خلال ندوة في «مركز جمال بن حويرب»..واحتفالاً بـ «اليوم العالمي للعربية»

هود العمراني: لغتنا نافذة للتنمية وتوطين المعرفة

ت + ت - الحجم الطبيعي

استضاف مركز جمال بن حويرب للدراسات، على هامش الاحتفالات العربية والدولية باليوم العالمي للغة العربية، الذي يوافق 18 من ديسمبر الجاري، الندوة النقدية «يوم اللغة العربية والتفكير التنموي»، التي ألقاها الدكتور هود العمراني طبيب جراحة الفم والأسنان من جامعة لوبلن الطبية - بولندا، المشرف المؤسس لحساب اليوم العالمي للغة العربية على تويتر، وهو من المشاركين الأساسيين، وعلى مدى سنوات متتالية، بإلقاء ورقة عمل في مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة - اليونسكو في باريس، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية.

حضر الندوة : بلال البدور رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، والشاعر د. شهاب غانم، ورشاد بوخش رئيس جمعية التراث العمراني . وعدد من المتخصصين والمهتمين.

مواجهة التحديات وأوضح الدكتور هود، من خلال ورقته البحثية، التي جاءت تحت عنوان «يوم اللغة العربية والتفكير التنموي»، أن السيادة اللغوية، هي نافذة الأمة للتنمية وتوطين المعرفة، مؤكداً أهمية اللغة العربية كأداة اقتصادية، فهي من أكثر اللغات انتشاراً في العالم، إذ يتقنها أكثر من 400 مليون نسمة كلغة أم، كما يتحدث بها من المسلمين غير العرب قرابة العدد نفسه، كلغة ثانية.

وسلط الدكتور هود، الضوء على ما يمكن للغة العربية أن تفعله، ليس لمواجهة تلك التحديات فحسب، بل -في الأساس- لاختيار السبيل الصحيح لبناء مستقبل يقوم على سيادة لغوية، تتفاعل مع العالم، من دون أن تضحي بنفسها، أو تنتحر في مطحنة التغريب أو التشرد اللغوي الراهن. فاللغة قوة اقتصادية جبارة، وليست مجرد موروث صوتي، أو ثقافي، ولا هي مجرد أداة تخاطب وتواصل، إنها أداة بناء.

لغة رسمية

كما تناول الدكتور هود، تحليلاً ونقداً لأهم العوامل التي تجعل من اللغة العربية لغة التنمية في الوطن العرب، وهي عوامل يمكن إجمالها في كون اللغة العربية، تحتل الموقع الرابع في عدد الناطقين بها على المستوى العالمي، بعد الإنجليزية والصينية والإسبانية، كما أنها تحتل المرتبة الثالثة من حيث الاستعمال في هيئة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، التي يقدر عددها 250 منظمة.

كما أنها لغة رسمية في هيئة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، والوكالات المتخصصة، إلى جانب الإنجليزية والفرنسية.

وتطرق المحاضر إلى بحث قدمه عالم لغويات، يدعى كيث تشين في عام 2013 في جامعة ييل الأميركية، أثبت فيه كيف أن اللغة التي نتحدث بها، تحدث الفرق، ليس على مستوى السلوك الشخصي فحسب، بل على الأداء الاقتصادي للدول.

وفرّق تشين بين نوعين من اللغات: الأولى هي اللغة المستقبلية، واللغات غير المستقبلية، أي اللغة التي يفرق أصحابها في حديثهم عادة بين الحاضر والمستقبل، وأثر ذلك في الحياة والسلوك.

مجتمع المعرفة

وأشار الدكتور هود خلال الندوة، إلى دور اللغة في مجتمع المعرفة، كمحور أساسي لتطور المنظومة الثقافية العربية، وأن اللغة محورية في منظومة الثقافة، لارتباطها بجملة مكوناتها، من فكر وإبداع وتربية وإعلام وتراث وقيم ومعتقدات، فهي الأداة التي تستخدمها جميع فروع المعرفة: الفلسفة والعلوم الإنسانية والطبيعية والفنون.

ومجتمع المعرفة، وهو مجتمع التعلم مدى الحياة، يرتكز على اللغة، سواء أكانت لغة إنسانية طبيعية، أم لغة برمجة اصطناعية، أم لغة جينية بيولوجية.

وهي ضرورية لبناء مهارات التواصل الإنسانية والأساسية في مجتمع المعرفة، وفي عالم المال والتجارة والسيطرة السياسية والإيديولوجية على أجهزة الأعلام الجماهيرية، فضلاً عن صناعة الثقافة. وبوجه عام، تحتل اللغة والخطاب المعرفي، الذي يخدم مصالح النظم والمؤسسات والأسواق، مكانة لا مثيل لها.

التأليف العلمي

وفي معرض حديثه عن كمية التأليف في المجال، أوضح الدكتور هود العمراني، أنها ضئيلة، بحيث لا يمكن بحال ما، أن تعتبر ممثلة لحالة العلم في العالم اليوم، ومن ناحية أخرى، تحتاج المؤلفات العلمية الموجودة إلى التهذيب، كما يعوزها التجانس في المصطلحات، فكثير من المدلولات العلمية، لا توجد الصيغ اللفظية لها، وبعض المدلولات توجد لها صيغ ما ضعيفة أو غير صالحة، كما أنه توجد في بعض الأحايين صيغ متعددة للمدلول الواحد، ما يؤدي إلى نوع من الفوضى في أدبنا العلمي، يجب علينا تلافيها.

والطريقة المثلى للتقدم، تكون بتأليف لجان من المتخصصين لمراجعة المؤلفات الموجودة، وتهذيبها، والعمل على تجانسها، كما تكون بتكليف القادرين منا، وتشجيعهم فرادى ومجتمعين، على وضع المؤلفات في مختلف الفروع العلمية، حتى تتألف لنا ثروة من الأدب العلمي، يصح أن يعتمد عليها علماء اللغة في استخلاص المصطلحات والعبارات العلمية في لغتنا الحديثة، وتحديد معانيها ومدلولاتها، بمعاونة العلماء المتخصصين في ذلك.

مبادرة استثنائية

جاء اليوم العالمي للغة العربية، تتويجاً للجهود المبذولة، بمبادرة الأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز آل سعود، لدعم اللغة العربية باليونسكو، حيث قرر المجلس التنفيذي للمنظمة، اعتماد يوم 18 ديسمبر، يوماً عالمياً للغة العربية، بناء على مبادرة قام بها الوفد الدائم للمملكة العربية السعودية لدى المنظمة، وبدعم كامل من قبل المجموعة العربية.

Email