رواية «الجائحة» – (الحلقة العشرون والأخيرة) «..وتُشرق الشمس من جديد» - الأربعاء 22 أبريل 2020

ت + ت - الحجم الطبيعي

صباح يوم الأربعاء، 22 أبريل 2020، كتبت سارة: «إن جائحة فيروس كورونا التاجي، واصلت تفشيها في دول العالم، وقد أعلنت بعض البلدان عن انخفاض معدلات الإصابة والوفاة وزيادة معدلات الشفاء، بينما أعلنت دول أخرى عن ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات، ولكن المحاولات لإيجاد لقاح للفيروس لم تتوقف، وقد بلغ إجمالي المصابين بفيروس كورونا في العالم لهذا اليوم 2,494,915 مصاباً، بينما وصل إجمالي المتعافين إلى 633,861 شخصاً، في حين أودى هذا المرض بحياة 171,249 حالة لغاية الآن. حيث تتصدر أمريكا قائمة أكثر البلدان تأثراً من حيث الإصابات بـ792,938 حالة، تليها إسبانيا بـ 204,178 حالة، وتأتي إيطاليا في المركز الثالث بـ181,228 حالة، تليها فرنسا بـ155,383 حالة، وتختتم القائمة ألمانيا بـ147,065 حالة، كما تحتل أمريكا الصدارة من حيث الوفيات بـ42,518 حالة، تليها إيطاليا بـ24,114 حالة، وتأتي إسبانيا ثالثة بـ21,282 حالة، تليها فرنسا بـ20,265 حالة، وتختتم القائمة بريطانيا بـ16,509حالات وفاة».

وكتبت سارة: «في الشرق الأوسط، لوحظ أن تركيا قد تخطت إيران في ترتيب قائمة الدول الأكثر إصابة بالفيروس التاجي المستجد، كوفيد 19، حيث أصبحت في المركز الثامن عالمياً، على بعد أعداد قليلة من الصين (بؤرة ظهور الفيروس)، وأن عدد الإصابات في تركيا قد بلغ 90980 إصابة، وفي إيران قد بلغ 83505 إصابات وفي السعودية 10484 حالة إصابة، وفي الإمارات 7755 حالة، وفي قطر 6533 حالة إصابة، وفي مصر 3333 حالة، وسجلت الكويت 2080 إصابة، وفي البحرين 1907 إصابات، وفي سلطنة عُمان 1614 حالة، والعراق 1574 إصابة، وفي تونس 884 إصابة، وفي لبنان 677 إصابة، أما في الأردن فقد تم تسجيل 425 إصابة، وفي فلسطين 329 إصابة، والسودان 107 إصابات، وفي سوريا 39 إصابة».

وكتبت سارة في نهاية تقريرها: «ونتيجة للحملة الإماراتية العالمية التي دعت إلى ضرورة وأهمية توحيد جهود العالم لمكافحة فيروس كورونا المستجد، استمراراً لنهج مؤسس دولة الإمارات، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ومبادرتها بتنفيذ هذه الحملة دون تأخير، بتقديم مساعدات إنسانية للدول الأخرى للتخفيف من معاناة شعوبها في مواجهة فيروس كورونا، قامت الإمارات بإرسال مساعدات عاجلة لعدد كبير من الدول كإيطاليا وكازخستان وإيـران وكولومبيا وأوكرانيا وغيرها، بإرسال الطائرات التي تحمل مختلف المستلزمات الطبية والوقائية، أو بإنشاء المستشفيات الميدانية كما فعلت لبريطانيا، ونظراً للاستجابة العالمية لهذه الحملة، يرى الخبراء، أن تضافر الجهود وتوحيدها قد يؤدي قريباً إلى انحسار الفيروس المستجد بسرعة أكبر اعتباراً من الأول من مايو 2020، كما يرى الخبراء أن عدم التعاون الدولي وتجاهل نداءات توحيد الجهود سيتيح لهذا الفيروس أن يتمدد بصورة قد تتسبب في خسارة إنسانية واقتصادية مضاعفة، تمتد آثارها إلى سنوات طويلة».

وقالت سارة، في ختام تقريرها: «لم تشرق الشمس بعد، على علاج أو لقاح لفيروس كورونا المستجد، موجات جديدة من كوفيد 19 تجتاح العالم، الاضطراب واختلاف الرأي حول الإغلاق أو فك الحظر ما زال هو سيد الموقف، لذا فمن المتوقع، وفي حال استمرار الفيروس بالتفشي، أن تتجه أنظار العالم أجمع إلى أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات، حيث تمت الدعوة، في 14 مايو 2020 إلى الصلاة من أجل الإنسانية للدعاء والتضرع إلى الله، ليرفع عن البشرية كلها هذا الوباء، وأن يوفق الأطباء والعلماء في الوصول إلى دواء أو لقاح لهذا الفيروس الخطِر».

أنهت سارة تقريرها، ثم قامت بإرساله، نظرت إلى شروق الشمس، لم تجدها فعلاً! كانت الساعة قد شارفت على الثامنة صباحاً، فطنت أن عمر قد وعد بمرافقتها لزيارة مُنى في المستشفى، فقدمت طلب تصريح إلكتروني للخروج المؤقت، وحين حصلت عليه في دقائق، ذهبت لإيقاظ عمر فوجدته يتصبّب عرقاً ويسعل، فحصت حراراته بيدها فتفاجأت، لم تستوعب هذا التبدل السريع في حرارته، طلبت الإسعاف وتم نقله إلى الطوارئ مباشرة، تم تشخيص حالته ووصفه باشتباه الإصابة، وتم وضعه على أجهزة التنفس. في المساء، كان عمر قد توفي تاركاً في قلب سارة جرحاً عميقاً مؤلماً لم يندمل حتى يوم وفاتها، بعد أن بلغت الثالثة والسبعين.

الاثنين 22 إبريل 2050

كانت سارة قد أبلغت إيفا رسمياً، وبرمجتها قطعياً، أنه في كل يوم 22 إبريل، من كل عام، عليها أن تختفي، وأن تختفي كل التقنيات وكافة أنواع التكنولوجيا، وأنها في هذا اليوم، لا تريد الاتصال أو الاقتران مع أحد، ولا تريد أن ترى هولوغراماً لأحد، وتأتي بقهوتها وكتب عمر، وألبوم صوره، ودفتر يومياتها، وتجلس وحيدة، على شرفة بيتها، تتوقف عن تصور أنه مازال حياً، يشاركها كل لحظاتها، وتذهب في رحلة مع ذكرياتها الحقيقية، منذ عرفته لأول مرة، وحتى وفاته في 22 أبريل 2020 بسبب فيروس كورونا.

هذا العام، وفي 21 إبريل 2050، أعادت سارة برمجة إيفا، وأباحت لها أن تظهر لأول مرة، يوم ذكرى وفاة عمر، في 22 إبريل، كان الاحتفال عالمياً بالقضاء على فيروس هاكفيت، الذي لم يتمكن من عقل فرات التركي، فاتحدّ العالم، من علماء وأطباء وسياسيين واقتصاديين ورجال دين وملحدين ومشاهير وإعلاميين وجميع الشعوب في الكرة الأرضية، للالتزام بالعزل والتباعد المطلق، ودعم الجهود لاستئصال الفيروس اللولبي، ذي العشرة وجوه، من دماغ فرات، ودعم فكرة تنشيط إنتاج كرات الأوكسجين المضغوطة، التي كانت نواة بحر دبي تك الصناعي، لتغزو وتلاحق هاكفيت، بضخها كرصاص لا يخطئ الهدف، ونحو كل الفيروسات التي تكاثرت في العالم، فتحول أكثر من 50 ألف مُشغّل متطوّع مؤهّل تدربوا على أجهزة ومنصات إطلاق، إلى تحدي الحرب على هاكفيت التي استمرت شهرين متتاليين، وانتهت بمطاردة آخر فيروس، وملاحقته إلى كل مكان حاول الاختباء فيه، ثم قتله وانفجاره، وتبين أنه الفيروس الأم والأب، العنيد، الذي ظهر لأول مرة نتيجة المعارك الوهمية، غير المُجدية، بين بني البشر.

حين بلغت سارة الثلاثين، لم تكن تتمنى أن تعيش أكثر من الخمسين، لم تكن تناسبها الشيخوخة والعجز، وكانت ترى أن معظم الناس، في العالم، ليس لديهم أدنى ثقافة في معاملة كبار السن، خاصة غير المنتجين، فيهملونهم ويتجاهلونهم، بطريقة تخلو من الحب، ولكن، وحين اقتحم فيروس كورونا حياتها، في العام 2020 واختطف منها أغلى من تحب، صديقها عمر وشقيقتها نوال ثم أمها، تغير قرارها، فباتت تحارب على جبهة الوعي الاجتماعي، في أي معركة بين البشرية وبين المخلوقات الهجينة الغريبة كالفيروسات وغيرها التي كانت قديماً تودي بحياة الملايين، دون أدنى شفقة أو رحمة، وتحارب أيضاً على جبهات الحب والتسامح والأمل، بنشرها وجعلها وسماً للحياة، وكذلك على جبهة تحسين بيئة أمّنا الأرض، بتخليصها من الظواهر القاسية التي تنهش فيها، فقررت اليوم، 22 إبريل 2050، أن تحيي ذكرى وفاة عمر، وذكرى يوم الأرض، مع جميع محبيّها وأصدقائها، فكتبت: «إلى روح عمر، في ذكرى وفاته، إلى أمّنا الأرض، في يومها المكلّل بالنصر والحب والأمل: على هذه الأرض.. تُشرق الشمس من جديد».

لمتابعة الحلقات السابقة اقرأ:

Email