المبدعون والصيف طقوس متنوعة وحكايات ثرية بقصص الإلهام

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كل ما يحيط بالمبدع من موجودات مادية أو من أفكار متنوعة، يمكن أن يستخدمها ليقدمها بألف طريقة عندما يطلق الحرية لأدواته، ليقدم للقارئ إبداعه على اختلافه بأسلوب مبتكر، وفي هذه الحالة تتنوع الإبداعات كما تتنوع وتتبدل الفصول التي لم يوفرها المبدع من خلال ذكره لأحاسيسه عنها، أو من خلال وصفها بدقة مثل وصف فصل الصيف بكل ما يحمل من حرارة ومعانٍ وجو خاص، التي تتحول عند الكتابة إلى حالة ترتبط بالكثير من الأحداث وتكشف عن الكثير من المشاعر، ومن أشهر الارتباطات بهذا الفصل مسرحية «حلم ليلة منتصف صيف» لويليام شكسبير.

ومن قبل أو بعد هذا العنوان والإبداعات مستمرة باستحضار الصيف بحالته المختلفة.

فالعلاقة بين الصيف والمبدع متنوعة، وهي تمتد لتطال الفن التشكيلي والفن السابع «السينما» وقد تركت لدى بعضهم العديد من القصص التي تتعلق بالصيف من طبيعة الضوء والظل إلى التصوير خلال فترة الصيف وتحدي الحرارة العالية والتكيف معها عند العمل على أحد الأفلام، وفي مثل هذه الحالات تتجدد الإبداعات مثل تجدد حضور الصيف السنوي.

وعن طبيعة هذا الحضور تحدث عدد من المبدعين في مجالات مختلفة لـ «البيان» مؤكدين خصوصية هذا الفصل، الذي يمثل بطقوسه، مصدر إلهام ثرياً.

ألوان حارة

من بين تجاربه التشكيلية المتنوعة أشار الفنان التشكيلي محمد الأستاد إلى أنه رسم ذات مرة 30 لوحة واقعية خلال فترة الصيف. وأوضح: رسمت مباشرة من أرض الواقع مفردات تراثية تجسد المنطقة الشرقية، وكانت تجربة الرسم في الحر تجربة جميلة.

وأضاف: انعكس الجو الصيفي على الأعمال فاستخدمت الألوان الحارة والواضحة، وهي ألوان تميز بلادنا بعكس البلدان الغربية التي تحضر في اللوحات المعبرة عنها وهي الألوان البادرة.

حضور

قال الشاعر د. طلال الجنيبي: الصيف حاضر في القصائد، كمرادف للطقس الحار في الإمارات، ولذلك نجده في الذاكرة الشعرية، وفي المكون اللغوي. وأضاف: نلمسه في إحساس الشاعر بغض النظر على وصف الحرارة والطقس وإنما مقترناً بالدفء والمشاعر بالحرارة ويكاد أن يكون استقطاباً لكل الشعراء.

وأوضح الجنيبي: في حالتي أنا لا أمثل أي استثناء عن الشعراء في الإمارات، بوجود الصيف بكل ما يعتريه من متناقضات. وبين: يبقى الصيف سمة مميزة لهذه الأرض الطيبة، وجزءاً من هوية المكان وتقارباً ما بين الشاعر وما بين أرضه.

القيظ

الصيف حاضر بشكل مؤثر حتى في تكوين شخوص روايات إيمان اليوسف، التي تكتب بهوية إماراتية تنبع غالباً من بيئة تتعاطى مع الصيف بشكل أكثر عمقاً مما يبدو عليه.

عن هذا قالت: في روايتي الثانية «حارس الشمس»، والتي فازت بالمركز الأول بجائزة الإمارات للرواية عام 2016 وتمت ترجمتها لسبع لغات عالمية، أبني عبر شخصية «مليكة» وهي إحدى شخصيات مثلث الحكاية الرئيسة علاقة الإنسان بالزمن.

وأوضحت: ذلك الرابط الذي يخلق فردانية منعزلة عن غيره، فـ «مليكة» الفتاة نصف جزائرية – نصف فرنسية التي انفصل والداها منذ طفولتها، فكان أن مُزقت هي كجسد وكيان بين بُعدين جغرافيين وفصلين قُدر لها أن تحتمل أسوأ ما في كليهما: «برد فرنسا القارس في الشتاء وصيف الجزائر اللاهب»، فانعكست طفولتها ومراهقتها على هذا الشتات الزمكاني.

وقالت اليوسف: في روايتي الصادرة حديثاً «قيامة الآخرين» للصيف والقيظ بتفاصيله نصيب أكبر، حيث تقع أحداث الرواية بمنطقة «جميرا» في دبي، وتمتد زمنياً إلى الماضي بجزيرة دلما كما تمتد جغرافياً لدولة الكويت.

صيف العزلة

قالت الروائية لولوة المنصوري: في روايتي «آخر نساء لنجة» ربما أفسح للصيف مجالاً بحجم فصل سردي، وتتداعى من خلاله ذاكرة خاصة بي حاولتُ إسقاطها عبر تجاويف زمكانية الرواية.

وأضافت: هي ذاكرة قاسية لصيف العزلة في مجهول بحر الخليج والعبور الحرّ بين موانئ ضفتيه الشرقية والغربية ومنها ميناء «لنجة» ثم تأتي تلك الذاكرة المتواشجة مع رحلة الغوص في زمن عالق في ذهن الكتب والرواة، وتابعت: أخيراً بشكل أكثر حميمية ذلك التلاصق مع صيف (جلفار) في أواخر القرن العشرين.

وذكرت: حيث الافتراش فوق السطوح المفتوحة على المطلق، أو التجوال العذب بين نسائم البحر وبرك الماء في المقايظ الفواحة بروائح الرطب واللوز وخبز الأمهات وقت الأصيل. وقالت المنصوري: لم أنسَ استذكار معاناتنا الاستثنائية مع واقع الامتداد الكهربائي لكل بقاع رأس الخيمة، حيث إنه مدّ جزئي تتخلله مشاكل الانقطاعات المفاجئة والمُحبِطة المتسعة لأيام وأسابيع.

وأوضحت: على إثرها تتعطل وتيرة المهام وتتعرقل عجلة الحياة وتُؤجل أفراح كثيرة، وتموت كائنات لا يمكنها التكيّف خارج بيئتها التي هاجرت منه، وتفسد وتتلف بعض معززات العيش وعلى الأخص كل ما يتعلق بالأطعمة الباردة والمستوجبة للتخزين والتبريد.

وأضافت: لكنه في المقابل واقع مفعم بالمرح لدى الأطفال، حيث تصير النجوم مصابيح الدرب واللعب، وعند النوم تصير الكواكب بالظلام أقرب، وتصير البيوت كأنها تحت سطح واحد. وتقضي الأمهات الليالي قرب الأبناء، يهدئن القلق والوحشة وبخار الأرض المتصاعد ويسردن الحكايات العجائبية الشيّقة.

وضوح لوني

قال الفنان التشكيلي إبراهيم العوضي: تمضي الناس في الصيف إلى البحر، فمشاهد الصيف كثيراً ما ترتبط بالبحر، بعكس الشتاء الذي يرتبط بالبر، حيث الغيوم تظهر من خلف التلال. وأوضح العوضي: هناك العديد من اللوحات التي جسدت فيها البحر والسفن. وأضاف: الألوان في الصيف تكون واضحة جداً حتى في فترة الغروب في الصيف تكون الألوان جميلة ومميزة.

جولة سياحية

قالت الإعلامية فاطمة البلوشي: اشتغلت على عدد من الأفلام القصيرة في فترة الصيف منها الجزء الأول من «جولة سياحة في مدينة العين – واحة الهيلي». وأوضحت: كنا نصور في المزارع والنخيل التي تساهم في التقليل من الإحساس بدرجات الحرارة. وأضافت: إن التصوير في فترة الصيف يمنح العمل أجمل الإضاءات.

التزام

القاص حسان سراي الدين قال: بداية الصيف يأتي من فكرة الالتزام بالكتابة، كوني أجد فيه وقتاً أطول من بقية فصول السنة. وأضاف: لا تخلو العديد من قصصي من فكرة أجواء الصيف الحارة. وأشار إلى قصته «على قارعة الطريق» من مجموعته الأولى «ذات ولع» و«في وجه العاصفة» من مجموعته القصصية الثانية «نداء بعيد»، حيث وصف سراي الدين في أجزاء من هاتين القصتين أجواء الصيف على ضفاف الخليج العربي.

علاقة وطيدة

رغم ابتعاد عدد من المخرجين عن العمل في فترة الصيف، إلا أن المخرج فاضل المهيري أكد وجود علاقة وطيدة تربطه مع الحر، تحفزه على العمل. وأوضح: بدأت هذه القصة خلال فترة التدريب الجامعي، وكان مطلوباً مني أن أصور فيلمي وكانت حينها أيام عيد جلوس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

وقال: بدأت التصوير في الجزيرة الحمراء في إمارة رأس الخيمة، رغم اقتراحات البعض بأن أؤجل التصوير لفترة أخرى من السنة. وأضاف: لكني وجدت أن الجو متوافق مع فكرة فيلمي الساخن «الرعبوب» الذي شاركت فيه فيما بعد بمسابقة أفلام من الإمارات.

وذكر المهيري: كان ذلك في العام 2003 ومنذ ذلك التاريخ وأنا أصور بشكل سنوي خلال فترة الصيف في شهري يوليو وأغسطس إما فيلم قصير أو إعلان. وأضاف: مع العلم أن الجميع يأخذون في فترة الصيف الراحة من العمل، ولكني لا أفعل ذلك حتى عندما افتتحت شركتي في «توفور 54» بأبوظبي، أقوم بالاتصال بالفريق ذاته لنصور.

Email