أطلقته مؤسسة الفكر العربي خلال احتفالية في دبي

التقرير العربي للتنمية الثقافية يستعرض آليات بناء اقتصاد المعرفة

نورة الكعبي وخالد الفيصل وهنري العويط خلال الإعلان عن التقريرتصوير دينيس مالاري

ت + ت - الحجم الطبيعي

أطلقت مؤسّسة الفكر العربي التقرير العربي العاشر للتنمية الثقافية بعنوان «الابتكار أو الاندثار- البحث العلميّ العربيّ: واقعه وتحدّياته وآفاقه»، الذي يستعرض آليات بناء اقتصاد المعرفة وغيرها من محاور، وذلك في حفل أقيم في دبي أمس، بحضور نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، والأمير خالد الفيصل رئيس مؤسّسة الفكر العربي.

والأمير بندر بن خالد الفيصل، والبروفيسور هنري العَويط مدير عامّ مؤسسة الفكر العربي، ونبيه شقم وزير الثقافة الأردني، ومحمد علي الحكيم وكيل الأمين العام للأمم المتّحدة والأمين التنفيذي للإسكوا، والعالِم المصري فاروق الباز.

وأعضاء مجلسي الأمناء والإدارة، وشخصيات ثقافية وأكاديمية وعلمية ودبلوماسية، والتي ستشارك صباح اليوم في فعاليات مؤتمر «فكر 16» المفتوح بجلساته للجمهور ويستمر حتى 12 الجاري في فندق غراند حياة بدبي.

مضرب الأمثال

وألقى الأمير خالد الفيصل كلمة استهلّها بالشكر والتقدير لدولة الإمارات العربية المتّحدة بصفة عامّة ودبي بصفة خاصّة، على الاستقبال وكرم الضيافة، وعلى كلّ ما وجدناه ولقيناه في هذه الأيام المباركة من إكبار للثقافة والفكر في الوطن العربي، من قِبل هذه الدولة التي أصبحت في هذا الوقت مضرب الأمثال للدولة الفتيّة التي لا تعرف للنجاح حدوداً، وهي في كلّ يوم، تضرب مثلاً جديداً للتقدّم والازدهار وسبل المعرفة في كل توجّه.

التقرير العاشر

وأضاف خالد الفيصل: «تقدّم مؤسّسة الفكر العربي للعام العاشر على التوالي تقريرها العربي للتنمية الثقافية، فيما يشهدُ الوطن العربي مزيداً من الحروب والنزاعات والخلافات السياسية، وما ينتج عنها من أزمات اقتصادية واجتماعية وثقافية، تتزامن مع مشكلات بيئيّة، كالتصحّر وتراجع المساحات الحرجية وندرة المياه وتلوّثها.

ويستعرض التقرير العاشر هذه المشكلات كلّها موضوعياً وبالأرقام، ويركّز هذا العام على أنشطة البحث العلمي والتطوير التكنولوجي والابتكار ودورها في التنمية الشاملة والمستدامة، ليعكس إيماننا بدور الفكر والعلم والثقافة في النهوض من مرارات هذا الواقع».

وأكّد الفيصل أن التركيز على أنشطة البحث العلمي والتطوير التكنولوجي والابتكار وعلاقتها بالتنمية الشاملة والمُستدامة، ما هو إلّا حاجة علمية تقتضيها مفاهيم العصر ومتطلّباته، هذا العصر القائم على المعرفة، وعلى اقتصاد المعرفة، حيث تنشأ علاقة عضوية بين عمليّة إنتاج المعرفة واستثمارها من جهة، والنموّ الاقتصادي من جهة أخرى، وحيث تحتلّ تقنيّة المعلومات في هذا الإطار موقعاً محورياً ورئيساً.

الألفية الثالثة

ورأى الفيصل أنّه في الألفيّة الثالثة هذه، ومفاهيمها التنموية الجديدة، لم يعُد تحسين نوعيّة الحياة ورفع مستوى المعيشة قائمَين على النموّ الاقتصادي أو مشروطَين به فحسب، بل على المعرفة بشكل عام ومصادرها العلمية والتكنولوجية بشكل خاص. وأضاف: المجتمع المعرفي هو المجتمع الذي يولّد المعرفة وينشرها ويستثمرها من أجل ازدهار الأوطان ورفاهيّة مُواطنيها.

وبالتالي، لا يجوز بعد اليوم، بحسب ما يُطلعنا التقرير أن تُنفق الدول العربية على التعليم من ناتجها المحلي الإجمالي أكثر مما تنفقه دول نامية كثيرة، في حين تبقى معدّلات النمو الاقتصادي لديها أقل ممّا هي عليه في غيرها من هذه الدول.

واعتبر الفيصل أنّ التقرير يُسهم إسهاماً كبيراً في توفير قاعدة من المعارف العلمية، والبيانات المنضبطة، والإحصاءات الدقيقة في المجالات العلمية المختلفة، كخطوة أولى لا غنى عنها لاقتراح التوصيات والرؤى التي تسمح للمخطّط وللباحث ولصانع القرار، كلّ بحسب دوره، برسم السبل الكفيلة بإخراجنا من أزماتنا.

لافتاً إلى أن التقرير يحثّنا على إيلاء عناية خاصّة باستراتيجيات البحوث المستقبليّة والمخصّصات المكرّسة لتمويلها، وكأنّه يدقّ بذلك ناقوس الخطر، فيحذّرنا من تفويت فرصة اللحاق بالثورة المعرفيّة الرابعة، لأن الفرصة لا تزال متاحة أمامنا، والقرار يعود إلينا.

فإمّا مواجهة التحدّيات المصيريّة من فقر وبطالة، وهجرات، وتوتّرات سياسيّة، واضطرابات مجتمعيّة، مستعينين بمنظومة كاملة ومتكاملة تبدأ بالبحث العلمي والتطوير التكنولوجي والابتكار، وصولاً إلى التنمية الشاملة والمُستدامة، أو نبقى أسرى تبعيّة تكون الثقافة العلمية فيها ضحيّة تقاعسنا».

دور محوري

وألقت معالي نورة الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، كلمة أكّدت فيها على الدور المحوري الذي تقوم به مؤسّسة الفكر العربيّ في تطوير وتشجيع العمل الثقافي المشترك في الدول العربية، وإصدارها هذا التقرير السنوي الذي يرصد بالبحث والتحليل واقع التنمية الثقافية في 22 دولة عربية، ويتطرّق إلى إشكالات مسيرة التنمية.

ورأت أنّ التقرير يستمدّ أهمّيته من القضايا العلمية المتنوّعة التي يتطرّق لها بما يعطيه طابعاً شمولياً ريادياً يسدّ نقصاً في المكتبة العربية، حيث اعتمد على منهجيات متعدّدة جمعت بين تشخيص الواقع بصورة دقيقة من خلال عرض المعطيات والأرقام والإحصاءات وبين استشراف المستقبل عبر تقديم مجموعة من التوصيات والاقتراحات.

وأكدّت معاليها أن البحث العلمي في الدول العربية دون مستوى الطموحات، ودون مستوى الموارد التي تزخر بها هذه الدول، والناظر للواقع يجد الفجوة الكبيرة بين البحث العلمي العربي ونظيره العالمي. وركّزت في كلمتها على دور المعرفة التي أصبحت مورداً استراتيجياً في الحياة الاقتصادية.

فهي الثروة التي لا تنضب، بل يزداد حجمها يوماً بعد آخر. ورأت معاليها أنّ الابتكار الثقافي والفنّي نشاط ضروري لتشكيل مجتمع المعرفة وبناء الصناعات الإبداعية والثقافية التي تقوم على الإنتاج الثقافي والفكري.

وهو جزء مما يتناوله التقرير العربي العاشر للتنمية الثقافية الذي يقدّم تشخيصاً دقيقاً لأنشطة البحث العلمي والتطوّر التكنولوجي والابتكار في الدول العربية»، مؤكدة على أنّ الإمارات أطلقت الاستراتيجية الوطنية للابتكار والتي تهدف لجعل الإمارات ضمن الدول الأكثر ابتكاراً على مستوى العالم من خلال تعزيز دورها كمحرك رئيس للتطوير الحكومي ورافداً أساسياً للتنمية والنمو الاقتصادي.

ثلاث نقاط

من جانبه، أشار البروفيسور هنري العَويط، مدير عامّ مؤسّسة الفكر العربي، في كلمته إلى ثلاث نقاط تتعلّق بالتقرير، وخصائِصِه وسِماته، وأبرز استنتاجاتِه وتوصياته.

وأوضح أنّ دواعي تخصيص هذا التقرير للبحث العلمي وأنشطة التكنولوجيا والابتكار في الدول العربية، مُرتبطة بصورة أساسيّة، من جهة، بما حفلت به في السنوات القليلة الفائتة أنشطة البحث العلمي والابتكار من تطوّرات عميقة واكتشافات مذهلة على الصعيد العالمي، ومن جهة ثانية، بافتقار المكتبة العربية إلى تقرير متكامل يعرِضُ واقعَها الحالي في وطننا العربي، ويُبرز تحدّياتِها، ويستشرف آفاقَها ومآلاتِها.

ولفت العويط إلى أنّ المؤسّسة لا تدّعي احتكار المبادرة إلى دراسة واقع البحث العلمي في الوطن العربي، فقد وُضِعَتْ فيما مضى مجموعة من التقارير لتشخيص أوضاع منظومات البحث العلمي والتطوير التكنولوجي والابتكار في الدول العربية.

والسعيِ للنهوض بها. وأكّد على الحاجة بصورةٍ دورية إلى إصدار تقاريرَ عربية تعالج قضايا البحث العلمي، نظراً إلى تطوّر مفاهيم البحوث العلمية وعلاقتِها بمختلف القطاعات، وقدرتِها على مجابهة التحدّيات التي تواجهها الدول.

العربيات في سجلات براءة الاختراع (2010 ـ 2016)

البلد عدد طلبات براءة الاختراع المسجلة نسبة النساء المتقدمات فيها

السعودية 1477 16.9%

الإمارات 394 30.5%

مصر 302 10.6%

المغرب 236 27.1%

قطر 121 15.7%

الجزائر 43 14.0%

تونس 40 10.0%

سوريا 35 2.9%

لبنان 27 33.3%

البحرين 11 18.2%

عمان 11 00.0%

الأردن 8 12.5%

الكويت 8 37.5%

السودان 8 12.5%

ليبيا 5 00.0%

اليمن 5 20.0%

إضاءات وشهادات

يُعنى التقرير العاشر لمؤسسة الفكر العربي المعني بـ(الابتكار أو الاندثار = البحث العلميّ العربيّ: واقعه وتحدّياته وآفاقه)، كما يُذكر في مقدمة الكتاب، بمدى مقدرة مؤسسات التعليم العالي، التي أُنشئت أصلاً بهدف الربح، على تقديم أنماط من التعليم والتدريب والبحث العمليّ، تتناسب مع التحوّلات التي تشهدها منظمات التعليم في أنحاء العالم، وتستجيب لمتطلّبات التنمية الشاملة والمَستدامة.

وضم التقرير في مدخله شهادات نخبة من المفكرين والمبدعين والباحثين، وهم أحمد أبو الغيط أمين عامّ جامعة الدول العربية، والدكتور محمد علي الحكيم الأمين التنفيذي للإسكوا، والدكتور تركي بن سعود بن محمد آل سعود رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والدكتور عدنان شهاب الدين المدير العام لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وفاروق الباز العالم الأميركي من أصل مصري.

وتمحورت شهادات كل من شهاب الدين وفاروق الباز وأبو الغيط حول التغييرات التاريخية التي وصفها البعض بالثورة الصناعية الرابع، والتي تشمل ثورة معرفية هائلة شملت مجالات الحياة كافة وابتكارات تقنية متميزة تشكل ركيزة لطفرة في تطوّر الجنس البشريّ ورقيه، وإن لم يواكبها العالم العربي بخطوات مماثلة.

لكونه في مرحلة حرجة تستدعي التفكّر والعمل الدؤوب لتغيير المسار. وأهمية تدريب الشباب والاستثمار في الموارد البشرية العربية، والانفتاح على الآخر والاستفادة دونما تحفظ من تجارب المجتمعات المتقدمة وخبراتها.

نافذة على المعرفة

التقت «البيان» ثلاثة من المستنيرين والمثقفين من بلدان عربية، هي : الإمارات ولبنان والسودان، حيث سألتهم عن جدوى حضور ومتابعة الإنسان العادي لمؤتمر "فكر 16"، الذي تنظمه مؤسسة الفكر العربي اليوم في دبي، إذ أكدوا أن مثل هذا المؤتمر نافذة خلاقة على المعرفة.

تشخيص الواقع

قال بلال البدور نائب رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم في دبي : أي مؤتمر معني بالكلمة هو بمثابة نافذة على المعرفة، ويتوجه المؤتمر بجلساته وأنشطته إلى مختلف شرائح المجتمع من صنّاع القرار إلى المتلقي العادي، الذي يعنيه فهم ما يدور حوله في عالمنا العربي، ليكون قادراً على فهمها ومواجهتها بل ورسم منهج أو مسار لنفسه يساعده على تشخيص الواقع.

والأهم العثور على إجابات للعديد من التساؤلات التي تدور في ذهنه فيما يخص ما يمر به العالم العربي والغربي.

وبدوره، قال مسعود ضاهر أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية:

يعتني من يتابع جلسات المؤتمر سواء في إطار اهتماماته أو خارجها، ليس بالمعرفة وحدها بل بما تقدمه النقاشات بين مفكرين ومبدعين وأكاديميين وعلماء عرب، والتي ترتبط بنبض الواقع وانعكاساته سواء على مستوى المجتمع أو الفرد، ويخرج بزخم من الأفكار والرؤى تساعده على تحفيز أبنائه وتأسيس بيئة حاضنة فكرية ومعرفية، تساعدهم على الإبداع والابتكار الذي يعتبر صناعة تربط بين الفرد والمؤسسات وصناع القرار.

وتحدث الصادق الفقيه، دبلوماسي في السفارة السودانية عن جدوى المؤتمر: قضية المؤتمر الأساسية، النظر فيما ينتاب العالم العربي من أزمات الفوضى، وما خلفه الربيع العربي من حالات مضطربة في بعض المجتمعات. وهو بحث جدي في قضية الاستقرار والتنمية ورفاهية شعوبنا والنظر فيما يعطل هذه القيم الإيجابية. و

سيكتسب المتلقي معارف جديدة كالاطلاع على تصورات كثيرة مترابطة ومتشابكة التي تهم حياته كفرد وجزء من مجتمعات تحاول بعقول مفكريها ومثقفيها الخروج بحلول لحياته في الحاضر والمستقبل.

منشورات «أفق»

يحرص فريق عمل «فكر 16» على إصدار نشرة يومية تضمن عددها الأول المتزامن مع إطلاق التقرير برنامج المؤتمر الذي يناقش «تداعيات الفوضى وتحدّيات صناعة الاستقرار»، ونبذة عن كتاب المؤسسة الجديد أفق بعنوان «نحو نموذجٍ ثقافيٍّ جديد في عالمٍ متحوِّل»، وملحق «أفق» الثقافي الشهري.

محاور التقرير

(543 صفحة)

الفصل الأول: البحوث العلمية والتعليم العالي رافعة الابتكار والتنمية

الفصل الثاني: الثقافة والتوجهات العلمية المتاحة

الفصل الثالث: الابتكار والتطوير التكنولوجي

الفصل الرابع: آليات بناء اقتصاد المعرفة

الفصل الخامس: البحوث في خدمة المجتمع

الخاتمة: الرؤية.. والموارد والجدوى

آليات بناء اقتصاد المعرفة

يشير الدليل التجريبيّ الحديث حول أثر العَجز المعرفي والتكنولوجي وعوامل أخرى على الفروقات في النموّ الاقتصاديّ إلا أنّ إمكانيّة اللّحاق بالآخرين موجودة، لكنّها تتحقق فقط في الدول التي لديها «قدرة اجتماعيّة» قويّة، أي تلك الدول التي تستطيع تحريك الموارد الضروريّة (الاستثمارات، والتعليم، والبحوث، والتنمية..

وتشير بحوث تدريبية عدّة إلى أن الاستثمارات في البنى التحتية، والبحوث والتنمية والتعليم يجب أن يُنظر إليها كمكملات وليس كبدائل للنمو الاقتصادي، فالنظريّات القديمة للنموّ تتعامل مع التكنولوجيّات على أنها «مخططات» أو «تصاميم» يمكن المتاجرة بها في الأسواق، بينما تتعامل النظريات الحديثة للنمو معها وكأنها جزء لا يتجزأ من المؤسسة وقدراتها المعرفية.

 

 

 

 

 

Email