علي الهويريني: الابتعاد عن القراءة طريقة لإفراغ العقل من المعرفة

ت + ت - الحجم الطبيعي

رحلة طويلة قضاها المفكر السعودي علي الهويريني في دروب الفكر والأدب، بات يشكل معها قامة أدبية وفكرية لا يستهان بها، لما لديه من قدرة على التعامل مع سحر البيان، وما يمتلكه من رشاقة في اللغة، ومخزون كلمات عالٍ، مكنته من خوض الجدال مع أقرانه، فهو من أولئك الذين تعودوا قراءة الكتب والتفكر فيها، وهو يعد أول سعودي يحصل على شهادة في الإخراج السينمائي من هوليوود.

وهو من أوائل المتخرجين في جامعة كولومبيا، في عام 1985، وخلال مسيرته خاض التمثيل، وجرب المسرح والإخراج أيضاً، إلا أن الهويريني، بدا على عدم وفاق مع مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أكد لـ «البيان»، أنها باعدت كثيراً بين البشر، مشدداً على ضرورة العودة إلى الكتاب، والتمعن في القراءة من أجل صناعة الفكر.

علاقة شائكة تربط الهويريني مع الكتاب، فيما يبدو في الوقت نفسه رافضاً للواقع الذي فرضته مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قال: «أصبح العالم قرية صغيرة، بفضل شبكات التواصل والتكنولوجيا، ولكن في الواقع أن البشر تباعدوا عن بعضهم البعض، بقدر صغر هذا العالم، حيث لم نعد نتقاسم الحديث مع بعضنا البعض، وبتقديري أن السبب الرئيس في ذلك، هو تركنا للكتاب، الذي يمكننا من الوصول إلى الفكر الحقيقي، لأن تعلم الحروف والسطور، هي بمثابة معالم للذاكرة».

وأضاف: «بتقديري أنه يجب علينا إعادة الكتاب إلى مكانته العليا، وعدم التهاون به لصالح مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أرى أنها خلقت مسافة شاسعة بيننا وبين الكتاب، الذي يساعد قارئه على أن يكون صاحب حجة، وأن يكون قادراً على إثارة الأسئلة، وخلق أفكار جديدة، تسهم في عملية النهوض بفكر الأمة بشكل عام».

وأشار الهويريني إلى أن الابتعاد عن القراءة وترك الكتاب، يعد أمراً في غاية الخطورة، واصفاً إياها بـ «طريقة لإفراغ العقل من المعرفة».

ابتعاد

يؤكد الهويريني، الذي يعد أول سعودي يدرس الإخراج السينمائي في هوليوود، أن «مواقع التواصل الاجتماعي، لا يمكن أن تعطي الإنسان ما يمنحه إياه الكتاب».

وقال: «العديد من مواقع التواصل الاجتماعي، باتت تعتمد على الجمل القصيرة فقط، وذلك بتقديري أنه لا يمكن أن يساعدنا في خلق جيل مفكر أو حتى قارئ، ولذلك، فكل من يريد أن يحمل ثقافة وفكراً يغنيه عن كل شيء، عليه أن يبتعد عن هذه المواقع، والتوجه ناحية الكتاب، الذي يمكن أن يحول عقولنا إلى أشبه بحديقة متنوعة في ألوانها وأزهارها».

ونوه بأن مواقع التواصل الاجتماعي قد تساعد على نشر الاسم بين الناس، ولكنها لا تساعد أبداً على تأسيس الفكر.

«اقرأ لتتمكن من صناعة الفكر»، بهذا التعبير، يحاول أن يفسر الهويريني أهمية القراءة والتمسك بالكتاب.

وقال: «على الإنسان أن يقرأ، ليكون في رأسه علم مجمع، وهنالك من يمشي في الأرض ورأسه حديقة أو جنة، تؤتي أكلها في كل حين، وهي تسقى بنهري المعرفة والعلم، وتنبع من صخرة الثقافة، وهنا، علينا أن ندرك تماماً ما نقرأه، بحيث نكون قادرين على صناعة الفكر، وليس فقط لأن نكون مثقفين، ونعيد ما قرأنا على الناس».

وتابع: «نحتاج إلى فكر ينهض بالأمة، ويخلصها من مأزقها الذي تعيش فيه، ولكن الإشكالية التي نعاني منها حالياً، أن الكثير من الثقافة لدينا، تصل إلى حدود مدخل الأذن فقط، ولا ترتقي إلى ذلك الإنسان الذي يمشي على الأرض، وفي رأسه جنة خضراء».

مسرح

الهويريني، الذي اشتغل في التمثيل والمسرح، اعتبر أن وجود المرأة في المسرح، وكذلك الدراما، ضرورة، ولكن يجب عليها أن تكون فيه قوية، ولا تقدم على أساس أنها ضحية، مشدداً على أن المجتمعات العربية تحتاج إلى مسرح يحترم قيمها الثقافية والأخلاقية والدينية أيضاً. معرفة الهويريني بدت واسعة، حيث قام خلال سنوات عمره بقراءة القرآن ودراسته.

وعن ذلك قال: «منذ بلغت الأربعين، وأنا أدرس القرآن الكريم، وأفكر فيه، وقد وجدت أنه كتاب علم، ليعلمك منهاج الحياة، ففيه القضاء والتشريع والقصص وعلم النفس، ومن أراد أن يقرأ القرآن، عليه أن يختزل منه الحكمة، وعلينا أن ندرك كيف نفرق بين المثل والقصة في القرآن، بحيث نأخذ منها الحكمة لنستفيد، والقرآن كتاب تتعلم منه فصاحة اللسان وحسن البيان».

Email