مشروعات دبي الثقافية منظومة استثنائية للتواصل الحضاري

Ⅶ مهرجان «دبي كانفس» يعمل على تقريب الفنون المعاصرة إلى المجتمع | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

تهدف الأجندة الثقافية التي أطلقتها حكومة الإمارات، والتي تعد الأولى من نوعها لتنمية القطاع الثقافي في الدولة، للفترة من 2018 إلى 2031، إلى تحقيق منظومة استثنائية، تتضمن كافة الأنشطة والفعاليات ذات الصلة بالتنمية المجتمعية، في إطار الثقافة والمعرفة ذات الصلة بالتجديد والابتكار النوعي، عبر تبني وتطبيق استراتيجيات داعمة، ترتكز على الدبلوماسية الثقافية.

وتعد الفعاليات الثقافية والفنية، من الركائز الأساسية التي تشكل المنظومة الثقافية المحلية الداعمة للحوار الحضاري، وبناء جسور التواصل بين الأمم والشعوب، من خلال تهيئة الأجواء الملائمة من قلب الحدث، والتي تعتمد على الابتكار والبحث الدؤوب عن آليات تثري المشهد الإبداعي، القائم على التواصل وفهم الآخر، فالعالم من حولنا يعيش اليوم فترة انتقال حضاري، حافلة بالكثير من قوى التغيير والتفاعلات، حيث ينقلنا المشهد الثّقافي إلى آفاقٍ أرحب، وأبعادٍ مكانيّة أسهمت بشكلٍ جليّ في إمداد هذا المشهد بروافد إنسانية مؤثرة.

أعمال محليّة وعالميّة
وتقدّم إمارة دبي فرصاً لا تُحصى ولا تُعد للاطّلاع على آخر الأعمال المحليّة والعالميّة، ضمن فعاليّات ومهرجانات على مدار السنة في عدّة أماكن معاصرة تنبض والإبداع، أحد هذه الأماكن منطقة القوز الصّناعيّة في دبيّ، التي تضُمّ معارض فنيّة مُتعدّدة، وقاعات واستوديوهات للموسيقييّن والممثلين مُخصّصةٌ للتّدريب والتّصوير والتّصميم، والتي حوّلت المناطق الصّناعيّة في دبيّ، إلى مناطق تصنع الفن، وتصدّره بجدارة، حالها كحال أشهر المراكز الفنيّة على مستوى العالم، فهي لا تختلف عن أشهر معرض ومصنع فني في العالم «فاكتوري 798» في الصّين، ويُضاف لذلك بعدٌ مكانيٌّ آخر، أسهم في الارتقاء بواجهة الثّقافة والفن، وجعلها في قلب دبيّ النّابض وفي مركزها الماليّ، وفي قريّة البوابة بالذّات، حيثُ استُثمر الفن في إطارٍ ثقافيٍّ وحضاريٍّ فريد، وتمّ التسويق له بالصّورة التي تتناسب مع صفحة دبيّ الفنيّة.

«براند دبي»
وتهدف مبادرات «براند دبي»، التي تستمر على مدار العام، في جوهرها لنقل رسالة الإمارات إلى العالم، وهي رسالة حب ومودة وتعاون وسلام، لا تعتمد فقط على إبراز جماليات النهضة في الدولة بطرق مبتكرة، ولكنها تستهدف أيضاً إثراء المشهد الإبداعي في دبي.

ولا ينفصل عن ذلك العمل على تحقيق أقصى مردود إيجابي في هذا الشأن، بالمساهمة في إعداد أجيال جديدة من المواهب المبدعة، إذ تشكل مبادرات ومشاريع «براند دبي»، ساحة مثالية للقاء المواهب الإماراتية الصاعدة بنخب المبدعين من مختلف أنحاء العالم، للحوار والنقاش واكتساب مهارات وأفكار جديدة.

حديقة الأعلام، و«جدارية سد حتّا»، وملحمة «الفارس»، و«متحف دبي الفني»، ومهرجان «دبي كانْفَس للرسم ثلاثي الأبعاد»، وغيرها من المبادرات والمشاريع، تكشف عن جوهر استراتيجية «براند دبي»، وما يسعى إلى تحقيقه من أهداف، علاوة على الرسائل الإيجابية التي يرمي إلى نشرها.

كما يترجم مهرجان «دبي كانفس»، على سبيل المثال، الذي عقدت أولى دوراته في 2015، هدف «براند دبي» في تقريب الفنون الإبداعية المعاصرة إلى المجتمع، وعلى مستوى جماهيري خارج قاعات المتاحف.

ويعد «دبي كانفس»، أول مهرجان مخصص للرسم ثلاثي الأبعاد، والفنون الإبداعية الحديثة في المنطقة، ويعقد سنوياً بمشاركة نخبة من أهم وأشهر الفنانين العالميين والإماراتيين المنتمين لمدارس وتيارات مختلفة، الذين يقدمون أشكالاً فنية كلاسيكية وحديثة، تحمل جميعها صفة مشتركة واحدة، كونها تعتمد في جوهرها على المقاربة الإبداعية، لبث رسائل ضمنية للمتلقي، عن أهمية التفكير الإبداعي في حياة الأفراد.

«دبي آرت»
ويستضيف «آرت دبي» خلال شهر مارس في كل عام، نحو 90 صالة عرض فنية من الإمارات والعالم، لتشكل مزيجاً متنوعاً ومتميزاً لقاعات عرضه الرئيسة «كونتيمبوراري» معاصر، و«مودرن» حديث، المكرّس بشكل كامل للفن الحديث في القرن العشرين، من العالم العربي والشرق الأوسط وجنوب آسيا وأفريقيا، و«ماركر» الذي يُعنى كل عام بتسليط الضوء على الفنون المعاصرة من مناطق جغرافية مختلفة، أو عبر ثيمة محددة.

كما يحفل المعرض ببرنامج غير ربحي موسّع، يتضمن قائمة من المشروعات المكلفة، برنامج سينمائي وآخر إذاعيّ، برامج إقامات فنية للقيّمين والفنانين، مبادرات تعليمية للأطفال والمحترفين، ومنها مدرسة الفن السنوية «كامبُس آرت دبي»، المعرض السنوي للفائزين بـ «جائزة مجموعة أبراج للفنون»، «منتدى الفن العالمي» الذي يحظى باعتراف عالمي واسع بين النقاد والمختصين.

«أيام التصميم»
يسعى معرض «أيام التصميم دبي»، لاجتذاب الجماهير عالمياً، وتعزيز مكانة دبي كمركز إقليمي للتصميم.

هذا، وبات المعرض منصة مهمة للمصممين، لما يتيحه من مبادرات سبّاقة في هذا المجال، نذكر منها: «جائزة الفنان الناشئ في الشرق الأوسط»، و«برنامج درب التصميم للمحترفين»، حيث يقام المعرض الرائد والوحيد في منطقتي الشرق الأوسط وجنوب آسيا، لجهة تخصصه في قطع التصميم والأثاث محدودة الإصدار والمعدّة للاقتناء، بالشراكة مع «هيئة دبي للثقافة والفنون».

ويقدّم المعرض تصاميم لأهم المصممين وصالات العرض العالمية، إضافة إلى تصاميم أبدعتها المواهب الواعدة من شتّى أنحاء المعمورة.

كما يقدم «أيام التصميم دبي»، بالتعاون مع هيئة دبي للثقافة والفنون، برنامجاً غير ربحي لمجتمع التصميم المحلّي، يحفل بالعديد من الفعاليات والمشاريع، ومنها: ندوات تثقيفيّة، وورش عمل، ولقاءات حوارية مع روّاد المهنة في عالم التصميم، بالإضافة لتكليف المعرض عدداً من المصممين لإنتاج نخبة من الأعمال التركيبية على مجموعة من العروض الحيّة.

فن الأماكن العامة
مشروع «الفن في الأماكن العامّة»، أطلق عام 2010، والهدف منه عرض إبداعات المواهب الفنيّة الواعدة في الأماكن العامة، لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المتلقين للفن، وليصل فنهم إلى أكبر شريحة ممكنة من النّاس، وللخروج من الإطار التّقليدي في عرض اللّوحات ضمن معارض تخصصيّة، ويُركز المشروع على أنماط فنيّة معيّنة، مثل: الرّسم والفنون الرّقميّة والتّركيب وفنون الاستنسل والوسائط المُتعدّدة واللّوحات الجداريّة، وتترجم هذه اللّوحات، نظرة الفنانين لمدينة دبيّ، ولهويتها المميّزة، لذلك جاءت الأعمال الفنيّة لتعكس ثقافة دبيّ الإبداعيّة، وجاءت كذلك متنوّعة ومتعدّدة، فثمّة الإبداعات الرّقميّة التي تجسّد تطوّر دبيّ العمراني، والأعمال التّجريديّة التي تصوّر تراث دولة الإمارات العريق، والصّور الضوئية التي تعكس الهويّة الوطنيّة لدولة الإمارات.

وقد نُفّذت هذه الأعمال الفنيّة بأساليب تقليديّة أو عصريّة من قِبل الفنانين، فهناك اللّوحات المرسومة بالألوان المائيّة، وهناك التّصوير الفوتوغرافي، وتوجد كذلك الأعمال العصريّة، كالتّصوير باستخدام الماسح الضّوئي «سكانوغرافي»، ويُمثّل هذا المشروع مُبادرة فريدة من نوعها، لأنّه مميّز بفكرته المرنة في عرض الأعمال الفنيّة من جهة، ولأنه يجمع الفنانين الإماراتيين والمقيمين من جهةٍ أُخرى، فكلّ يُعبّر عن رؤيته وهويته وتطلعاته بأُسلوبه الخاص.

وتتشارك مجموعة من المؤسّسات في دبيّ للإسهام في هذا المشروع كجهات داعمة ومعزّزة للفن، وذلك لتُعرض أعمال الفنانين في أماكن دبيّ العامة، وتتمازج الثّقافات بصورة تجعل المُنتج الفني يأخذ حقّه في العرض والانتشار.

«السركال أفنيو»
تعد منطقة «السركال أفنيو» في دبي، والتي تأسست عام 2007، وفي عام 2015، دشنت توسعة ضاعفت من مساحتها 3 مرات، لتشمل مجموعة كبيرة من الغاليريات الإقليمية والعالمية المعروفة والمرموقة، وحاضنة فنية وإبداعية رائدة على مستوى المنطقة، ويشكل مجتمعاً فنياً استثنائياً، يستقطب أصحاب الأفكار الخلاقة والمبتكرة.

وتقع في منطقة القوز الصناعية بدبي، وتحتضن غاليريهات فنية معاصرة، ومساحات للفن البديل، وأخرى مجتمعية لتشكّل مركزاً إقليمياً محورياً لدعم حركة الفنون والثقافة. وتقام في المنطقة على مدار العام مجموعة من الفعاليات والمهرجانات والليالي الفنية المُلهمة، لتكون فرصة التقاء الفنانين مع الجمهور المهتم بالفنون.

طيران الإمارات للآداب
يعد مهرجان طيران الإمارات للآداب، أكبر تظاهرة في الشرق الأوسط تحتفي بالكلمة المكتوبة والمقروءة.

بدأ دورته الأولى عام 2009، باستضافة 65 كاتباً، وقد تطور المهرجان، واتسعت اهتماماته وأنشطته منذ ذلك الوقت، وفي عام 2018، استضاف المهرجان 180 كاتباً من أكثر من 50 بلداً، وأسهمت دورته الأخيرة بتعليم وتثقيف أكثر من 44000 زائر.

يوفر المهرجان فرصة رائعة لمواطني الإمارات والمقيمين بها وزوارها، للالتقاء بأشهر الكتاب، والمشاركة في الحوارات الأدبية، والاستماع إلى القراءات المبدعة، والمشاركة في ورش العمل، والاشتراك في العديد من المسابقات، لرفد الثقافة، وتعزيز التعليم، ونشر قيم الحوار البنّاء، وتشجيع المطالعة، كأولوية تتجاوز كل الأولويات.

أوبرا دبي
حرصت أوبرا دبي على أن تكون منصة للمشهد الفني، وعلى إمتاع سكان الإمارات وزوّارها بباقة من نخبة العروض الفنية الراقية على مدار العام، وحققت منذ افتتاحها في 31 أغسطس 2016، نجاحاً هائلاً، إذ استقبل هذا الصرح الثقافي، أكثر من 425 ألف زائرٍ للاستمتاع بما يزيد على 400 عرضٍ من أروع العروض الترفيهية، فعلى مدار العام، يستمتع زوّار أوبرا دبي، بحضور حفلات الموسيقى الكلاسيكية، وموسيقى «البوب» و«الروك» و«الجاز» والمسرحيات الموسيقية، وعروض «الباليه» و«الأوبرا» والعروض الكوميدية، إضافةً إلى مجموعةٍ من الفعاليات رفيعة المستوى، وتحدي القراءة العربي، وجائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي (HIPA).

سينما عقيل
نجحت سينما عقيل، التي تعتمد مبدأ السينما البديلة، بتقديمها أفلاماً متنوعة، بما فيها الأفلام المستقلة، التي لا تجد طريقها إلى صالات العرض التجارية، في تأسيس وتعزيز حضورها في دبي، لتعتبر واحداً من أبرز الأنشطة الفنية التي تقام على مدار العام، بدأ مشروع سينما عقيل المستقلة بـ40 مقعداً، وتمكنت من النجاح والظهور خلال سنوات في دبي، التي تطغى فيها السينما التجارية على نحو كبير.

وبدأت الفكرة منذ سنوات، حين كانت بثينة كاظم، إحدى المؤسِّسات، تتساءل دائماً عن السبب الذي يجعلها قادرة على مشاهدة الأفلام السينمائية العربية أو العالمية في برلين وباريس، في الوقت الذي لا يمكنها مشاهدة الأفلام نفسها في مدينتها، دبي. واعتمدت حينها مبدأ: «إذا فقدت الشيء أوجده»، وشرعت بثينة بالعمل على إنشاء منصة ثقافية متكاملة، تعرض من خلالها هذه الأفلام، لتنجح الفكرة.

«فاشن فووروارد»
ويعد دعم المواهب ورعايتها، من الأولويات الأساسية لإمارة دبي وحي دبي للتصميم، والذي ينطلق من قاعدة هذه الرؤية في دبي، حيث إنها أدركت منذ وقت طويل، أن الطريق إلى النمو والتطور، هو دعم المواهب المحلية ورعايتها وتثقيفها.

وشهدت فعاليات، مثل «فاشن فووروارد»، التي تدخل موسمها الثاني عشر هذا العام، مشاركة العديد من المصممين المحليين الذين دخلوا الساحة الدولية، من خلال عرض أزيائهم أمام الجمهور المحلي. وتعد مدية الشارقي وخلود بنت ثاني وأروى البنوي، من هؤلاء المصممين الذين يزدهرون بشكل مستقل في كل مكان، بدءاً من نيويورك وباريس وميلانو، وقد تعاونوا كذلك مع ماركات عالمية أخرى.

ملتقى المعاصرة
تعد فعاليات مدينة دبي، من أهم الفعاليات المؤثرة في المشهد الثقافي على المستوى المحلي والعالمي، فهي اليوم ملتقى للمعاصرة والفنون بكافّة أنواعها وأشكالها وقضاياها، تستقطب الفنانين العالميّين ومتذّوقي الفن من كل أنحاء العالم على مدار السنة.

Email