مثقفون وأدباء من الإمارات:

الالتزام بمعايير «شهر القراءة» يرسّخها عادة يومية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يحقق مارس، شهر القراءة الوطني، فكرة القراءة المستدامة، وهو ما يساهم في تعزيزها عادة يومية بين أفراد المجتمع الإماراتي.

فشهر القراءة الذي يقام للعام الثاني على التوالي انطلق بمساهمة نوعية تضم 1700 مبادرة وفعالية على مستوى الدولة، استبقها إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن إطلاق مبادرة لدعم المكتبات المدرسية بمليون كتاب جديد، في شتى المجالات الثقافية والفكرية والمعرفية التي تهدف إلى ترسيخ قيمة القراءة في الأجيال الجديدة.

فهذا الشهر الذي يمتد ليستوعب مساحات بحجم الفكر والمعرفة، يعمل بما يقدمه من فعاليات ومبادرات وأنشطة على ترسيخ عادة القراءة في الجيل الحالي وفي الأجيال المقبلة، بما ينعكس على المجتمع ويساهم في تطوره في مجالات عدة.

عن أهميته وعما يحققه على أرض الواقع التقت «البيان» عدداً من المثقفين والأدباء الذي أجمعوا على أن الالتزام بالمعايير الحقيقية لأهداف هذا الشهر يحقق القراءة المستدامة، كما نبهوا من فكرة أن بعض الجهات تعتبره حدثاً عابراً، بينما هو في الواقع تحفيز لباقي أشهر العام، وقدم المشاركون أفكاراً مختلفة تطور من جعل القراءة عادة يومية عند الأجيال.

فرصة للابتكار

رأت السعد المنهالي عضو اللجنة التنفيذية لتفعيل قانون القراءة في حكومة أبوظبي رئيسة تحرير مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية أن الأهمية تكمن في قانون القراءة الذي سن عام 2016 كون هدفه يمتد حتى 2020. وأضافت: تصبح بالتالي هذه العادة الحضارية سلوك كل الناس في الإمارات، ولتفعيل ذلك كان إقرار شهر القراءة، والذي لا يقصد منه إطلاقاً أن تحصر القراءة في هذا الشهر. وفسرت: إنما المقصود منه تحفيز المؤسسات لإطلاق مبادراتها في هذا الشهر، واستمرارها لباقي أشهر العام حتى مارس الذي يليه.

وقالت المنهالي: بهذا يكون أمام المؤسسات فرصة لابتكار أفكار لمبادراتها كل عام، وللاحتفاء بإنجاز مبادراتها السابقة ولمراجعتها وتجويدها حسب معطيات الواقع المتجدد. لهذا يعد هذا الشهر مهماً جداً، ويجب أن يؤخذ على محمل الجد والفعل، ولا يكون كالحفل الاعتيادي. وأوضحت: بحسب رأيي فإنه يشبه التقييم السنوي الذي تقدمه المؤسسات عن أدائها للحكومة، وتثبت من خلاله لأي درجة التزمت تمكين موظفيها والفئات المستهدفة التي تعمل لأجلها من أدوات لجعل فعل القراءة سلوكاً يومياً.

وأضافت: كوني عضواً في اللجنة التنفيذية في حكومة أبوظبي المعنية بتفعيل القراءة، أطالب بإدراج معيار تنفيذ القانون في جوائز التميز، فهو لا يقل أهمية عن معيار الابتكار أو معايير الإنتاج الأخرى المادية. وذكرت: إن فعل القراءة إحدى أهم المهارات التي يجب أن نتسلح بها لكي نتمكن من المضي بنجاح وفاعلية. وتابعت هذه هي الحقيقة التي تخبرنا بها التجربة الإنسانية على اتساع التاريخ، فالخبرات لا نحصل عليها إلا بتطور تجاربنا الإنسانية، ولأن الوقت أقصر من أن نكون فيه خبرات ممتدة، فإننا ننجح بتمديدها فقط بفعل القراءة.

منطلق أساسي

قال الأديب حارب الظاهري: إن شهر القراءة امتثال جيد لأهميتها في حياة المجتمع وأفراده على اختلاف حياتهم وسنوات عمرهم، بل هي المكون الثقافي الحقيقي لأي ثقافة وانطلاقة فكرية فالقراءة هي الأساس والمنطلق.

وأضاف: إن تخصيص عام للقراءة من قبل، أمر جعل الالتفات للثقافة بمثابة الاحتفاء غير العادي وهو ما شكل مبادرات حقيقية، بين مؤسسات المجتمع. حققت بتصوري الكثير من المراد.

وأوضح الظاهري: كان من بين تصوراتي أيضاً أن يتم اعتماد شهر للقراءة، وقد تم هذا لكن الاستعدادات لم تكن طموحة أحياناً. وأضاف: إن تهيئة الأجيال أمر جميل وإعطاء هذا الشهر خاصية تبلور لهم توأمة الحياة بالقراءة، وتنشيط المدارس بتعريف أهمية الكتابة كمنظومة حياتية مهمة.

وأشار الظاهري إلى بعض المبادرات التي بدأت منذ عام القراءة مثل نشر زوايا ومكتبات صغيرة في المؤسسات الخدمية. وقال: الهدف أن يستطيع الناس قراءة بعض الكتب لكن هذه المبادرة تحتاج إلى اهتمام أكثر. كما اقترح الظاهري الاستفادة من تجربة المكتبات المتجولة، في الأماكن التي لا توجد بها مكتبات. وتابع: يمكن إقامة نشاط أدبي الهدف منه ترجمة مفاهيم القراءة بين بعض المقاهي و«الكوفي شوب».

أثر القراءة

في بداية حديثه قال الشاعر والباحث محمد نور الدين: مما لا شك فيه أن الإنسان وصل إلى قمة التحضر بدخول عصر العولمة والثورة المعلوماتية، لذلك فإن ابتعاد الإنسان عن القراءة الحرّة وغير المتطرفة، سيؤدي إلى تصادم حضاري كبير جداً وربما يكون أخطر من حروب كبرى كانت تقام في الماضي. وأضاف: لذلك فإن أثر القراءة ليس فقط إيجابياً على الأجيال القادمة بل أصبحت القراءة والانفتاح على الأفكار والثقافات هي الحل الذي يمكّن المصالحة الإنسانية وإزالة الشوائب العدائية لمجرد الاختلاف والتباين. وتابع: عليه أتمنى أن تبقى القراءة سنوياً ضمن البرامج الكبرى في جميع الدول ولمدة سنوات قادمة لتخلق جيلاً قادراً على التعايش والتنمية الفكرية والنفسية المستدامة.

وأوضح نور الدين ما اختيار شهر من شهور السنة لتحفيز المجتمع على القراءة إلا تذكير لنا بأهميتها ولكن الأهم هو أن تكون القراءة فعلاً نمارسه كأسلوب حياة يومياً.

وتابع: المهم أن يحتل مكانه وزمانه في مجتمعنا بدءاً من البيت إلى العمل إلى الشارع. وأوضح: بالتالي يكون الاستشهاد بالكتاب ونقده من أهم الوسائل التي تعيننا على تنشيط المستوى الفكري لبلوغ غاياتنا المعرفية والثقافية دائماً.

رمزية مارس

وأشارت الروائية إيمان اليوسف إلى أنه لم يعمل على تجسيد القفزة التي شهدتها الإمارات في عشر السنوات الأخيرة أكثر من عام القراءة، 2016. وقالت: لكن، لم تضمن استمرارية هذا النهج الذي وضعته قيادتنا الرشيدة شيئاً كما ضمنها تخصيص شهر مارس من كل عام شهراً للقراءة.

وأضافت: تبدأ الروزنامة السنوية في كثير من الثقافات مع نهاية هذا الشهر، الذي يتزامن مع الربيع والبدايات الجديدة. ولا أعتقد أن هناك أجمل من هذه العلاقة في التماهي بين الكتاب وهذا الشهر وما يحمل من ثيمة ورمزية.

وأوضحت أن احتشاد المبادرات والفعاليات والحراك الأدبي أجمع من صناعة للنشر وكتاب وقراء لا يمكن إلا أن ينتج عنه بصمة تتجدد وتتطور باستمرار.

وقالت اليوسف: إن الرؤية الحكيمة لدولتنا آمنت بأن لا حضارة ولا نمو ولا صناعة حقيقية للإنسان الواعي والمنتج والموهوب إلا بعلاقة مقربة مع الكتاب ورابط حميم مع المكتبة. وأضافت: على القراءة أن تأتي بشكل عفوي، لا يمكنها أن تُقحم. وتابعت: يعني هذا أن تكون جزءاً من حياة الفرد، وأن تكون ضمن ما يعيشه، ويشاهده، ويصادفه. وذكرت: شهر القراءة من كل عام يحقق لهذه المعادلة ويسعى لانتشار وإعادة بث روح الثقافة والأدب والتذكير بأهمية الكتاب والكتابة والقراءة وخاصة لمن هم خارج البُعد والمجال الأدبي.

وأضافت إلى جانب هذا هو يرتقي بالذائقة العامة، لأنها مع الوقت تصبح أكثر انتقائية. وأوضحت: بذلك تنتعش المنظومة الأدبية والثقافية والمجتمعية بشكل متكامل ومنسجم. في دولة الإمارات التي تعيش في الغد، ندرك حكومة وشعباً أن المستقبل المتميز الذي نسعى للوصول إليه لا يكون إلا بصناعة الإنسان.

فكرة مكثفة

الشاعر عيضة بن مسعود مقدم برنامج «مساكم شعر» قال: إن تحديد شهر للقراءة هو تكثيف لفكرة تعزيز اهتمام الناس بالقراءة، ويلاقي هذا الشهر اهتماماً من كل الجهات والأطراف وهو ما يعود بالفائدة على المتلقي ويشكل حافزاً كبيراً للمزيد من القراءات. وبالتالي يعزز عادة القراءة اليومية بالنسبة للمجتمع.

ورأى ابن مسعود أن هذا الشهر هو البذرة التي من الممكن أن تتفرع عنه أسابيع أو أيام لتكريس القراءة على مدار العام. والتركيز على بعض القراءات التخصصية سواء في المجالات العلمية أو الأدبية أو القراءة للطفل، وهو ما يجعل نجاح هذا الشهر متجلياً في نجاحات أخرى.

وأوضح: لتعزيز القراءة وجعلها عادة يومية سيكون هذا بعيداً عن الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بل يجب أن تستهدف التجمعات مثل المدارس وأماكن العمل إذ يجب أن يتواجد الكتاب في البيت والمدرسة وأماكن العمل بما يتناسب مع الفئة العمرية، وهو ما يساهم في تعزيز فكرة القراءة.

تحليل

قال الكاتب والناشر جمال الشحي: إن القراءة حاجة أساسية لتطور المجتمعات وتخصيص شهر للقراءة في دولة الإمارات كل عام في شهر مارس عمل حضاري يرمز للاحتفال بهذه المناسبة المهمة. وأوضح أن الدعم الحكومي لمبادرات القراءة يعطي زخماً كبيراً وأهمية كبرى لمفهوم القراءة الذي يساهم بشكل مباشر في خلق مجتمع المعرفة.

وأضاف الشحي: بعد مضي سنتين على شهر القراءة تحتاج هذه المبادرة إلى تقييم وتحليل حتى تصل للأهداف المرجوة منها، وبالتالي تكون السنوات القادمة مواكبة للتطور المعرفي في الدولة والمنطقة.

أطر ملزمة

وضع القانون الوطني للقراءة أطراً ملزمة لجميع الجهات الحكومية في القطاعات التعليمية والمجتمعية والإعلامية والثقافية لترسيخ القراءة لدى كل فئات المجتمع بمختلف المراحل العمرية.

ويغطي القانون كل ما يتصل بالقراءة من تطوير ونشر وترويج وأنظمة دعم بما يضمن استمرارية جهود تكريس القراءة ومأسسة الجهد الثقافي العام وتواصل وتيرة زخمها. ويعزز القانون التكامل بين القطاعات والقوانين الرئيسة المعنية بالعلم والثقافة وهي قوانين التعليم وحقوق الملكية الفردية والنشر والمطبوعات.

بلدية دبي تنظم «دبي تقرأ» في أحضان الطبيعة

نظمت بلدية دبي للسنة الثانية على التوالي مبادرة «دبي تقرأ» تزامناً مع شهر القراءة في عام زايد. وتأتي المبادرة استكمالاً لسلسلة المبادرات التي تطلقها بلدية دبي في شهر القراءة، للإسهام في ترسيخ ثقافة العلم والمعرفة ودعم سلسلة المشروعات الثقافية والفكرية والمعرفية.


وافتتحت المبادرة زهور الصباغ، مديرة إدارة خدمات الصحة العامة في حديقة قسم مكافحة آفات الصحة العامة ببلدية دبي، بحضور مريم بن فهد، مديرة إدارة المعرفة والإبداع، وعدد من رؤساء الأقسام.

وأكد المهندس هشام عبد الرحمن اليحيى، رئيس قسم مكافحة آفات الصحة العامة، أن مبادرة «دبي تقرأ» هي محطة معرفية مهمة، وأن المطالعة تعتبر سبباً من أسباب إعمار الكون ورقي الشعوب، وأن القراءة ستبقى دائماً وأبداً الطريق الأول لتعزيز الإبداع وصناعة المبدعين والمكتشفين والعلماء والمفكرين والدول التي تقرأ هي الدول التي تقود العالم.

وأشار اليحيى إلى أن مبادرة «دبي تقرأ» تتلخص في أنها مبادرة لتحفيز الموظفين إلى المطالعة في الطبيعة، وفي أجواء خضراء وجميلة في حديقة القسم، حيث بادر موظفو القسم بتصميم مكتبة القسم وجمع الكتب ووضعها على أرفف خشبية بين الأشجار في الحديقة، وتم ابتكار أجواء جميلة ومشجعة على القراءة، إضافة إلى عربة الكتب الخيرية التي يذهب ريعها لجهات خيرية. دبي - وام

إعلان أسماء الفائزين بـ«رادار القراءة»
أعلن المجلس الوطني للإعلام أسماء الفائزين بمسابقة «رادار القراءة» التي نظمها المجلس بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم احتفاء بشهر القراءة بهدف تمكين الطلبة من مهارة الفهم والاستيعاب القرائي ومهارة القراءة السريعة إضافة إلى ترسيخ حب القراءة وتنمية مهارات المحادثة لديهم.


وقد استهدفت المسابقة طلاب المدارس حسب ثلاث فئات.. الفئة الأولى «طلاب الصفين 8 و9» والفئة الثانية «طلاب الصفين 10 و11» والفئة الثالثة «طلاب الصف 12».
وقد شارك في المسابقة 762 طالباً وطالبة يمثلون جميع إمارات الدولة وفاز منهم 9 طلاب ثلاثة عن كل فئة.


وكرم منصور إبراهيم المنصوري مدير عام المجلس الوطني للإعلام ومروان أحمد الصوالح وكيل وزارة التربية والتعليم للشؤون الأكاديمية الطلبة الفائزين في المسابقة. وفاز كل من عبدالله أحمد المنصوري وحصة طارق محفوظ الشحي وسيف ماجد البدواوي عن الفئة الأولى وشيخة حميد الشامسي وأسماء إبراهيم الكمالي وعلي أحمد المزروعي عن الفئة الثانية وفاطمة إبراهيم المزروعي وعائشة خميس السعدي وعائشة علي الخزيمي عن الفئة الثالثة. أبوظبي - وام

Email