«مداما بترفلاي» تتألق في «الأوبرا السلطانية» بمسقط

مشهد من «مدام بترفلاي» في دار الأوبرا السلطانية | من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

بين دار الفنون الموسيقية ودار الأوبرا السلطانية في العاصمة العمانية مسقط، توزع إرث الأوبرا العالمية، ففي الوقت الذي شهدت فيه دار الفنون الموسيقية أول من أمس، افتتاح معرض «400 عام من الإثراء الأوبرالي» الذي نظمه «متحف فيكتوريا وآلبرت» في لندن، شهدت دار الأوبرا السلطانية، العرض الأول لأوبرا «مداما بترفلاي» (السيدة الفراشة)، وتابعه الجمهور على مدار ساعتين انتهت بتصفيق حار استمر لأكثر من ربع ساعة، ما جعل هذا اليوم فنياً بامتياز، جمع بين جمال الموسيقى والصوت، ووثق للذين اشتغلوا بهذه الفنون عبر التاريخ من خلال عديد اللوحات والمجسمات.

عالم الأوبرا

يعتبر معرض«400 عام من الإثراء الأوبرالي» أول فعالية في دار الفنون الموسيقية التي افتتحت الثلاثاء الماضي، ليكون المعرض بمثابة رحلة تاريخية تجسد بدايات الأوبرا في أواخر عصر النهضة الإيطالية لغاية وصولها إلى مسقط في 2011.

والمعرض الذي يستمر حتى 14 مارس المقبل، يعود بزواره عبر القسم الأول إلى البندقية في 1642، وعرضت فيه بعض القطع الزجاجية الثمينة، والآلات الموسيقية الغربية، ليعكس نمط حياة رجال ونساء مدينة البندقية في القرن لـ 17 حيث كتب «كلاوديو مونتيفيردي» أول أوبرا عامة بعنوان «تتويج بوبيا» التي تضمنت آنذاك توزيعات الفرق الموسيقية باستخدام آلات مثل الهاربسيكورد والعود الأوروبي وآلات نفخ، أحياناً.

ومن البندقية إلى لندن، وهو القسم الثاني الذي يبين مسيرة «هاندل» الفنية في لندن، من خلال تقديمه لأول أوبرا غنائية بالإيطالية في لندن بعنوان «رينالدو»، والتي اعتمدت على تقديم مؤثرات بصرية مثل النيران والمياه والطيور الحقيقية، ما أبهر الجمهور في القرن الـ 18، والذي تكيف مع أسلوب الموسيقي المستوحى من الطراز الأوروبي، في حين تقف الرحلة التاريخية في جزئها الثالث في فيينا، لتظهر روعة موسيقى «موتسارت» من خلال الأوبرا الفكاهية «زواج فيغارو» التي قدمت عام 1786 في فيينا، حيث رسمت شخصيات الأوبرا من الحياة اليومية، إذ اعتمد «موتسارت» على أفكار مأخوذة من مسرحية «بومارشيه» الأصلية لتقديم الخدم كأشخاص طموحين مساوين للأرستقراطيين، وهو ما يبينه العرض الموجود على الشاشة، كما ضم العرض نموذجاً لآلة بيانو تعود للعام 1788 وتتشابه مع الآلة التي قام موتسارت بالعزف عليها.

إبداع موسيقي

ومن فيينا إلى ميلانو الإيطالية، حيث بدأ المؤلف الموسيقي«جوزيبي فيردي» مشواره الفني وسط أجواء إيطاليا الممزقة، فقد جذبته ميلانو كونها العاصمة الثقافية لشمال إيطاليا ومركزاً للأوبرا، وهناك أبدع بعد أن كلف بكتابة أوبرا مأخوذة من قصة «نابوكو» تتناول موضوعات عن الهوية والوطنية والحرب، واستطاعت آنذاك تحقيق نجاح كبير، ورسخت اسم «فيردي» عالمياً، الذي ظهرت بعض صوره في القاعة، بجانب مؤلفاته الموسيقية التي تتميز بالانسجام والتناغم، كأغنية «حلقي أيتها الأفكار» التي أصبحت النشيد الوطني الإيطالي غير الرسمي.

ليأتي بعد ذلك الجزء الخاص بباريس، وموسيقى «ريتشارد فاغنر» عندما كانت باريس عاصمة للثقافة العالمية في ستينات القرن الـ 19، حيث اعتادت العائلات الأرستقراطية استئجار مقصورة في الأوبرا بمبالغ باهظة، ويظهر على شاشة العرض الثوب الذي ارتدته الإمبراطورة «اوجيني» زوجة نابليون الثالث، في إحدى مرات حضورها الأوبرا، في حين تبين بعض لوحات «ديغاس» راقصي البالية، ويظهر أوبرا «تانهويزر» لـ «فاغنر» الذي وضعها لتناسب الذوق الفرنسي.

وينتهي المطاف في رحلة الأوبرا العالمية إلى سلطنة عُمان، حيث وصلت جولة الأوبرا إلى عمان في 2011 عندما افتتحت دار الأوبرا السلطانية - مسقط للتواصل الحضاري مع تاريخ الأوبرا العريق حول العالم.

أوبرا

تعود موسيقى أوبرا «مداما بترفلاي» لـ «جاكومو بوتشيني» وكانت قد قدمت عرضها العالمي الأول على مسرح «لاسكالا» في ميلانو عام 1904 على أنغام أوركسترا بلباو السمفونية بقيادة المايسترو «ماركو أرميلياتو» بدأ جمهور دار الأوبرا السلطانية، يتابع قصة «بترفلاي» الشابة اليابانية التي تؤدي دورها السبرانو «ماريا خوسيه سيري» مع حبيبها الضابط في البحرية الأمريكية «بنكرتون» ويقوم بدوره التينور «روبيرتو أرونيكا» والذي يتزوجها وفق الشروط اليابانية التي تتيح له أن يبطل الزواج في أي يوم، ولهذا لم يكن جدياً وسافر لبلده بعد فترة من الزواج، بينما عاشت «بترفلاي» على أمل عودته مدة 3 سنوات تربي طفلها الذي كان ثمرة زواجها منه، وخلالها يحاول القنصل الأمريكي أن يقنعها بنسيانه، بناءً على رسائل أرسلها إليها «بنكرتون» لكن حبها وانتظارها له كان في ازدياد، إلى أن عاد «بنكرتون» لكن مع زوجته الجديدة، بهدف اصطحاب الطفل معه إلى أمريكا، لتنهي حياتها بعد أن قالت «من لم يستطع العيش بكرامة فليمت بكرامة»، وينتهي العرض عندما يحمل «بنكرتون» ابنه متجهاً به لحياة جديدة غير مكترث بكل ما جرى.

ترجمة

تمكن حضور عرض «مداما بترفلاي» من قراءة الترجمة من الإيطالية إلى العربية والإنجليزية، عبر الشاشات الصغيرة الموجودة على المقاعد، وهو ما جعلهم يستمتعون بالنص الذي كتبه جوزيبي جاكوزا، ولويجي إيلكيا.

Email