«فقه الصورة والتراسل بين المخيلة والعين».. يدشن علم جمال مشترك

ت + ت - الحجم الطبيعي

في كتابه «فقه الصورة والتراسل بين المخيلة والعين: تناص القصيدة العربية مع الفنون البصرية»، الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب يدرس د. نذير العظمة، العلاقات والثيمات المشتركة بين مجمل الفنون البصرية والسمعية، والتأثيرات المتبادلة فيما بينها عبر تراسل الحواس والتَّناص، وتحوّل السمعي إلى بصري، والبصري إلى سمعي.

ويرى الكاتب: أن التلاقح بين الفنون، الذي اصطلح عليه بالتراسل، أو المقابلات، هو شأن حضاري كالتمازج أو التداخل في الأجناس الأدبية، لا يقوم على التشبيه كما في وصف الأطلال على سبيل المثال، بل يقوم بوظيفة الابتكار وعلى وجود طرفين يتم التراسل بينهما عبر المحاكاة والتصوير، وأحياناً الاختراع، ولا سيما في التشكيل.

المخيلة والعين

ويتركز التراسل، ووسيلته الأساسية المخيلة والعين، على بناء الخبرات والأشكال بين فنين من خلال حساسية الإبداع الجمالية، وبالتالي هو سعي فني للاختراع والتوليد، لا صدورا عن الطبيعة والفطرة، بل عن الصناعة والفن، معتبرا أن المقابلات التي يترجمها الكثيرون بتراسل الحواس موجودة في معظم التقاليد الأدبية، ويشير إلى أن الرمزيين، وعلى رأسهم تشارلز بودلير، جعلوا تداخل الحواس، عقيدة أساسية في مذهبهم وهي عند هؤلاء، لا تعني التعبير عن حاسة بحاسة أخرى فحسب، بل تعني أيضاً تمازج الحواس في التعبير عن النفس، مما يخلق طقسا رمزيا للقصيدة تصبح معه المعرفة كشفا والتصور حدسا، يضيف إلى الدهشة الجمالية مغامرة معرفية.

ويوضح، أن المقصود بتراسل الحواس والفنون في المنهجيات المقارنة، هو زحزحة لمصطلح المقابلات، في سياق التعبير الابداعي إلى إطار تبادل المؤثرات بين الفنون وتحولات البصري إلى سمعي، والسمعي إلى بصري.

ويحاول الكاتب، إضاءة العلاقة ما بين المخيِّلة والعين، والعين والمخيِّلة في الشعر العربي، وكيف أسهمت العين كأداة رؤية في إغناء القصيدة، وكيف أثارت القصيدة المخيلة. ويعرض لابتكار القصيدة اللوحة، واللوحة القصيدة، في تناص جدلي بين الشعر والفنون البصرية.

البعد الجمالي

ويستعرض الكاتب أمثلة لشعراء عرب، وظفوا البعد الجمالي لفن الرسم، والعمارة، والأوابد التاريخية، في تجربتهم، ومن هؤلاء أبو نواس، والبحتري، والمتنبي، وابن حمديس، وأحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، وإبراهيم ناجي، وعمر أبو ريشة، وشفيق المعلوف، وخليل مطران. ويرى أن بعض قصائد شوقي وإبراهيم لم تسجل درجة عالية من التراسل، كما لدى أبي نواس، والبحتري، فيما نجحت أخرى لأبي ريشة والمعلوف ومطران في تحويل الرسوم والآثار إلى فكرة.

ويشير بالمقابل إلى تأثر عدد من الفنانين التشكيليين، وما أبدعوه من صور بصرية مستلهمة من النص السمعي.

Email