات في منتصف سبعينيات القرن الـ 20، وفي عام 1982، أسست طريقتي الخاصة التي برهنت لاحقاً على نجاحها في استيعاب التطورات التقنية المتلاحقة.

وتحقيق أوجه تقدم فنية عديدة، ومن بين الأمور التي توصلت إليها في المختبر، الهياكل الأولى لـ NMR الخاصة ببروتين له بنية دقيقة محددة، إضافة إلى دراسة بروتينات معروفة باسم «براينز»، أو «prions» عام 1994، وفي عام 1996، تم تحديد بنية النوع الأول من هذا النوع من البروتينات.

ما مصادر البروتينات التي حسمت بنيتها الهيكلية في وقت لاحق؟

بروتينات بشرية، وأخرى من الفئران والأبقار والثدييات والدجاج، التي تعد ذات أهمية بالغة لدراسة اعتلال الدماغ الإسفنجي.

تحسين صحة الإنسان

هل اكتفيت بتحديد البنية الهيكلية للبروتينات؟

لا، بل عملت في الفترة بين 1968- 1980، في مجال البنية الإلكترونية لمجموعات من البروتينات، مثل الهيماتين، وهو صبغ ينشأ من خلال انحلال الهيموغلوبين، ودراسة الخلايا الحيوية مع إدخال تقنيات جديدة TROSY وCRINEPT، التي وسعت نطاق الدراسة.

على ماذا ترتكز أبحاثك بشكل عام؟

فهم العمليات الأساسية للحياة، وتحسين صحة الإنسان، ومن خلال عملي أستاذاً في علم الأحياء الإنشائية في معهد سكريبس للأبحاث، الذي يعد أحد المراكز الرائدة عالمياً، فإننا نركز على البحث في علم المناعة وعلم الأحياء الجزيئية والخلوية والكيمياء وعلوم الأعصاب، وأمراض المناعة الذاتية، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وعلم الفيروسات، وتطوير اللقاحات.

طريق النجاح

هل تخلو مسيرتك العملية من الفشل؟

كنت أجري قبل سنوات أبحاثاً تتعلق بالألعاب الأولمبية، ولكنها باءت بالفشل، إلا أنني لم أستسلم، وصممت على البدء من جديد، حيث استمرت محاولاتي الجادة لنحو عامين، وتوصلت إلى حلول علمية ودراسات قمت بنشرها في منشورات طبية.

هل ترى أن الفشل مهم في الحياة حاله حال النجاح؟

لولا الفشل، لما كانت هناك اكتشافات واختراعات علمية عظيمة، والإنسان الطموح لا يستسلم بسهولة.

أترى أن الحظ جزء من النجاح؟

الحظ جزء من نجاح الشخص العاشق للتحدي والمنافسة.

في ظل انشغالاتك الكثيرة وسفرك الدائم.. هل لا يزال لديك وقت لممارسة الرياضة؟

- طبعاً، فالصحة الجيدة تعين على التفكير السليم.

كيف يمكن تشجيع الجيل الجديد على الابتكارات العلمية؟

عدم فصل أو عزل هيئة التدريس عن الطلبة والمتدربين في المختبرات، لأن التعاون والمشاركة أساس الإنجازات المميزة التي تخدم الصالح العام، ولا بد من توحيد الجهود نحو تحقيق هذه الغاية، لمواجهة التحديات العلمية المستقبلية.

في سطور

كيرت فوتريتش، كيميائي سويسري، ولد في 4 أكتوبر 1938. درس الكيمياء والفيزياء والرياضيات في جامعة برن، وأكمل الدكتوراه تحت إشراف سيلفيو فلاب في جامعة بازل، وتحصل على الدكتوراه سنة 1964.

عمل لمدة قصيرة مع سيلفيو فلاب، ثم التحق بجامعة بركلي من سنة 1965 إلى سنة 1967. بين 1967 و1969 التحق بمختبرات بيل. عاد في سنة 1969، حيث التحق بالمدرسة الفيدرالية المتعددة العلوم بزيورخ، وأصبح فيها بروفيسور فيزياء حيوية، حصل سنة 2002، على جائزة نوبل في الكيمياء، مع جون فين وكويشي تناكا.

فوتريتش يشارك في منتدى جوائز نوبل بدبي

شارك البروفيسور كيرت فوتريتش، أستاذ علم الأحياء الإنشائية في معهد سكريبس للأبحاث في كاليفورنيا، وأستاذ الفيزياء الحيوية ﻓﻲ اﻟﻤﻌﻬﺪ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻲ اﻟﺴﻮﻳﺴﺮي ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ، والحائز على جائزة نوبل في مجال الكيمياء عام 2002، لتطويره أساليب تحديد وتحليل بنية الجزيئات البيولوجية في «منتدى جوائز نوبل» بدبي واستعرض فوتريتش مسيرته المهنية، وتعمقه في الآليات التي تعمل بها الجزيئات في الحياة.

يذكر أن متحف نوبل هو متحف مخصص لنشر المعلومات عن جائزة نوبل وعن الحاصلين على الجائزة من عام 1901 حتى الآن. ويختص أيضا بعرض معلومات عن صاحب الجائزة ألفريد نوبل. ويقع المتحف بنفس المبنى مع الأكاديمية السويدية ومكتبة نوبل في مدينة استوكهولم السويدية.

وقد تم افتتاح متحف نوبل في دبي عام 2015 لمدة شهر كامل من قبل مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم لأول مرة في المنطقة وذلك بهدف التعريف بمؤسسة نوبل بشكل ملموس في المنطقة واستضافت مدينة الطفل بحديقة الخور في دبي الدورة الثانية لمتحف نوبل، يوميّاً خلال الفترة من 21 فبراير 2016 وحتى 21 مارس.

وحقَّقت الدورة الأولى لمتحف نوبل نجاحاً لافتاً جذب اهتمام آلاف الزوار من داخل وخارج الدولة ومن مختلف الفئات، والتي تضمنت متخصصين ومفكرين وعلماء ومخترعين، إلى جانب طلبة المدارس والجامعات.

Email