قصص قصيرة جداً

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أعلن مقدم الحفل اسم الفائز الأول في مسابقة »حفظ القرآن الكريم« لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة. عاصفة من التصفيق تجتاح الحضور..

تكريـــم

من مدخل على يمين المسرح، يخرج شيخ حسن الهندام يقتاد صبياً في الرابعة عشرة من عمره. الصبي يقلب وجهه في السقف حيناً وفي الحضور حيناً آخر.

يتخبط في مشيته. يقدم رِجلاً ويؤخر أخرى، فتشتد قبضة الشيخ على معصمه إحكاماً. يد راعي الحفل تتلقف يد الصبي تحاول أن تصافحها. يسحب الصبي يده كمن لسعته النار. يبتسم الشيخ لراعي الحفل ثم يعصر يد الصبي بيده وهو يثبتها على صندوق شهادة التقدير الذي امتدت به يد راعي الحفل.

يصرخ الصبي، يده تلطخ قطيفة الصندوق الزرقاء ببقعة حمراء، يهدر الجمهور مصفقاً.. تلتقط الكاميرا صورة لرجلين مبتسمين بينهما صبي يجهش بالبكاء.

النعل المقلوب

صاح الأخ الأكبر بأخيه الأصغر الذي ولج غرفة المعيشة للتو:

- هيه.. انظر ماذا فعلت!!

أجال الأخ الأصغر بصره في الغرفة وتساءل مذهولاً:

- ماذا فعلت؟!

لقد قلبت نعل أمي لدى دخولك.. هيا اعدله!

تجاهل الأخ الأصغر ما سمعه وقفز على الأريكة المجاورة لأخيه.

هنا صاح الأخ الأكبر مجدداً:

- أنت يا حمار.. ألا تعلم كم تتطير أمي من هذا المنظر.. اعدله حالاً و إلا…

هب الأخ الأصغر منتصباً كنخلة بين أخيه وبين شاشة التلفاز، وخاطبه وهو يصوب اصبعه باتجاهه كبندقية:

أولاً.. أنت الحمار

ثانياً: لست من قلب النعل

ثالثاً: …

وقبل أن يكمل نقطته الثالثة كان جهاز التحكم عن بعد الذي قذفه به الأخ الأكبر قد ارتطم بأنفه، وطرحه على ظهره وخيوط الدم تنسكب من أنفه المكسور.

عندما استعاد وعيه..

كانت أمه تضغط بكيسٍ من الثلج على أنفه وتمسح دموعها وتقول:

حقاً إن العجلة من الشيطان..

ليتني توقفت لأعدل النعل الذي قلبته هذا الصباح!

ليس بعد

حمي الوطيس. يدٌ تمتد لطاولتها لتجعل كومة الملفات المنتصبة على مكتبها أعلى قليلاً.. الهاتف يرن بلا توقف.. العملاء.. يتدفقون بلا هوادة، البريد الإلكتروني.. يعلن عن رسائل جديدة، رئيسة القسم.. تختلس النظر من حين لآخر للتأكد من أنها لم تمت بعد، تهرع إلى الحمام.. تصرخ.. تصرخ بكل ما أوتيت من قوة.. تصرخ إلى أن ينفجر رأسها، يرتطم فتاته بالجدار.. يلطخ المغسلة والمرآة، تخرج لتعاود إتمام مهامها.. لا أحد يعلق على اختفاء رأسها!

* كاتبة إماراتية

Email