في سادس حلقات الوثائقي الدرامي «قصتي»

«لطيفة 1».. ملامح من سيرة «أم دبي» العطرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

«كل ابن يمكن أن يتحدث عن السلام والسكينة في وجه أمه، ولكن أمي ليست ككل الأمهات، كانت كلها سلاماً وسكينة»، عبارة إنسانية جميلة، خطها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بمداده الذهبي، وزين بها متن قصة «لطيفة 1»، التي حلت خامسة في كتاب سموه «قصتي.. 50 قصة في خمسين عاماً».

وتلك القصة مثلت جوهر مشاهد سادس حلقات البرنامج الوثائقي الدرامي «قصتي» المستلهم من كتاب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، الذي تولى إنتاجه المكتب التنفيذي لسموه، فيما يعرض البرنامج على شاشات تلفزيون دبي ومنصاته المتعددة.

7 دقائق تقريباً، هي المدة الزمنية للحلقة التي نشرت أمس، على قناة سموه في موقع «يوتيوب»، وعليها تمددت مشاهد قصة «لطيفة 1»، التي تفيض سطور صفحاتها بكل معاني الحب والسلام، بينما نتوغل في تلك العلاقة التي جمعت سموه، بوالدته المغفور لها، الشيخة لطيفة بنت حمدان بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراها، التي رحلت عن دنيانا، عام 1983.

في حدود هذه الحلقة، المشبعة بالموسيقى والحنين، نستعيد ذكرى «أم دبي» كما قال عنها سموه في كتابه، صاحبة المواقف الخالدة والسيرة العطرة، والتي تكشف عن طيب معدنها وأصالة أخلاقها، حيث يصفها سموه : «لطيفة في الحياة هي أمي وقلبي الذي في صدري، وأجمل وأنعم وأرق وأرفق إنسانة في حياتي».

وهي بحسب قوله: «المرأة الناعمة، الرقيقة، الرفيقة، النادرة».. «وظيفتها: رفيقة درب راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دبي، على مدى أكثر من 4 عقود، بعد وفاتها تغير راشد بن سعيد، ولم يعد كما كان حتى وفاته».

فرحة

كان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فرحة والدته لطيفة، وهو الذي «جبر قلبها الذي فُطر برحيل ابنها مروان»، حيث يقول سموه: «بعد زواجها من الشيخ راشد بعام، أنجبت لطيفة ابنتها الأولى الشيخة مريم، وبعدها بثلاثة أعوام أنجبت الشيخ مكتوم بن راشد، وريث الحكم، وبعده ببضع سنوات رزقت العائلة، بابنها الثاني حمدان بن راشد».

ويواصل سموه: «عاشت والدتي سنوات جميلة، رزقت بابن آخر اسمته مروان، ولكن فرحتها به، لم تكتمل، إذ توفي بشكل مأساوي وهو صغير، لم يحتمل قلب والدتي الرقيقة الرفيقة اللطيفة فقده، فبقيت حزينة سنوات، إلى أن رأت في المنام، أنها أنجبت ابناً جديداً اسمته محمد. فرح والدي بالحلم وتفسيره، لأنه يجبر قلب رفيقة دربه لطيفة.

تحققت الرؤيا وأنجبت ولداً سمته محمد بن راشد آل مكتوم». كان سموه هدية الله إلى والدته لطيفة، وكان الأقرب إليها، حيث يقول: «كانت محبتها عظيمة لجميع أبنائها، ولكني كنت الأقرب إليها، ولم أرَ حباً كحبها، ولا قلباً كقلبها، ولا قرباً كقربها».

لم تكن المغفور لها الشيخة لطيفة بنت حمدان آل نهيان، طيب الله ثراها، مجرد امرأة عادية، فقد كانت أماً عظيمة، وواحدة من أعلام النساء، وسيدة نساء زمانها، عرفت بحسن أخلاقها وطيبة قلبها ويدها البيضاء، وفي ذلك يقول سموه: «لا أزال أذكر رائحة خبز أمي، وأذكر حديثها معي في الصباحات الباكرة، كنت أستمتع بالحديث معها عن العلاجات الطبية بالأعشاب، الخبيرة بها وبأنواعها، حيث كان الناس يأتونها من أماكن بعيدة مع أطفالهم لتصف لهم أدوية من الأعشاب»، ويؤكد لنا سموه أن والدته كانت «قادرة على إطلاق النار أفضل من كثير من الرجال، وكان بإمكانها التحكم في الحصان أو الجمل، وكانت شخصيتها قوية ومحبوبة في الوقت نفسه، كل من عرفها أحبها».

معانٍ جميلة

لا تمضي الحلقة نحو ختامها، من دون أن نلقي نظرة على «منسوب الحنان» الذي كان يعتمر قلب المغفور لها الشيخة لطيفة بنت حمدان آل نهيان، وهي التي «ضاعفت» فطور ولدها، بعد أن لاحظت أنه لا يكفيه.

وفي السياق، يقدم لنا سموه مشهداً ثرياً بالوصف والمعاني الجميلة، حيث يقول: «كانت تعد فطوري كل يوم قبل ذهابي إلى المدرسة. في الطريق كنت أقسمه نصفين؛ لي النصف ولمهرة كنت أحبها النصف الآخر.

كنت صغيراً، علمت أمي أن فطوري كان يُقسم على اثنين، فزادته لي إلى ضعفين، اعتقدت أن هذا الأمر صدفة سعيدة، حتى أدركت بعد أن كبرتُ، أنها كانت تراقبني، وتعرف أن الفطور لا يكفيني».

«هكذا هي الأم؛ لا تشبع حتى ترانا نأكل، ولا ترتاح إلا بعد أن ننام، ولا تفرح إلا إذا زالت عنا الأحزان»، قاعدة أخرى سطرها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لخص بها جمال الأم التي تقع «الجنة تحت أقدامها»، وصف لنا عبر كلماته طيبة الأم، ورقتها، وهي الكنز الحقيقي، والدماء التي تجري في عروقنا، وهي «سيدة الحب.. وكل الحب».

Email