المسرحية تجمع بين الوضوح ورفض البهرجة والتكلف

«الملك لير» في تفسير مختلف لجوناثان ميللر

مشهد من مسرحية الملك لير

ت + ت - الحجم الطبيعي

نجح المخرج المسرحي البريطاني جوناثان ميللر في إعداد صيغة مختلفة لمسرحية وليام شكسبير التراجيدية «الملك لير»، أثارت إعجاب النقاد في بريطانيا، حيث ذكرت صحيفة «غارديان» البريطانية، في تعليقها على العمل الذي يعرض على مسرح «نورثرن برودسايدز» حالياً، أن المخرج الحائز على جائزتي لورانس اوليفييه وتوني الخاصة، تمكن من الابتعاد عن مظاهر البهرجة على المسرح، وحافظ على الوضوح اللفظي ورصانة المشاهد.

وفي خطوة ماهرة، استهل مسرحيته في أوائل القرن السابع عشر، في فترة اتسمت بالتشكيك الأخلاقي بالسلطتين الأبوية والملكية. والمعروف عن المسرحية أنها تتحدث عن جنون الملك لير بعد تخليه عن مملكته لاثنتين من بناته هما ريغان وجونريل اللتين تطربانه بكلامهما المعسول، فيما ترفض ابنته الثالثة كورديليا الثناء عليه، وتخبره بصدق أنها ستحبه لأنه والدها، فيحرمها من ميراثها، ويطردها من مملكته ليتزوجها ملك فرنسا لأنها برأي هذا الأخير لا تطمع بشيء من المال، وليتبين لاحقاً أنها الوحيدة المخلصة في حبها لأبيها. وفي سياق القصة، يتمكن الملك لير من الهرب من قلعة دوفر، ومن جحود ابنتيه اللتين تآمرتا على خلعه، لينطلق هائماً على وجهه في الحقول المجاورة يهذي كالمجنون، ليموت مريضاً ذليلًا.

وكان يمكن لميللر في مواجهة هذا القدر من التراجيديا، أن يقع في فخ المؤثرات القوية، لكنه نجح في تجنب المبالغة في تجسيد الأدوار على المسرح، مظهراً تقسيم لير لمملكته كقضية عائلية خصوصية عوضاً عن أن تكون مشهداً عاماً مبهرجاً.

وقد لعب الممثل باري روتر دور الملك لير بما يلائم هذا المفهوم للمسرحية، حيث الصراع الداخلي الذي يعتمل في داخله يمثل أزمة وطنية أكبر شأناً. وبدا لير في المسرحية شخصية أب صعب المراس يتوق إلى العاطفة والحنان، أكثر منه شخصية تتسم بالعظمة والأبهة. والميزة الأهم في الأداء هي تلك الأوضاع الإنسانية التي يمكن تبيانها خلال المسرحية، حيث يضرب الملك لير رأسه بعمود المسرح اعترافاً بخطئه، ويثير ضحك الجمهور، ومع تطور القصة تجتمع نرجسيته الغاضبة مع وعي مؤثر بالذات، فيبدو كشخصية صادقة حقيقية. ويظهر ميللر أيضاً أنه «لا حماقة تعادل حماقة كهل»، ودور الأحمق الذي يؤديه الممثل فاين تايم فونتاين يصبح ضمير الملك في محنته.

إضاءة

الملك لير تعتبر واحدة من أهم إنجازات شكسبير، وكان أول أداء لها في عام 1607، ثم جرى تغيير نهايتها بنهاية سعيدة إرضاء للجمهور الذي لم يعجبه الجانب المظلم من المسرحية، لكن في القرن التاسع عشر عادت المسرحية إلى نسختها الأصلية. والتراجيديا تلحظ معاناة الطبيعة الإنسانية وظلم ذوي القربة.

Email