مثقفون اعتبروها غير موضوعية ولا تخدم الهدف التنويري المتوخى من الكُتّاب

ردود واسعة تفنّد ادعاءات يوسف زيدان

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

وجدت التصريحات الغريبة والصادمة للكاتب والروائي يوسف زيدان، حول الجزيرة العربية، والتي تفوه بها أول من أمس، في مهرجان «التويزا» المغربي، ردود فعل واسعة في الوسط الثقافي، حيث عبر العديد من الكتاب والشعراء والفاعلين في الحقل الثقافي، عن أسفهم لهذه التصريحات التي تفتقر إلى الموضوعية والدقة، كما أنها لا تخدم الهدف التنويري المتوخى من الكُتاب في التقارب الحضاري، والاحتفاء بموروثنا العربي، الذي ضرب به زيدان عرض الحائط، وقد تواصل تفاعل الكتاب والمثقفين الإماراتيين، على وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال عدة ردود فندوا فيها هذه الادعاءات.

حول تداعيات التصريحات الصادمة للروائي يوسف زيدان عن الجزيرة العربية، قال الشاعر حبيب الصايغ، الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، إن الحقيقة ناصعة، ولسنا هنا للدفاع عنها، وأن كلام زيدان مجرد تهريج يراد به لفت النظر، وعبر عن أسفه الشديد تجاه الآراء التي صرح بها الروائي والباحث يوسف زيدان، حول حضارة شبه الجزيرة العربية، فضلاً عن النعوت التي تكاد تكون عنصرية، والتي أطلقها على شعوب عربية بكاملها، ووصف الصايغ هذه الآراء، بأنها مرتجلة وغير مسؤولة.

بلبلة خطرة

وقال الصايغ: لسنا في وارد الدفاع عن الحقيقة، لأنها ناصعة، إلى الدرجة التي يصبح معها أي إنكار أو تشويه نوعاً من العمى أو الجهل أو سوء النية المبيّت، والذي لا يجدي معه أي حوار، لكننا بحاجة إلى أن نتوقف عند ظاهرة مرضية أخذت تستشري على نحو ما في الوسط الثقافي العربي، وتحدث نوعاً من البلبلة الخطرة، في ظرف نحن أحوج ما نكون فيه إلى الحكمة والتبصر.

وهذه الظاهرة، أدنى ما توصف به أنها تهريج يراد به لفت النظر بأي طريقة من الطرق، ولو جاء ذلك على حساب الحق والحقيقة، ولو كان ثمنه التضحية بروح الأخوة التي تربط بين شعوب أمتنا العربية، وهي آخر ما تبقى لنا في زمن التشرذم والضعف وانهيار القيم.

وأضاف الصايغ: ما نحتاج إليه، هو التحلي بحس المسؤولية في البحث والتحليل وقراءة التاريخ، وعدم الانجرار وراء المغالطات التي تم الترويج لها من قبل أنظمة وتيارات وقوى تخوض شعوبنا الآن أشرس معاركها ضدها.

وشدد الصايغ على أن احترام الآخر والحرص على عدم التعدي عليه، وتجنب كل ما من شأنه أن يؤذيه في تاريخه وهويته، مبدأ لا يجوز في حال من الأحوال التساهل فيه، فكيف إذا كان الطعن في الذات التي ينتمي إليها الشخص، فتاريخ شبه الجزيرة العربية لا ينفصل عن تاريخ أي مدينة أو عاصمة عربية أخرى، ونحن عندما نتحدث عن حضارة عربية، لا نتحدث عن حضارات في الخليج أو العراق أو الشام أو مصر أو المغرب، بل عن وجود متكامل متصل، يغذي بعضه بعضاً، ويدعمه، ويمنحه شخصيته وهويته.

وأكد أن ما ذكره الروائي والباحث من عواصم عربية، هي حواضر فعلاً، وموضع اعتزاز، لكن لا يصح تجاوز أدوار تاريخية فاعلة ومؤثرة بالسوية نفسها لحواضر الجزيرة العربية والخليج العربي، وقد كان بعضها مهبط الوحي، ومركز الإشعاع والتنوير على مدى القرون.

تنوع الثقافي

وكتب الدكتور علي بن تميم أمين عام جائزة الشيخ زايد للكتاب رئيس تحرير «موقع 24 الإخباري»، تغريدات عدة على حسابه على «تويتر»، قال فيها: «من يقول إن حضارة شبه الجزيرة العربية مبنية بعرق عربي صافٍ، واهم بلا شك، إذ إن الحضارة لا تبنى على عرق أوحد، بل تشيد بأعراق وتنبثق من تنوع ثقافي».

وأضاف بن تميم: «بانهيار برج بابل، تبلبلت الألسن وتشققت اللغات، واختلطت الأعراق، وأضحت الحضارة العربية مزيجاً مختلطاً، لا مزية فيها لعربي ولا أعجمي، إنها مهجنة».

وأشار د. بن تميم «من يريد أن يقول إن حضارة شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام أو بعده شيدها عرب فحسب، ويحملون جنسية عربية، فهذا مثله مثل يوسف زيدان، واهم هو الآخر».

أقدم نقش

وفي سلسلة من التغريدات، رد الشاعر والباحث سلطان العميمي مدير أكاديمية الشعر العربي، على ما قاله يوسف زيدان، متسائلاً، هل يعلم يوسف زيدان عن النقش الأقدم للأبجدية العربية، الذي اكتشف في المملكة العربية السعودية شمالي نجران، ويعود إلى القرن الخامس الميلادي.

كما كتب العميمي في تغريدة أخرى «هل يعلم زيدان أن أقدم نقش مكتوب باللغة العربية الجنوبية، تم اكتشافه في منطقة الملحية بإمارة الشارقة، ويعود إلى عام 215- 216 قبل الميلاد».

وأضاف العميمي، هل يعلم يوسف زيدان، أن أول معجم عربي هو معجم «العين» وجمع في الجزيرة العربية، وألفه وجمع مادته العالم العماني الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي. وفي إشارة منه للمغالطات والأوهام التي يمشي وراءها البعض، قال العميمي: «أحياناً لا يريد الناس سماع الحقيقة، لأنهم لا يريدون رؤية أوهامهم تتحطم».

Email