التمثيل وسيلة لسد الفراغ

سميحة أيوب: الفن فقد رسالته الحضارية

Ⅶ سميحة أيوب أثناء فوزها بجائزة النيل للفنون | من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

أن تحاور فنانة بحجم القديرة سميحة أيوب، فكأنك تصافح الشمس والقمر معاً، لتأخذ من الأولى دفأها وإشراقها وقوة تأثيرها، ومن الثاني بريقه وحميميته، ليجتمع جمال الفن ورقيه معاً في قلب فنانة واحدة، سعت جاهدة للحفاظ على الرسالة التي عملت من أجل توصيلها وتأديتها بأفضل صورة.

هي فنانة من طراز فريد، تألقت على خشبة المسرح، وبرعت في السينما، وأبدعت في التلفزيون، لترسم لنفسها خطاً مميزاً لا يمكن المساس به، مسيرة عطائها لم تتوقف، لتجدها في كل المحافل التي تحتفي بالفن والثقافة، تنثر من عبقها وأصالتها هنا وهناك.

«البيان» التقت سيدة المسرح العربي الفنانة سميحة أيوب، في حوار جميل يشبه روحها، ثارت فيه على حال الدراما، واصفة إياها ببلطجي يحمل سكيناً، ولافتة إلى أن التمثيل صار وسيلة لسد الفراغ وأن الفن اليوم لا يعكس أي واقع، لا سياسي ولا اجتماعي ولا تربوي، ليفقد رسالته الحضارية.

ما تقييمك للفن اليوم؟

الفن لا يعبر عن أي واقع لا سياسي ولا اجتماعي ولا تربوي، ولا يقدم إلا العنف والبلطجة، وأدواته اليوم تشبه أدوات الحرب، فالدراما اليوم بلطجي يحمل سكيناً، وللأسف، حين ننظر إلى الشاشة اليوم لا نرى إلا المشاهد الخادشة، ولا نسمع إلا الألفاظ البذيئة.

ثورة إبداع

هل تحتاج الدراما اليوم إلى ثورة على الفكر تشبه ثورة يناير؟

فيما يتعلق بالإبداع، تكون الثورة من داخل النفس، فثورة الإبداع ليست بحاجة إلى مظاهرات وأشخاص يجوبون في الشوارع، فالمبدع سواء كان ممثلاً أو موسيقياً أو كاتباً أو غيره، يثور على نفسه وعلى ما يقدم من أعمال، ويحاول أن يغير من نفسه، ليقدم الأفضل دائماً.

من المتسبب في الحال الذي وصل إليه الفن اليوم؟

المعلن بشكل أساسي، لأنه يحبط الكاتب والمخرج والفنان في كل مرة، ويطلب منهم شكلاً معيناً يختلف عن الشكل الذي رسموه لإبداعهم، كما يتسبب المعلن في إفساد بعض الفنانين الذين لا يمتلكون الثقافة الفنية والموهبة العالية، ليحاولوا مجاراة الرائج في السوق، ولا يستطيعون الرفض كونهم لا يمتلكون الخبرة الكافية، كما أنهم يبحثون عن الشهرة والأضواء، وللأسف، لم يعد لدينا مفهوم تربية الفنان وصناعة النجم.

تساهل

لماذا تخلت الرقابة عن دورها اليوم؟

الرقابة لم تتخلَّ عن دورها، ولكن الأنظمة والسياسات تتغير، والرقابة تتغير معها، والعاملون في الرقابة لا يريدون الضغط على المواطن أكثر، فيحاولون التساهل بعض الشيء، ليخففوا عنه.

هل لا يزال التمثيل رسالة؟

التمثيل اليوم مجرد سد فراغ وملء مساحة، ولكنه فقد رسالته، لنجد رسائل قليلة جداً تكاد تخرج من عمل فني.

هل الدراما اليوم موجهة من الحكومات؟

لا أبداً، هي أداة لقتل الوقت، والقتل يعني أن لا حياة فيه !.

الجمهور عاوز كده

يرفع صناع الأعمال الدرامية والسينمائية شعار «الجمهور عاوز كدة»، هل ما نراه على الشاشات هو ما يريده الجمهور فعلاً؟

لا، «الجمهور مش عاوز كده»، فلو قدمنا للجمهور مضموناً محترماً ذا قيمة وفائدة لتقبله ونهل منه، وهذا الشعار يرقعه المعلن، لكنه لا يعبر عن رغبة ومطلب الجمهور لا من قريب ولا من بعيد، والمشكلة التي يعانيها الفن اليوم، أن الهرم «انقلب»، ليصبح المعلن هو المتحكم بالفنان.

ثقة

ما الذي يجعلك واثقة من الجمهور إلى هذا الحد؟

في فترة سابقة، كانت الساحة الفنية متردية جداً، مملوءة بالرقص والعري والألفاظ البذيئة، وكنت أنا والفنان عبدالله غيث نعمل على مسرحية «الوزير العاشق»، وحين كنا نتدرب ونقرأ الأشعار، صمتنا فجأة ونظرنا إلى بعضنا البعض، وطرحنا نفس السؤال: هل سيتقبل الناس هذا العمل؟، ولكني تداركت نفسي وقلت له: نحن نقدم رسالة، وعلينا إكمالها، حتى لو لم يتقبلها الجمهور، والمفاجأة أن العرض المسرحي قوبل بترحيب كبير من الجمهور، وتواصلت المطالبات بعرض المسرحية لأكثر من ستة أشهر، وكانت تحظى بإقبال جماهيري منقطع النظير، وهذا يدل على أن الجمهور يمتلك ذائقة عالية ويحترم من يحترمه.

ماذا تقولين للمعلن اليوم؟

لا أقول له شيئاً، لأنه لا يفكر بعقله بل بجيبه، وأعتقد أنه يمتلك عينين يستطيع من خلالهما مشاهدة الوضع الذي أصبح عليه الفن.

Email