الزهبة زينة وخزينة

ت + ت - الحجم الطبيعي

من الأشياء التي لا تنسى وتظل راسخة في أذهان الناس، تلك العادات التي ما زالت تمارس في مجتمع الإمارات، مثل «الزهبة»، والتي تعني تجهيز العروس من ثياب وذهب وعطور وغيرها من الأشياء التي تخصّها، وجرت العادة أن تمر «الزهبة» على جميع النساء الموجودات في حفل الزواج.

والزهبة هي المرحلة الثانية في استعدادات العرس، يطلق عليها الزّهبة أو «الزهاب»، وهي تكون من مسؤوليات أم «المعرس»، و«زهبة» العروس هديتها وهدية والديها لها، مما يلزمها من ملابس وذهب وعطور، كما أن الذهب من أساسيات الزهبة بمصوغاته المتنوعة من «المرتعشة» و«المرية» و«الستمي» و«الحيول» و«الكواشي» وخواتم «فتخ».

وأمّا إذا كانت قدرة «المعرس» المالية لا تسمح بتوفير كل هذه المصوغات، فلا بأس لو تمَّ استثناء بعضها قبل أن توضع في «التنكة» وهو صندوق الزواج الذي يضم هدايا «المعرس» لعروسه.

مراسم

و«التنكة» يستلمها أبو العروس و«تنكة» أخرى تستلمها أمّها ويرافق طقس التّسلم والتسليم «فولكلور» خاص هو جزء من مراسم الزفاف بعيد الخطبة، وأمّا إذا كانت عائلة المعرس مقتدرة، فتوضع مقتنيات الزهبة في «المندوس» لتستخدمها في حياتها الزوجية.

تقوم «أم المعرس» بدعوة الأهل والجيران لاستعراض ما جاد به ابنها من زهبة عروسه على النسوة المجتمعات، ولا يتم دعوة أهل العروس إلى «المكسار»؛ لأن الزهبة ستحمل إلى دارهم بعد الانتهاء من عرضها وقبل العرض والتفاخر بالزهبة تعد أم المعرس أصنافاً من الريوق لزائرات الدّار من أطياب الخبيص والهريس وهي من الأطباق الشعبية التي لا غنى عنها في الأعراس، وبعد الأكل تتجمع النساء حول كبيرة سيدات أهل المعرس أمّها أو غيرها، لإخراج «زهبة» العروس لكي يطلع عليها الجميع على جهازها من «الكندورة» و«الشيلة» و«البرقع» و«المرتعشة» وغيرها من ملابس وعطور زيتية ومع انتهاء الفرجة توضع الأغراض في «التنك» لترسل إلى بيت العروس مع ما طاب من عيش وقهوة وسكر.

يستمر كرنفال الزهبة في «التنك» الوافدة إلى بيت العروس ولكن بعد إعلام أهل المعرس أهل عروسهم بالتاريخ والوقت المناسب للزيارة وتقديم «الزهبة» للعروس ليستعدوا لتحضيرات الوليمة، غداء أم عشاء ويكون طبق العيش واللحم سيد ولائم الأفراح، وبعد مغادرة أهل المعرس تقوم أم العروس بدعوة الأهل والجيران لمشاركتها فرحتها.

ولا تكون المشاركة بمجرد التفرج والاستعراض فهي حلقة تواصل وتآلف في أفراح بعضهم البعض في تحضير «الزهبة» التي تصل بخاماتها من بيت المعرس لتزّين بالتللي في الكندورة أو البادلة ولكل مشاركة من السيدات حصّتها فهذه تزّين «البرقع» وتلك تعدّ القهوة وتيك تخلط العطور الزيتية.

وعن روح المشاركة بين نسوة أيام زمان في المسّرات والأفراح كانت الأفراح للجميع من أهل وجيران الفريج وكانت الأُلفة واليد الواحدة سمة المجتمع آنذاك، وكان أمراً عادياً شائعاً أن تدعم الجارة جارتها ومن أبسط الأمور كإعارة الثياب والذهب إلى عائلة العروس للعرس، إلى الدعم المادي في التخطيط لفرحة العرس.

وفي ثنايا الذاكرة الشعبية يبقى القول إن الأعراس أيام زمان لم تكن بالبساطة التي نظنها، إذ كانت لأفراحنا عادات وطقوس تفرض احترامها وهيبتها وكانت الأعراس تمتد حتى شهر كامل، وكانت نفقاتها تتخطى حدود المنطق والمعقول يكاد يطغي عليها وصف الأعراس المترفة، ولكنها كانت أعراساً أصيلة تعكس كرم الضيافة وهي غالية على قلبي «المعرس» وعروسه، ذلك لأن إقامة المآدب والولائم للأهل والفريج يعني مشاركتهم الفرحة مستمتعين بأطايب الطعام من اللحوم طوال شهر الاحتفال والتي قد تغيب عن مفارش موائدهم في الشهور الأخرى.

Email