ستائر «نامبان» شاهدة على اللقاء الأول بين اليابانيين والأوروبيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

عاد أخيراً متحف اللوفر أبوظبي لاستقبال زواره، بعد إغلاق دام 100 يوم، بسبب جائحة «كورونا»، ويمكن للزوار التجول في أروقة المتحف في ظل إجراءات وقائية مشددة، ويدعو القائمون على المتحف الجمهور لزيارة اللوفر أبوظبي، والاطلاع على كنوزه وحكاياته تحت عنوان «الفن يجمعنا»، ويمكن اكتشاف الكثير من خلال المقتنيات، ومنها ستائر «نامبان» الجدارية، التي بقيت شاهدة على اللقاء الأول بين اليابانيين والأوروبيين، كونها تصوّر وصول سفينة برتغالية إلى اليابان وسط سُحب ذهبية.

وتعرض هذه الستائر، التي تعود لعام 1625، في الجناح الثالث من متحف اللوفر أبوظبي، كونها إحدى مقتنيات المجموعة الدائمة للمتحف، لتعبر كما يعبر غيرها من القطع المعروضة، في المتحف عن حقبة تاريخية وفنية معنية من تاريخ أحد الشعوب.

تبادل ثقافي

في حديثه لـ«البيان» قال سيلفان فوار، أمين المتحف المساعد في متحف اللوفر أبوظبي: إن وصول السفن البرتغالية إلى اليابان آنذاك كان يثير دهشة اليابانيين، الذين كما تُصوّرهم الرسوم التي تزيّن الستائر، تجمعوا لرؤية التجّار القادمين.

وأضاف: في القرن الـ 16 أنشأ البرتغاليون شبكة تجارية ربطت القارات ببعضها، لذا من المرجح أن تكون هذه السفينة قد وصلت من ولاية «غوا» في الهند عبر الصين، حين كان البرتغاليون يشترون قطعاً فاخرة لبيعها في اليابان. وهو ما يُذكر أن عصر «الموموياما» (1568-1600) وعصر «إيدو» (1600- 1868) في اليابان تميّزا بصناعة هذه الستائر.

وتابع: صنعت هذه الستائر من مواد دقيقة، مثل الحبر، والألوان، والذهب على ورق، لتجسّد بمساحتها صور حقيقية عن الفن الياباني، وهو ما يتناسب مع طريقة السرد الذي يعتمده اللوفر أبوظبي، في عرض قطعه لتسليط الضوء على لقاء الثقافات، فهي نتجت عن انبهار حضارة بأخرى، وقد نتج عنها تبادل ثقافي بين المجتمعين.

الفن الهجين

في عام 1543 أرسى تجار برتغاليون في اليابان واختاروا ميناء «ناغاسكي» في رحلات تجارية عدة لهم، ولم يقتصر اهتمامهم في الأرخبيل على استيراد السلع النادرة فحسب، بل ارتبط أيضاً بدورهم كونهم وسيطاً بين الإسبان الموجودين في الفلبين من ناحية والقوتين الإقليميتين الصين والهند من ناحية، ولقد ولد اللقاء الاقتصادي والثقافي بين هذه العوالم قطعاً فنية هجينة، واتخذت في اليابان اسم «نانبانجين» أو «برابرة الجنوب» وهو مصطلح ازدراء أطلقه السكان المحليون على الغربيين.

وتعود أولى هذه الستائر الجدارية، التي صنعت في ورش مدينة «كيوتو» إلى بداية القرن،17 وقد لاقت رواجاً بسبب غرابة صور الأجانب فيها وكان لنزول هؤلاء الغربيين ذوي اللحى والملابس الغربية في الأرخبيل تأثير عميق على الأفكار، إذ أصبحت هذه الستائر الملونة رمزاً للمكانة النوعية، التي تحظى بها النخبة التجارية في المدن البحرية.

وصُنعت هاتان النسختان بعناية وهما يبرزان بصورة واضحة وحية مشهدين، الأول لسفينة يجري تحميلها على أرض أجنبية خيالية ربما تكون الصين بالقرب من إحدى الأرصفة، أما المشهد الثاني فتوجد سفينة تفرغ حمولتها في ميناء «ناغاساكي» على الساحل الغربي من «كيوشو» وهي الجزيرة الواقعة في أقصى جنوب الجزر الـ 4 المكونة للأرخبيل.

Email