في ذكرى وفاة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم

«أبا دبـي»

Rashid-bin-Saeed-Al-Maktoum

ت + ت - الحجم الطبيعي

أبَا دبيٍّ أبَا كلِّ الحياةِ بها

الناسُ والفكرُ والآمالُ والعملُ

 

أبا المعاني التي قد بِتَّ تزرعُها

في دارةِ الشمسِ قد زانتْ بها الشُعَلُ

 

أبَا السجايا أبَا كلِّ الكرامِ بها

أبَا التسامحِ نهجٌ ما لهُ بَدَلُ

 

دبيُّ يا موئلَ الخيراتِ منْ قِدمٍ

يا موطنَ الفضلِ فيّاضٌ بهِ الوَبِلُ

 

خلّفتها دوحةً تشدو الطيورُ بها

من فرطِ نشوتِها يبدو بها الثَّمَلُ

 

وَفرُ الحياةِ بها قدْ جَلَّ عن شَبَهٍ

فريدةٌ ما لها وصفٌ ولا مَثَلُ

 

إنيّ أراكَ بها في كلِّ زاويةٍ

من الزوايا التي تشتاقُها الُمقَلُ

 

هنا أراكَ وقد أسرجْتَ قافلةً

من فكرِكَ الثرِّ يحدو فكرَكَ الأملُ

 

في كلّ ركنٍ أرى نبضاً ينادمني

من ذكرياتٍ بَقَتْ في القلبِ تعتملُ

 

أراكَ كالقامةِ الشمّاءِ شامخةً

تحدو لنا المجدَ روْضاً كلّهُ خَضِلُ

 

أنى اتّجهنا نرى وجْهاً يطالِعنا

بالحبِ بالأمَلِ البسّامِ ينْهمِلُ

 

يبني الحضارةَ في دنياهُ سامقةً

هاماتُها بذُرى العلياءِ تتصلُ

 

أشمُّ عِطْرَكَ في الأفياءِ نفْحَ رُبى

يندى بك الفجرُ في الإبكارِ والأصُلُ

 

أراك في وَضَحٍ في كلِّ ناحيةٍ

وجْهاً مضيئاً بماءِ الطّهرِ يغتسلُ

 

أراكَ في الخورِ أسْفاناً تلوذُ بِهِ

أراكَ في عَبْرةِ التجْديفِ تنتقلُ

 

أراكَ في نسماتِ الفجرِ عابقةً

بالفلِّ والرنْدِ والريحانِ تعتملُ

 

في مجلسٍ عامرٍ بالناسِ أجمِعهِمْ

يُبدون آراءَهم لا خوفُ لا وجَلُ

 

يستقبلُ القومَ حُبّاً لا مِراءَ بِهِ

أضحى به قدوةً يسمو بِهِ المثَلُ

 

أخبارُهُ تُطبِقُ الآفاقَ حاملَةً

طِيباً من الذكرِ نفّاحاً به النَّفلُ

 

تراه بين جموعِ الناس منتشياً

يرتاحُ بينهُمُ كأنّهمْ أهَلُ

 

تواضُعاً بلغَ الغاياتِ منزلَةً

يا سيرةً نَبضُها الأفضالُ والنُّبلُ

 

يا من غدا قصّةً مثلى نتيهُ بِها

يا مَنْ بهِ حَدَقاتُ المجدِ تكتحلُ

 

تاريخهُ الفذُّ آياتٌ لقارئِهِ

فيه العِظاتُ وفيه الجِدُّ والعمَلُ

 

يا والداً ما لهُ في عصرِنا شَبَهٌ

قد جلّ من مَثَلٍ تزهو به المُثُلُ

 

أفعالُهُ الغرُّ في دنياهُ ساطعةٌ

كأنَّها الفرقدُ الوضّاءُ أو زُحَلُ

 

في كل ما شَجَرٍ يزهو بخُضْرتِهِ

والطيرُ فوقَ غصونِ الغافِ يبتهلُ

 

إذ يحمِلُ الفكرَ بنياناً غدا لغةً

للعصرِ يَسبِقُ أقوالاً لهُ العمَلُ

 

أبناؤُكَ الأوفيا يا مَنْ هُمُ أملٌ

للشعبِ من بعدِكمْ يا خَيرَ ما حَمَلوا

 

إرثُ الحضارةِ والتاريخِ يرفعُهُ

محمدٌ رايةً تاريخُها جَلَلُ

 

مثالكَ الفذُّ في فضلٍ وفي سِمةٍ

يفيضُ منه النّدى والَمنُّ والعَسَلُ

 

لم يفتِرقْ سُحنةً أو قيدَ أنمُلَةٍ

أنتمْ له سَبَقٌ في الدهرِ مكتَمِلُ

 

دبيُّ يا درّةَ الأوطانِ يا سَكَناً

للنفسِ من تعَبٍ يُنفى بها الملَلُ

 

دبيُّ يا بلْسماً للجُرحِ يا وَلَهاً

في القلبِ يا غايةً مُثْلى لمن يَسَلُ

 

عروسةَ البحرِ تُبدي طرفَ ساحرةٍ

يهفو لها القلبُ والوجدانُ والمقلُ

 

دبيُّ يا نَغَماً يا شَدْوَ أغْنِيةٍ

حروفُها الحبُّ والأحضانُ والقُبَلُ

 

بنيتَها دارةً تُغري بفتنتها

يا فتنةً قد غدتْ كالنوِر يشْتعلُ

 

تلك التي ضَمَّها في قلبهِ رجلٌ

في حبِّها نالهُ ما ليسَ يُحتَمَل

 

أدعو له اللهَ في أخْراهُ مغفرةً

يخصّهُ بالرضا والحزْنُ ينْدَمِلُ

Email